عون .. آية الشياطين دائماً
26 رمضان 1436
منذر الأسعد

السياسة في لبنان ليست سياسة بالمعنى المتداول علمياً،  فهي قناعٌ لمحاصصة طائفية تمنع أي بلد من الإقلاع نحو حياة مستقرة ومزدهرة.. ولذلك كان الازدهار اللبناني مدة ثلاثين سنة – 1945بين و1975م- عابراً وخادعاً، لأنه مشروط بتفاهم الكبار الذين يستقوي بهم الفرقاء الطائفيون.

 

 

 نموذج للنفاق الغربي
لبنان بتركيبته الراهنة من صنع الاستعمار الفرنسي –وفرنسا هي الأم الحنون في الوجدان الصليبي بعامة والماروني منه بخاصة-.. أي أن أم العلمانية الشرسة في العداء للكنيسة في الغرب، هي التي أقامت كياناً طائفياً، يحمل بذرة فنائه في متنه،  والطائفية تعني علاقات ما قبل الدولة بحسب الدجل الغربي النظري..
وقد سعى الاحتلال الفرنسي إلى تأسيس مجموعة من الدويلات الطائفية في سوريا-بعد سلخ لبنان منها- لكن السوريين أفشلوا تلك المؤامرة، بحكمة وتضحيات النخبة السنية التي تمثل الأكثرية الساحقة ..بالرغم من تطلعات النصيرية والدروز ومطالبته المستعمر تخصيص كيانات لهم..

 

 

كل ذلك كان تمهيداً صليبياً مدروساً، سبق مؤامرة إنشاء الكيان الصهيوني الغاصب فوق أرض فلسطين سنة 1948م.
لكن الغرب الصليبي رضي بقهر أتباعه الموارنة نسبياً، فقط عندما كلفوا عميلهم الأكثر إخلاصاً حافظ أسد، باقتحام لبنان سنة 1975 م لمنع الوطنيين اللبنانيين من السيطرة على البلد الذين كادوا يحققون ذلك بالتنسيق مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.. وبالتفاهم بين أسد واليهود جرى طرد الفدائيين الفلسطينيين من لبنان، وهو هدف عجز عنه الصهاينة من قبل، ونجح فيه عميلهم "المخلص"..

 

 

القائد النذل
لكن تبعية عون لفرنسا على النمط الماروني التقليدي، لم تنفعه كثيراً في مواجهته المسلحة مع عميل الغرب الأعرق في سجل الخيانة المجرّبة، فقد أعطت واشنطن وباريس عميلهما حافظ أسد ضوءاً أخضر لاستئصال ميشيل الذي كان قائداً للجيش وقرر الاستيلاء على السلطة.. خاض معركة عبثية ليس فيها تكافؤ عسكري ولا سياسي،  فقد قررت أمريكا يومئذٍ مكافأة حافظ تاجر المقاومة على مشاركة جيشه "العقائدي" في تحرير الكويت فقاتلت عصاباته البعثية  تحت الراية الأمريكية  جيش صدام –البعثي كذلك!!-!! وكانت بطريركية الموارنة "واقعية" فوافقت على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وترك لبنان كله لعصابات الأسد فنزعت السلاح من كل فصيل يقاوم العدو الصهيوني، وجعلته حكراً على حزب إيران بزعامة حسن نصر الله، لكي يبتلع البلد..

 

خاض عون حربه لدحر الأسد بقلب قائد رعديد جبان  وأناني  نذل، فترك جنوده للموت المجاني بأسلحة حافظ، ثم لجأ إلى السفارة الفرنسية على مدى عشرة شهور، ثم أخرجه أعمامه الفرنسيون ليمضي عشر سنوات لاجئاً سياسياً عندهم!!
وبلغ عداء عون  لقاهره حافظ، أنه كان اللبناني الوحيد الذي شارك في جلسة استماع بالكونغرس الأمريكي، عشية إقرار قانون "محاسبة سوريا"، الذي لم يكن أكثر من ديكور شكلي للتغطية على عمالة الأسد لهم ولربيبتهم الصهيونية، بدليل وقوف الطرفين مع وريثه منذ خمس سنوات وهو يبيد الشعب السوري بالأسلحة الثقيلة..

 

 

أهل السنة حيوانات!!
ولولا تعبئة الشارع اللبناني ضد عائلة الأسد عقب اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، لبقي ميشيل عون في منفاه يجترّ أحقاده ويموت بغيظه.. لكنه بدأ في مناوأة خصوم العائلة التي أذلته ومرّغت أنفه بالتراب، إلى أن انتقل إلى موقع تابع ذليل لحسن نصر الله وبشار-بتمسية: حليف للترضية والضحك على قطيعه الأرعن مثله-..
مؤخراً، تسربت أحقاده الطائفية –المحصورة في أهل السنة- فإذا به يتطاول على أهل السنة والجماعة كافة، عندما يشبههم بالحيوانات، ويصفهم بأنهم غرباء عن المنطقة!!
لا عجب في صفاقة عون وانحطاطه أخلاقياً، فالبذاءة صفة لصيقة بشخصيته، وربما لم يعرف تاريخ لبنان رجلاً اشتغل في الشأن العام يطلق شتائمه السوقية على كل من يخاصمهم!!
وما يهذي به أمام وسائل الإعلام يدعو أي سياسي يحترم نفسه،  إلى اعتزال السياسة وتطليقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى..

 

 

إن غباء عون يعميه عن حقائق التاريخ والجغرافيا.. فصليبيته الوضيعة تزيّن له أوهام تحقيق نصر حاسم على العالم الإسلامي، ما دام اليهود والصليبيون الكبار في البلدان الغربية حلفاء لسيده خامنئي.. وقد تضاعفت ضغائن الحقود الجهول عون منذ قرر الغرب- بِشِقَّيْهِ:العلماني والكنسي!! الضغط على بطريرك الموارنة السابق نصر الله بطرس صفير، حتى أرغموه  على الاستقالة، لأنه كان يعادي نيرون الشام، ويتخذ موقف الحياد الإيجابي من ثورة الشعب السوري على الطاغية وعلى الاحتلال الصفوي.. صفير كان يفعل ذلك من منطلق المحافظة على النصارى في بلاد الشام، لأنه رجل مثقف ويعي حقائق التاريخ التي يتعامى عنها الأرعن عون.