تواطؤ وخذلان لجهاد أهل الشام
26 جمادى الأول 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

استهلت ثورة الياسمين في الشام عامها الخامس بالأمس بالمزيد من التواطؤ من الدول الصليبية والصهيونية التي تزعم أنها دول صديقة للشعب السوري , ناهيك عن الخذلان من الدول العربية والإسلامية إلا من رحم ربك .

لقد انقضى العام الرابع من جهاد أهل الشام , الذي لم يكن ضد النظام النصيري الجاثم على صدورهم منذ أكثر من أربعين عاما فحسب , بل كان وما زال ضد التحالف الصهيوني الصليبي الصفوي العالمي , الذي تبدي لنا الأيام يوما بعد يوم المزيد من الأدلة على تواطئه وتآمره على هذه الثورة المباركة والجهاد المقدس .

والحقيقة أنه منذ اليوم الأول من انطلاق هذه الثورة المباركة , ومنذ الساعات الأولى من تحولها إلى السلاح والجهاد بعد أكثر من ستة أشهر من السلمية , كنا على يقين من كذب زعم الدول الكبرى – أمريكا وفرنسا وبريطانيا – بأنها مع هذه الثورة وصديقة للشعب السوري , وأنها ضد النظام السوري المجرم , إذ كيف يُعقل أن تكون هذه الدول ضد نظام صنعته بأيديها , وأوجدته لحراسة حدود ربيبتها "إسرائيل" والحفاظ على مصالحها في المنطقة ؟!

وإذا كانت هذه الدول قد أطلقت الكثير من التصريحات المطالبة بتنحي الأسد , فإنها إنما فعلت ذلك نفاقا وسياسة , بل كل الأدلة تشير إلى تواطؤها ضد الشعب السوري الذي يموت بكافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا , وعلى رأسها السلاح الكيماوي والغازات السامة , وسلاح الحصار والموت جوعا .

وعلى الرغم من تزاحم الأدلة التي تثبت تورط هذه الدول في المؤامرة ضد الجهاد الشامي المبارك , إلا البعض ما يزال يعول على مساندتها ومساعدتها لهذه الثورة المباركة , ويصدق أنها تريد إزالة النظام السوري , بينما الحقيقة أنها تريد زوال شراراة الجهاد التي انطلقت من أرض الرباط والجهاد في الشام .

فماذا يريد المتشكك من تواطؤ أمريكا مع طاغية الشام , وعدائها لثورة الياسمين أكثر من تصريح ديمستورا منذ شهر تقريبا بعد اجتماع مطول مع طاغية الشام بدمشق "بأن الأسد جزء من الحل السياسي فس سورية" وليس جزءا من المشكلة كما كانت كل التصريحات الأمريكية والغربية تؤكد .

ثم يأتي تصريح رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي ايه" جون برينان منذ أيام ليزيل شك المتشككين بموقف أمريكا المتواطئ مع النظام السوري , حيث أكد بأن الولايات المتحدة لا تريد انهيار النظام السوري والمؤسسات التابعة له .

وقد أعلنها الرجل صراحة أمام مركز أبحاث "مجلس العلاقات الخارجية" في نيويورك بقوله : "إن لا أحد منا، لا روسيا ولا الولايات المتحدة ولا التحالف "ضد الدولة الإسلامية" ولا دول المنطقة، يريد انهيار الحكومة والمؤسسات السياسية في دمشق" , بل وأكد أن "آخر ما تريد أمريكا رؤيته هو السماح للمجاهدين بالسير إلى دمشق" ، وهو باستعماله كلمة "العناصر المتطرفة" لا يقصد تنظيم الدولة فحسب , بل جميع الفصائل ذات الصبغة أو التوجه الإسلامي في الشام , وقد أعلن عن ذلك صراحة حين قال : "عناصر متطرفة" بينها "تنظيم الدولة" .

وبالأمس صرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مقابلة أجرتها قناة "سي بي إس نيوز" على هامش المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ بمصر - ردا على سؤال عن ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للتفاوض مع الأسد من أجل التوصل إلى انتقال سياسي ينهي الصراع المسلح القائم بسوريا منذ أربع سنوات؟ قال الرجل صراحة : "أجل، علينا أن نتفاوض معه في نهاية المطاف" .

لقد تناسى الرجل عشرات التصريحات الأمريكية التي تؤكد فقدان طاغية الشام شرعيته للحكم في سوريا , ولعل آخرها كان منذ أسابيع للرئيس الأمريكي نفسه باراك أوباما , كما تناسى مطالبة حكومته وحكومات كثير من الدول الغربية له بالتنحي عن السلطة .

إن هذه التصريحات الامريكية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك , أن الصفقة الأمريكية الإيرانية في المنطقة قد أوشكت على الانتهاء , وأن أحد أهم بنودها هو بيع الثورة السورية وإنقاذ النظام السوري , ولا نعني ببيع الثورة السورية أن أمريكا والدول الغربية كانت يوما معها , وإنما نعني بيعها علنا بعد محاولة التظاهر بدعمها وتأييدها في وسائل الإعلام منذ أربع سنوات .

قد يستغرب البعض من تزامن هذه التصريحات مع إعلان وزارة الخارجية الأمريكية منذ أيام بأنها تعمل مع الكونغرس لتقديم مساعدات جديدة غير فتاكة بقيمة نحو 70 مليون دولار للمعارضة السورية , ناهيك عن استعداد الجيش الأمريكي بشكل منفصل لتدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية , إلا أن هذا الاستغراب يزول إذا علمنا أن هذه الوعود المعسولة الكاذبة تشبه إلى حد كبير وعود الصهاينة للفسطينيين بإقامة دولتهم منذ أكثر من عشر سنوات , ناهيك عن أنها وإن صدقت فإنها لمواجهة "تنظيم الدولة" والفصائل الإسلامية لا لمواجهة النظام السوري .

ومع كل هذا التواطؤ الدولي والتخاذل العربي الإسلامي , إلا ان الحقيقة أن هذه الثورة المباركة ماضية نحو غايتها بإذن الله , فهي لم تبدأ بضوء أخضر أمريكي حتى تنتهي بنفس الطريقة , كما أن المجاهدين في الشام لم يأخذوا إذن البيت الأبيض حين لبوا نداء ربهم بالجهاد , حتى يتوقفوا الآن لمجرد أن أمريكا لم تعد تريد الاستمرار .