رحلة ولاية الفقيه النووية من حافة الهاوية إلى الفوز الأكبر
1 شوال 1436
عبدالستار الراوي

نزل الإيرانيون، مساء الثلاثاء 14 يوليو / تموز 2015، إلى شوارع طهران للاحتفال بنقطة الفوز الأعظم  التي استولدها الاتفاق  حول الملف النووي الذي أُبرم في فيينا بين بلادهم والدول الكبرى عبر مفاوضات شاقة استغرقت عشرات اللقاءات على مدى 22 شهرا.  بعيد الافطار (في رمضان)، بدأ مئات الاشخاص بالتوجه الى جادة ولي عصر، أطول شوارع طهران وهم يطلقون أبواق سياراتهم ابتهاجا بالانجاز الذي حققه إيران في فيينا.

 

 

 في أواسط عام 2002 كشفت مجموعة معارضة تقيم في فرنسا (المجلس الوطني للمعارضة الإيرانية (NCRI عن وجود منشأتين سريتين لتخصيب اليورانيوم في موقع "ناتانز" ومصنع للماء الثقيل في "آراك" وبعد اكتشاف خزين من خام اليورانيوم في ساجاد (مقاطعة يزد) أعلنت إيران أنها تطور استخدام مفاعل نووي صغير يعتمد على المصادر والقدرات الذاتية. قرع هذان الحدثان جرس الإنذار في أوساط السياسة والمخابرات الغربية، فالتخصيب وإنتاج الماء الثقيل، واستخراج الوقود النووي من مصادر محلية يعني بمفهومهم أن ذلك سيساهم بشكل فاعل في تطوير دورة وقود محلية ومن ثم سلاح نووي في وقت لاحق.

 

 

 

تطورات ونتائج  البرنامج النووي الإيراني

المرحلة الاولى (1953- 1957) مرحلة النشأة وإقامة البنية الأساسية:

جاءت بدايات البرنامج النووي الإيراني من خلال التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين، وكانت واشنطن قد وضعت وقتذاك أسس علاقة استراتيجية وثيقة مع نظام الشاه محمد رضا بهلوي بعد أن كانت الاستخبارات المركزية الأمريكية قد قضت على ثورة رئيس الوزراء محمد مصدق في أغسطس/ آب 1953، وهو ما دفع الشاه إلى الاعتماد بقوة على واشنطن لدعم حكمه ومساعدته على تحقيق التنمية الشاملة التي كان يطمح إليها، كما ترافق ذلك مع قيام الجانبين بتطوير درجة عالية من التعاون السياسي والاستراتيجي؛ إذ أصبح نظام الشاه حليفًا استراتيجيًّا للولايات المتحدة في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفييتي السابق والكتلة الاشتراكية، وهو ما تبلور بوضوح في انضمام إيران إلى حلف بغداد في عام 1955، وهو الحلف الذي كانت واشنطن قد أنشأته ودعمته؛ ليكون جزءًا من سلسلة الأحلاف العسكرية التي أقامتها لتطويق الاتحاد السوفييتي السابق. وجاء التعاون النووي بين إيران والولايات المتحدة من خلال برنامج حمل شعار (الذرة من أجل السلام) وهو برنامج كان الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور قد أعلنه في 8 ديسمبر 1953، في كلمته أمام الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف إتاحة الطاقة النووية أمام الاستخدامات السلمية لدول العالم، فلا يقتصر استخدامها على التسليح والدمار، ولكن أن تستخدم في أغراض التنمية وتوليد الطاقة وغير ذلك من الاستخدامات السلمية.

وعلى أساس هذا البرنامج وقعت إيران في عام 1957 مع الولايات المتحدة اتفاقية للتعاون النووي في المجالات المدنية مدتها عشر سنوات، حصلت إيران بموجبها على مساعدات نووية فنية وعلى عدة كيلو جرامات من اليورانيوم المخصب للأغراض البحثية، كما تعاون الجانبان على البحوث المتعلقة بالاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.

