ما بعد الاطار النووي.. البوط الإيراني
15 جمادى الثانية 1436
دـ أحمد موفق زيدان

قبل 12 عاماً بدأت المفاوضات المارثوانية الأميركية ـ الإيرانية بشأن النووي ومع كل جولة ترتفع الأصوات داعية إلى التوقيع أو إلى التحذير منه ..لكن على مدى تلك المفاوضات التي تصلح للترشيح لدخول كتاب جينيس للأرقام القياسية لم أكن مهتماً بها، وأنا أتذكر دائما ما قيل للرئيس الراحل ياسر عرفات حين كان يفاوض الإسرائيلي في المقاطعة لو خرجت يا سيد الرئيس ورأيت ابتلاع المستوطنات للأرض لعرفت أن لم يبق لك أرض تفاوض عليها، حصل هذا تماماً في دنيا العرب بعد أن ابتلعت طهران أربع عواصم ولكنها غصت بهم جميعاً ونحن مشغولون أو هكذا أُشغلنا بمفاوضات النووي..

 


قبل أيام انبثق الدخان الأبيض من لوزان حيث وقع تصفية الخلافة العثمانية
، ليعلن الدخان الأبيض جرياً على اختيار البابا اتفاقاً بين الأميركي الشيطان الأكبر مع رأس الشر الأعظم الإيراني على إطار نووي يتم التوقيع عليه نهائياً بعد ثلاثة أشهر، وأجدني اليوم أيضاً لست معنياً بالحديث عن الاتفاق من حيث اللحاظ النووي ، وإنما بما يخص عالمنا العربي والإسلامي فقط..

 

 

1- كتب حاكم فرجينيا السابق جيمس غليمور مقالاً مهماً في الواشنطن تايمز حذر فيه من الجوانب المظلمة والمعتمة والمستورة في الاتفاق لا سيما وأن أوباما رفض تقديم الاتفاق إلى الكونغرس للمصادقة عليه وهو الذي حرص على تقديم ما لا يجب والمتعلق بالضربة الأميركية لبشار الأسد لتخطيه الخط الأحمر الكيماوي حين استخدمه بالغوطة، ولذا فإن المكتوم من الاتفاق حيث يحرص الجانبان الأميركي  والإيراني على ستره هو ما يهمنا كعرب ومسلمين..

 

 

2- ما يجري على الواقع من العراق إلى الشام ولبنان واليمن وغيره كله يؤكد على  أنه ما قبل  النووي وما بعده هو حقيقة واحده تتمثل  باستمرار إطلاق اليد الإيرانية ومعها البوط الإيراني بأراضي العرب مع حماية جوية للشيطان الأكبر في العراق والشام، والتعهد بالفيتو الأميركي على تزويد المعارضة السورية بالأسلحة النوعية التي تردع طيران أسد وبراميله..

 

 

3- المخاتلة والكذب والخداع الإيراني ليس بحاجة إلى من يختبره اليوم مجدداً وإلا فإن ما أعلنه خاتمي يدمره نجاد وما يصرح به ويتعهد به روحاني يقتله قاسمي بمليشيات موته التي يستقدمها من أفغانستان وغيرها، وما دام شاهد المسبحة الإيرانية بيد المرشد خامنئي فإن الكل موظف لديه ولا يملكون سوى القيام بمهمات كومبارس لا غير...

 

 

4- مسألة التزام إيران أو عدمه بما قُرر مضحك وسخيف فهذه الوكالة لم تستطع أن تفتش سابقاً وبان فشلها وعوارها في الكيماوي السوري بعد أن حصدت جائزة نوبل على عمل لم تنجزه بعد، فكيف تستطيع أن تكون أمينة على مساحات شاسعة في صحراء إيران ووسط نظام معروف بالمخاتلة والمخادعة والكذب، لكن ما دام الهدف الإيراني اليوم تنفيس داخل محتقن وعودة 110 مليار دولار سنوياً بسبب العقوبات الاقتصادية فإن التوقيع على هذا الإطار من مصلحتها بكل تأكيد، وعدمه من مصلحة خصومها الحقيقيين الذين هم اليوم خصوم في الحقيقة للشيطان الأكبر بحسب تعريفها..

 

 

5- المسألة النووية الإيرانية لم تعد تهمني كثيراً لسببين الأول لم يعد سراً أن ثمة اتفاقاً باكستانياً ـ سعودياً منذ اليوم الأول على أن المظلة النووية الباكستانية لحماية السعودية أيضاً، نظراً للتمويل السعودي للنووي الباكستاني منذ اليوم الأول، وثانياً لكون العلاقة بين الطرفين أبعد من علاقة دول وإنما علاقة روحية وشعبية انعكست بتلاحم حزبي وعسكري وأمني وشعبي وديني قلّ نظيره في عاصفة الحزم، وأربكت السياسة الإيرانية، ودفعت وزير خارجيتها لتقرير زيارة إلى باكستان  هذا الأسبوع، وثانياً النووي لم يعد سلاحاً مهدداً كما هو في السابق فقد ثبت أنه لم يستخدم منذ هيروشيما وناغازاي ولذا فهو أقرب ما يكون لسلاح " البرستيج" لا أكثر ..

 

 

6-  الترسانة العسكرية التقليدية هي ما تُقلق الخبراء العسكريين أكثر من غيرها للقدرة على الاستخدام، وما ينبغي أن يُقلق الجميع الآن هو الترسانة المليشياوية غير الحكومية التي تخزنها وتحشدها إيران من العراق ولبنان واليمن وسورية وأفغانستان وغيرها ، هي التي يتوجب مراقبتها، وهي الحروب الأسهل والأرخص كلفة هذه الأيام، ففي كل الدول التي تتدخل فيها طهران تستخدم القفاز المليشياوي وهو ما ينبغي الرد عليه بنفس الطريقة..

 

 

7- بسيطرة الحوثيين على باب المندب يعني أن 70% من التجارة العالمية غدت بأيدي إيران وهي ما تستثمره في مفاوضاتها مع الغرب والشرق إذ أن 40% من التجارة العالمية تمخر عبر مضيق هرمز بينما 30% منها تمخر عبر باب المندب، وهذا ينبغي أن يكون ضمن المجهر العربي هذه الأيام..

 

 

أخيراً إيران عرضت نفسها كمقاول للتعهدات الأميركية والغربية في المنطقة، وكالعادة تخلت أميركا عن  حلفائها في المنطقة العربية واتجهت صوب الحليف الإيراني الجديد علناً، تماماً كما فعلت قبل عقد ونصف العقد تقريباً حين انسحبت من الساحة الأفغانية إثر انهيار الاتحاد السوفياتي، فتركت باكستان، ثم صمتت على إيواء إيران لقادة القاعدة وهي التي كانت تفتش عن قطة أو كلب ربما تواجد بين شخصيات قاعدية في أفغانستان وباكستان، وعليه فإن أميركا المنسحبة من المنطقة لن تجد أفضل من المقاول والمتعهد الإيراني وهو يقول لها في لوزان إن السعودية أكثر عداءً لنا بألف مرة من إسرائيل..