لمصلحة مَن هجوم "داعش" على مخيم اليرموك ؟!
19 جمادى الثانية 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

يوما بعد يوم تزداد الشكوك حول التنظيم الذي يسمى "داعش" , وتزداد علامات الاستفهام والريبة حول نشأته وأجنداته ومصادر تمويله , وتكثر الأسئلة حول معاركه وصولاته وجولاته في سورية على وجه الخصوص , والتي كانت بمعظمها ضد المعارضة والفصائل المقاتلة ضد النظام السوري لا ضد الأخير .

منذ فترة كان التنظيم يهدد ويتوعد الغرب بالوصول إلى روما , بينما لا نراه يتوعد النظام السوري في دمشق التي هي على كل حال أقرب بكثير من روما وعواصم الغرب التي يريد استهدافها !!

واليوم يقتحم هذا التنظيم مخيم اليرموك الذي يرزح تحت حصار خانق ومشدد من قبل النظام السوري منذ تموز 2013م , والذي سبقه حصار 26 ديسمبر/ كانون الأول 2012م , والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 300 شخص بسبب الجوع والمرض , ناهيك عن معاناة الاهالي الذي اضطروا لأكل الحشائش والقطط وكل ما يمكن أن يحفظ الحياة ....فلماذا يقتحم "داعش" مخيم اليرموك ؟ ولمصلحة من هذا الهجوم الذي تسبب في قتل العشرات من قوات المعارضة ؟!

وقبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بد من إلقاء نظرة إلى أبرز الفصائل المعارضة للنظام المتواجدة في المخيم قبل الهجوم الداعشي الأخير , وهي :

1- "أكناف بيت المقدس" التي تأسست قبل فترة قصيرة من بدء الحصار المشدد على المخيم في أوائل مارس/ آذار 2013م , للدفاع عن المخيم مما يتعرض له من هجوم وانتهاكات من النظام السوري وأعوانه .

وعن هوية هذا الفصيل نقلت صحيفة القدس عن مصادر بأنه تشكل من عناصر غالبيتها فلسطينية كانت تنتمي لفصائل مختلفة , لكن أكثرهم كانوا من حركة حماس الذين دعموا "الثورة السورية"، بينما تذكر مصادر أخرى أن تلك العناصر تركت فصائلها وعملت تحت قيادة جديدة بمسمى كتائب "أكناف بيت المقدس" بعد أن رفضت الفصائل تشكيل وحدات حماية تحت مسمى واحد في ظل النزاع السياسي لمواقف الفصائل المختلفة من الأحداث التي كانت تجري في سورية .

2- جبهة النصرة التي تشير بعض المصادر إلى أن عدد مقاتليها في المخيم 300 مقاتل ......مع التأكيد على وجود بعض العناصر الموالية للنظام تحت قيادة "القيادة العامة" و"فتح الانتفاضة" و "جبهة النضال الفلسطيني" .

أما عن السبب المعلن لهجوم واقتحام داعش لمخيم اليرموك والذي بدأ أوائل هذا الشهر , فتشير بعض المصادر إلى قيام مجموعة من "أكناف بيت المقدس" باختطاف عناصر مشتبه بها بالوقوف خلف عملية اغتيال القيادي في حماس "يحيى حوراني" في المخيم في 30 من الشهر الماضي , الأمر الذي أدى إلى اشتباكات محدودة في المناطق الجنوبية للمخيم ، قبل أن تتدخل داعش بعد مبايعة أمير جبهة النصرة "أبو جعفر" لتنظيم الدولة ، ومعها بدأت المعارك حتى سيطرت "داعش" على غالبية المخيم على الرغم من المقاومة العنيفة للكتائب .

هذا هو السبب المعلن للهجوم- وهو على كل حال يشير إلى أن اغتيال "حوراني" هو السبب المباشر للأزمة - ولكن الحقيقة أنه هجوم ليس له أي مبرر سياسي أو عسكري , اللهم إلا أن تكون هناك مصالح مشتركة بين النظام و"داعش" وجهات أخرى هدفها حسم الوضع داخل المخيم ، واستخلاصه من يد المعارضة لتسليمه للنظام ، بعد سنوات من عجز النظام عن استرجاعه .

ولعل ما يرجح هذا السبب هو تزامن قيام النظام بإلقاء براميل متفجرة وصلت إلى حوالي 20 برميلاً على المناطق التي تستهدفها "داعش" وليس على "داعش" التي يزعم النظام والعالم الغربي أنه العدو الأوحد واللدود , ناهيك عن اتهامات "للجبهة الشعبية – القيادة العامة" بقيادة أحمد جبريل الموالي للنظام السوري بتسهيل دخول "داعش" إلى المخيم .

وإذا تحدثنا عن المستفيد الأول والأكبر من هذا الاقتحام والهجوم , فلا شك أن النظام السوري وحلفاءه هم المستفيدون منه بلا شك , فالنظام يريد السيطرة على المخيم من أجل تحصين كل المناطق المحاذية لقلب دمشق، وخاصة المناطق الجنوبية والشرقية , ومن المعلوم أن لمنطقة المخيم أهمية استراتيجية لتأمين وتحصين قلب العاصمة .

إن مخيم اليرموك لا يبعد عن قلب دمشق إلا حوالي 7 كلم ، بل يمكن القول بأنه من ضمن العاصمة نفسها بعد التمدد العمراني الكبير فيها , وإذا أضفنا إلى ذلك أن المخيم محاذٍ لمنطقة الميدان التي تظاهرت ضد النظام في البدايات , ثم كانت من أوائل من حمل السلاح عليه ، كما يقع المخيم في قلب منطقة مهمة وحساسة ، فبعيدا عن الشمال حيث العاصمة , فالجهات الثلاث الأخرى مشتعلة وثائرة ضد النظام , ففي الشرق أحياء التضامن ، وفي الغرب أحياء القدم ، وفي الجنوب أحياء الحجر الأسود ويلدا وببيلا .....فإن أسباب استفادة النظام من خروج هذه المنطقة الاستراتيجية من يد الفصائل المعارضة , ودخولها تحت سيطرة تنظيم مشبوه تحوم حول تعاونه مع النظام السوري الكثير من الظنون ...هي استفادة لا شك كبيرة .

وإذا أضفنا إلى كل ما سبق استفادة النظام من هذا الهجوم بخلط الأوراق داخل المخيم الفلسطيني الذي يرمز للقضية الفلسطينية التي انتهكها من خلال قتل أبنائها والناشطين بشكل أشد مما فعله الصهاينة , وتشويه صورة معارضيه من خلال تصوريهم بأنهم إرهابيون يتنازعون على المناطق والنفوذ , فإن من حق كل غيور على دماء المسلمين أن يتساءل : لمصلحة من هذا الهجوم الداعشي على مخيم اليرموك ؟!