في جملوكية الأسد: تقديس الحذاء شرط للحياة
16 رجب 1436
منذر الأسعد

شبكة CNN الإخبارية الشهيرة، بثت قبل أيام، نبأً عاجلاً يقول:

دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN) -- قبلت الإعلامية التونسية، كوثر البشرواي، على الهواء مباشرة، حذاء جندي سوري، خلال مقابلة تلفزيونية على قناة “الإخبارية السورية” التابعة لنظام بشار الأسد.

 

وذكرت البشراوي، خلال مقابلة مع برنامج "كلام سياسي" أنها حصلت على الحذاء "بوط" العسكري أثناء زيارة قامت بها إلى منطقتي صيدنايا ومعلولا في ريف دمشق قبل مدة، وأضافت: “قلت لأحد الجنود والله لن أغادر حتى أحصل على فردة "سباطك"، فتحيَّن الفرصة لحين وقت الغداء وذهب لمنزله وأحضر لي فردة "بسطار" آخر لديه كهدية لي."

 

وظهرت البشراوي في مقطع فيديو نشر بموقع "يوتيوب" وهي تستعرض الحذاء: "في ناس عم بتلبس هذا البوط وعم بتموت كرمال أمة بأكملها"، موجهة حديثها إلى مضيفتها: "طالما هذا موجود تأكدي ربنا يخللينا قادتنا طبعاً سماحة السيد، أخونا بشار وهذا الجيش وهذا الشعب"، قبل أن تبادر بتقبيل الحذاء.

*******

 

البشراوي ليست أول من يبجِّل الحذاء العسكري في معسكر المماتعة ولن تكون آخرهم، فهي "ثقافة" وضيعة يجري ترسيخها في سوريا الأسد، بخاصة منذ أن "أبدع" جيش الاحتلال الصفوي في تدمير سوريا وتهجير ثلثي مواطنيها.

 

ومع أن الاستغراب العام من هذا النمط السفيه من الرمزية، فإنني أخالف الشعور السائد، وأرى في إبراز الحذاء على رؤوس الشبيحة وممارستهم صنوف الذل بين يديه، اعترافاً ضمنياً من الطاغية بأن الذل شرط للحياة تحت حكمه.. لا بهرجة ولا زخرفة ولا مزاعم، يقول لعبيده: من يوقّر حذاء أتفه جندي قاتل عندي يستطيع العيش آمناً المدة التي يقررها أصغر وأحطّ مخبر في جيوش مخابراتي الجرارة!!

*******

 

ما أشد المفارقة بين ثقافة الذل والعبودية للحذاء، وبين شعر المبدع أحمد مطر القائل في قصيدته نعال الأحذية:

قلت للإسكاف: أحتاج لنعلٍ
خشن الجلدة.. براق الطلاءِ
أومأ اﻹسكاف للرف ورائي
قال لي:
خذ واحداً من هؤﻻءِ
كان فوق الرف صفٌّ
من مئات الشعراءِ!
ثَقُلَ اﻷمرُ على قلبي
وأبديت استيائي
قال: لم أخدعك.. صَدِّقْ
إن هذا الصنفَ
مخصوصٌ للبس الخلفاء
قلت: إني أبتغي نعلاً لرجلي
أنا لم أطلب حذاءً لحذائي!

*******

 

البشراوي ليست نشازاً عن بؤس حلف المماتعة وثقافته الرخيصة، فالأصل عند هؤلاء هو تقديس نعال القتلة: الجيش الذي لم تطأ قدما جندي منه أرض الجولان السليبة منذ أربعين عاماً، لكنه دمّر بوحشية مختلف المدن والقرى السورية، بوحشية جعلت الصهاينة يطيرون فرحاً بنذالته، لأن جيش الاحتلال اليهودي لم يبلغ هذا الحد من الدموية!!

 

ربما يندهش بعضنا من كثرة أدعياء الثقافة من الرقيق العربي المعروضين للبيع في سوق النخاسة المجوسية، وتحديداً من تونس التي فجَّر شعبها أول ثورة أزاحت طاغيتها زين العابدين بن علي..

 

والمفارقة أن كوثر البشراوي هي نفسها موضع شك لدى قطاعات واسعة من الرأي العام التونسي، بأنها كانت ترتبط بالمخلوع ابن علي بعلاقة شرعية!!وثار لغط واسع حول شاب يدّعي أنه ثمرة تلك الصلة الآثمة..

 

واشتمل الكلام عن ذلك على أحاديث لمحامي الشاب الذي يزعم أنه ابنهما، وكيف جرى تهديده في عهد الطاغية، ولقاءات متلفزة قيل فيها الكثير..

 

وسيرتها المهنية شر من سيرتها الشخصية، فهنا تبدد الوقائع تلك الشبهات الحائمة، فقد كانت انطلاقتها الإعلامية من قناة mbc، لكنها انقلبت عليها بعد أن اشتهرت من خلالها، وراحت تفتري على السعودية افتراءات لا أول لها ولا آخر..

 

الجزيرة القطرية كانت على موعد مع كوثر، فلما انقطع حبل الود، شنّت على المحطة حملة شعواء، على طريقة نظيرها الآبق غسان بن جدو.. وزعمت أنها غادرت الجزيرة لأن بيئتها تضج بكراهية الشعب السعودي- يبدو أنها كانت تتطلع إلى العودة لمحطة يملكها سعوديون ولم يتحقق حلمها!!-

 

ثم اشتراها القوم فترفضت – على غرار غسان كذلك- وأصبحت بوقاً رخيصاً بذيئاً لخامنئي وتغلغله في الجسد العربي.. والمضحك المبكي أنها تفعل ذلك باسم العروبة!!

*******

 

ردة فعل السوريين القاسية على صفاقة كوثر طبيعية، لأنها تدافع عن القتلة، الذين فعلوا بهم من الإجرام ما لم يفعله تيمورلنك وهولاكو وشارون وهتلر وستالين مجتمعين..

 

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخنة من الجمهور من العرب بعامة ومن السوريين، التي لا يمكن إعادة نشر بعضها ولو من باب التوثيق لما فيها من حدة وألفاظ غير سائغة، وهذا بعض ما يستطيع المرء نشره:

# مغردون يتهكمون على كوثر البشراوي: 'البسطار يليق بك'
# 'كم أسقط الربيع العربي من أقنعة'
# كويتية أصيلة: "يقولون ماذا استفدتم من الثورات غير الدمار ونقول يكفي أنها كشفت لنا حقيقة عقلية هؤلاء من كنا نسميهم مفكرين وكتاب ونحترمهم".
# تُقّبل بسطار جندي سوري! ماذا عن أقدام آلاف الاطفال الذين تطايرت أشلائهم بسبب براميل بشار؟! كيف انحدرت لتصبح أرخص من حذاء!".
 # ومَن يتهيَّب صعود الجبال يَعِش أبَدَ الدهر بين "الجِزَم".
# الدكتور محمد الحضيف:
إذْ تنشدُ مجداً بتقبيل النعال.. فكل النعال إلى نعال".