
عندما تزدحمُ الحياةُ بالأحداثِ، تتطاولُ أعناقُ النّاسِ للخطباءِ ليسمعوا منهم كلمةَ الحقِّ والموقفِ الشّرعيِّ في الحدثِ، وهذا في حدِّ ذاتهِ يشكّلُ ضغطاً نفسيّاً على الخطيبِ، إضافةً إلى الضّغوطِ الأخرى.
ومن الأحداثِ الأخيرةِ "نكبةُ باريسَ" في الصّحيفةِ سيّئةِ الصيتِ والتي تباينَ فيها رأيُ الخيّرينَ تبايُناً واضحاً، والتَبسَ الأمرُ فيهِ على عامّةِ النّاسِ بفعلِ الإعلامِ ومواقفِ الدولِ، فكيفَ يتعاملُ الخطيبُ مع مثلِ هذا الحدثِ ويكونُ مِشْعلَ هدايةٍ للنّاسِ؟
هذهِ بعضُ النّقاطِ التي تُعينُ الخطيبَ على التّعاملِ مع مثلِ هذهِ الأحداثِ:
1- ﻻ يلزمْ أنْ يكونٓ لكٓ موقفاً محدداً أو معلناً في كلِّ حدثٍ.
2- كُلُّ حدثٍ في الدّنيا يُمكنُ استثمارهُ لصالحِ الإسلامِ والمسلمينَ.
3- التثبّتُ منَ الأخبارِ قبل توظيفِها، والتّأنيْ وتركُ الاستعجالِ في اتّخاذِ الموقفِ، ينقذُ الخطيبَ من التّخبّطِ والسقوطِ.
4- في الأحداثِ المعاصرةِ -ومنها أحداثُ باريسَ-دوائرُ واضحةُ الحكمِ ودوائرُ مشتبهةٍ، فاجعلْ خطابكَ في الدّوائرِ الواضحةِ حمايةً لدينِكَ وعِرضِكَ.
5- يوفّقُ في الكلامِ على الأحداثِ منْ يستقرأها قبلَ حدوثِها قراءةً صحيحةً، فالبعْرةُ تدلُّ على البعيرِ، والأثرُ يدلُّ على المسيرِ.
6-من فاتهُ استقراءَ الأحداثِ قبلَ حدوثها فلا يفوتُهُ إمساكَ لسانهِ حتّى تكتملَ الصّورةُ عندهُ، فالصّمتُ حكمةٌ .. وقليلٌّ فاعلهُ.
7- فهمُ الأحداثِ المعاصرةِ يحتاجُ إلى الْتصاقٍ بكتابِ الله وسنّةِ رسولهِ، تلاوةً وتدبراً وعملاً وتحاكُماً، فَهُما الشّفاءُ لِما في الصدورِ.
8- أخْطرُ ما يُوْقعُ الخطيبَ في الأحداثِ المعاصِرةِ هي سطحيةُ قراءةِ الحدثِ وسطحيةُ التفكيرِ فيهِ.
9- موقفُ أعداءِ الإسلامِ منْ الحدثِ وطريقةُ استثمارهمْ له؛ يعطيكَ مؤشّراً لما يريدونَ التّوصلَ إليهِ من خلالهِ، فتأنّى وانتظرْ ما يتْبعُ تلكَ الأحداثِ من أفعالٍ، وستتضح لك الصورةِ ، ثمَّ أفسدْ عليهمْ مرادَهمْ.
10- تزلُّ قدمُ الخطيبِ إذا كانَ يعرفُ الحقَّ بالرِّجالِ، ويثقُلُ عليهِ أنْ يُقال "أخطأَ شيخُكَ".
11-يُضِلُّ النّاسَ الخطيبُ الذيْ يعتقدُ أنَّ أفعالَ ومواقفَ السّاسةِ في بلدانِ المسلمينَ مبنيّةٌ على شريعةِ اللهِ، فلا يُجوِّزُ مخالفتُهُمْ أو الخروجُ عنْ رأيهمْ.
12- رضى الناسِ غايةٌ لا تدركُ، ورضى الحكوماتِ "ﻻ يدومُ" فاحرصْ على رضى اللهِ الواحدِ القهّارِ.
سدّدَ اللهُ خطاكُم إخواني الخطباءُ، وجعلنيْ وإياكُمْ ممّن ينصرونَ دينهُ ويُعْلونَ كلمتَهُ في الأرضِ. والحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلّى الله وسلّمَ على نبيّنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.