 

 

المرحلة الثانية : الفترة  (1968-1978)

كان إهتمام الشاه بالطاقة النووية يمثل جزءا من جهوده الرامية إلى تحويل إيران إلى قوة إقليمية عظمى. وفي بداية السبعينيات وبدعم وتشجيع الولايات المتحدة والدول الغربية على ارتياد ايران  المجال النووي شرع الشاه بإنشاء مفاعلات نووية كبيرة الحجم بلغت كلفتها التقديرية حوالي 6 مليارات دولار, وكانت الشركات الألمانية قد انتهت عام 1979 من إنجاز البنية التحتية ووعاء الاحتواء الفولاذي لأحد المفاعلات في بوشهر.

 

 

 

المرحلة الثالثة (1979- 1984): مرحلة عدم الاكتراث أو اللامبالاة بالطاقة النووية

اتخذ قادة الثورة الإيرانية, وفي مقدمتهم آية الله الخميني, موقفا سلبيا تجاه الطاقة النووية. فتم تعليق العمل  بأنشطة البرنامج النووي إلى حين.

 

 

المرحلة الرابعة  (1985-1991): استئناف النشاط النووي

اقتضت تطورات الحرب العراقية الإيرانية ونتائجها العسكرية اللاحقة، إحداث تحولات جذرية في التفكير الاستراتيجي الإيراني عموما, وفي المجال النووي خصوصا. وهو مادفع  القيادة الايرانية أن تهتم بإعادة إحياء البرنامج النووي  ونفذت إيران وقتذاك كثيرا من الأنشطة المتعلقة بتصميم الأسلحة ودورة الوقود اللازمة لصنع السلاح النووي, كما قامت بتقوية منظمة الطاقة النووية, ورصد أموال جديدة لمركز أمير آباد بالإضافة إلى تأسيس مركز أبحاث نووية جديد في جامعة أصفهان عام 1984 بمساعدة فرنسا.

 

 

 

المرحلة الخامسة  (1992 ـــ 2002)

أولت طهران  طوال عقد من الزمن اهتماما استثنائيا  بالطاقة النووية, حيث شهد البرنامج النووي الإيراني في تسعينيات القرن الفائت نشاطا مكثفا وأصبحت إيران تمتلك منذ ذلك الوقت بنية كافية لإجراء الأبحاث النووية المتقدمة تحت إشراف جامعة ـــ شريف للتكنولوجيا ـــ  بوصفها القاعدة المعرفية التي انطلق منها البرنامج النووي. وقد أشارت بعض المصادر إلى أن الأنشطة النووية نقلت من هذه الجامعة بعد أن خضعت للمراقبة الغربية, وبعد أن شاعت مخاوف من امكانية تعرض الجامعة لهجوم جوي. وفي أعقاب ذلك بادرت الحكومة بنشر وتوزيع  المنشآت النووية الإستراتيجية على مساحة واسعة , وأحاطتها بجدار هائل من السرية, تحسبا من  استهدافها عسكريا.

 

 

المرحلة السادسة: التحدي الاستعراضي وبدء الشكوك الدولية (2003-2007)

عقب قيام الولايات المتحدة باحتلال العراق وتنامي (النفوذ الايراني) داخله, اعتبرت طهران أن (العراق) قاعدة من قواعدها السياسية المساعدة في تنفيذ إستراتيجيتها الجيو سياسية في المنطقة، بعنوان مشروع  الشرق الاوسط الإسلامي، وفي هذه المرحلة تواصلت الجهود على نحو علني وصريح.

في مقابل ذلك حاولت إيران إخفاء الكثير من أنشطتها النووية وعدد من التجارب الحساسة من بينها؛ (محطة التخصيب المركزية  في نطز)، و(مفاعل الأبحاث في أراك)، حيث يجري تصنيع أجهزة الطرد المركزي، (برنامج تخصيب بالليزر). ثم منعت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية من ممارسة التفتيش الكامل لموقعي (لافيزان، شيان، برشين) .

 

 

في عام 2004، أجرت إيران اختباراً على صاروخ شهاب – 3 بتصميم "بيبي بوتل" والذي يتناسب مع أغراض حمل المواد النووية، وقد بث هذا الاختبار على التلفزيون الرسمي.

