هل تحتل مصر ليبيا؟
2 جمادى الأول 1436
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

مع تصاعد الأحداث في الأيام القليلة الماضية في الداخل الليبي والضربة الجوية التي أعلنت عنها مصر واستهدفت مواقع في مدينة درنة إثر عملية إعدام 21 قبطيا على أيدي من وصفوا أنفسهم بأنهم من جماعة "داعش" ووسط جدال واسع حول المسؤول الحقيقي عن هذه الجريمة وأين ارتكبت بالتحديد, بدأ الحديث يكثر عن الخطوة التالية التي ستقوم بها مصر تجاه الأوضاع في ليبيا وهل يمكن أن تصل للاحتلال؟...

 

العميل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA ومحلل الشؤون الاستخباراتية بوب باير، أشار إلى أن القوات المصرية قد تجتاح ليبيا وتحتلها بحال كان الخطر القادم من تلك البلاد كبيرا بما يكفي لتهديد الوضع المصري، مضيفا أن أمريكا مضطرة لتوسيع الحرب ضد "داعش" و"القاعدة" إلى مدن أخرى خشية انتقال تلك التنظيمات إلى دول الخليج نفسها..ف

 

ي تفس الوقت انتشرت معلومات عن دخول قوات كوماندوز مصرية إلى ليبيا لتنفيذ بعض المهام العسكرية وهو ما نفته القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر إلا أنها أكدت أن هناك تعاونا وثيقا بين الطرفين لم تكشف عن أبعاده كاملة غير أن حفتر نفسه اعترف في وقت سابق بتلقي أسلحة من مصر والإمارات قبل أزمة الاقباط المصريين الذين قتلوا على أيدي داعش...

 

لا شك أن الإحباط يسيطر على دائرة صنع القرار في مصر عقب فشلها في استصدار قرار من مجلس الامن  يتيح التدخل العسكري في ليبيا مع معارضة صريحة ليس فقط من الدول الغربية الكبرى مثل بريطانيا وأمريكا وفرنسا ولكن من دول عربية أيضا مثل تونس والجزائر وقطر..

 

بالإضافة إلى ذلك تعرضت السلطات المصرية لحرج بالغ بعد البيان الذي أصدره مجلس التعاون الخليجي دفاعا عن قطر التي اتهمها المندوب المصري في جامعة الدول العربية بالإرهاب وإن كانت دول الخليج رجعت وأصدرت توضيحا أكدت فيه دعمها لمصر فيما تتخذه من إجراءات بشأن محاربة "الإرهاب" ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد شرخ حقيقي في الموقف الدولي والعربي في كيفية مواجهة الأوضاع في ليبيا..

 

الازمة الحقيقية ليست في الاتفاق على محاربة داعش فهذا أمر لا جدال فيه دوليا وعربيا ولكن الازمة في أن البعض يعتبر كل ما عدا حفتر والحكومة الموالية له في ليبيا من "الإرهابيين" وهو أمر محل خلاف كبير بل إن الأمم المتحدة نفسها تقابل أطرافا من فجر ليبيا والمؤتمر الوطني العام في العاصمة طرابلس التي يسيطرون عليها وتدعوهم للحوار من أجل الخروج من الأزمة وهو ما يعني أنها لا تعتبرهم "إرهابيين" وكذلك بقية الدول الكبرى..مصر بوضعها الحالي ودون توافق عربي ودولي لا يمكن أن تقدم على خطوات تصعيدية في ليبيا وبالتالي من المستبعد أن تقوم باحتلال ليبيا أو التدخل بريا بصورة علنية خصوصا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد والحديث عن خفض المساعدات الخليجية, كما أن ما جرى في اليمن في عهد عبد الناصر ما زال ماثلا في ذاكرة العسكرية المصرية ويصعب تكراره في ظل التحديات الداخلية الضخمة التي تواجهها السلطة في الوقت الحالي...

 

الإعلام المصري من جهته يزايد على المسؤولين بمحاولات لتاجيج النيران والتهييج والفبركات المختلفة في محاولة لإثار الرأي العام دون اعتبار لضوابط الامن القومي وحسابات الربح والخسارة وحقائق التاريخ والجغرافيا فكل يوم يخرج أحدهم بأفكار واختراعات جديدة يريد ان يلبسها ثوب التحليل السياسي في وقت أن هذا الإعلام يستهين بأمور أخرى أكثر وضوحا لأنها لا تأتي على هواه أوهوى من يحركه مثل أن المسؤول الليبي السابق في نظام معمر القذافي أحمد قذاف الدم والذي يعيش في مصر مطلق السراح اعترف في قناة فضائية مصرية بأنه يؤيد داعش ووصفهم بالأنقياء وذلك قبل أن يتم إعدام الاقباط في ليبيا ومع ذلك ما زال حرا طليقا بل وقررت المحكمة السماح له بالسفر دون أن يكلف أحد الإعلاميين نفسه ويسأل سؤالا بريئا حول ما علاقة هذا الرجل بداعش وبإعدام المصريين في ليبيا ؟ أليس سؤالا وجيها بدلا من الترهات التي يطلقونها مساء كل يوم على عقول المشاهدين؟!