يتوافق هذا الاختبار مع ما توصلت إليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول ما قامت به إيران لمعرفة كيفية وضع حمولة تحت مقدمة رأس صاروخ شهاب  وأشارت الوكالة إلى أن إيران أحرزت تقدماً في التصرف بحمولة نصف كروية لرؤوس حربية محملة على صاروخ بواسطة عمليات محاكاة مفصلة على جهاز الكمبيوتر. 

كما سعت إيران إلى تصنيع نظام إطلاق لتفجير السلاح في الجو فوق هدف معين.  وقد حاكت طهران تفجير حمولة صاروخ على ارتفاع 600 متر. كل هذا له معنى إذا كانت الحمولة نووية ولا يترك مجالاً للشك حول نوايا إيران.

وفي ديسمبر 2004 تمكن مفتشو الوكالة الدولية نتيجة وشاية من المعارضة الإيرانية  في الخارج من الوصول إلى موقعين عسكريين سريين  هما (بارجين ولافيزان). وقد تبين أن الموقعين معدان لاختبار المتفجرات التقليدية وخزن عدد ومواد نقلت إليهما من مواقع أخرى كانت قد صنفت بأنها ذات طبيعة نووية. وفي مارس 2005 رفضت إيران الزيارة الثانية لموقع (بارجين) من قبل مفتشي الوكالة على أساس أنها زيارة غير مسوغة .

 

 

وفي أغسطس 2005 قامت السلطات الإيرانية بنزع وتفكيك أختام الوكالة ووسائل مراقبتها على منشآت نووية يعتقد بأنها تعمل بأجهزة التخصيب بالطرد المركزي في محاولة سياسية لقطع دابر أي تدخل أجنبي متواصل لا حدود له في مشروع لا يخلو من طموح ولكنه لا يزال وليداً، وفي مراحل نشأته الأولى .

في أوائل العام 2006 رفضت إيران المقترح الروسي بنقل عمليات التخصيب إلى الأراضي الروسية ضماناً لعدم لجوء الإيرانيين لاستخدامه في أغراض تصنيع سلاح نووي وقوبل الرفض الإيراني باتفاق في وجهات النظر الأوروبية والأمريكية ودعم روسيا والصين على ضرورة أن توقف إيران برنامجها النووي بشكل كامل، ومن ثم توحدت المواقف الدولية وصدر قرار مجلس محافظي الوكالة ليقضي بإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن من دون اتخاذ إجراءات عقابية في هذه المرحلة، حيث بقي الأمر متعلقاً بالشك في طبيعة هذا البرنامج ، وبذلك أصبحت إيران في مرمى فرض عقوبات عليها ما لم تمتثل لقائمة الطلبات التي احتواها قرار مجلس محافظي الوكالة .

 

 

وفي هذه المرحلة؛ أنجزت إيران إنتاج البلوتونيوم الذي يمكن استخدامه في إطلاق النيوترون.  كما أجرت دراسات على إطلاق النيوترون باستخدام ديوترايد اليورانيوم (طريقة صينية). وفي وقت ما في عام 2006، باشرت إيران القيام بأعمال تجريبية تتعلق بإطلاق النيوترون استناداً إلى التصميمات الانفجارية النووية التي اكتسبتها من شبكة العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان.  

لقد قامت المؤسسات الايرانية التي تنقل تقاريرها إلى وزارة الدفاع بدراسة آليات تفجير السلاح النووي وإجراء الاختبارات عليها (تفجير متزامن للمتفجرات الشديدة حول رأس نصف كروي حربي).   حصلت إيران من دولة أخرى (ربما تكون الباكستان) على تصور حول تصميم نظام إطلاق متعدد الرؤوس والأمر الذي كان يدعو للقلق الأكبر لدى وكالة الطاقة الذرية هو قيام شبكة عبد القدير خان ببيع تصاميم أسلحة لإيران كما فعلت مع ليبيا، حتى أن الوكالة الدولية أبدت خشيتها في ذلك الوقت من احتمال أن تكون إيران قد تلقت تصاميم متطورة (قد يكون مصدرها باكستان).

 

 

أقرت إيران أنها تقوم بإجراء تجارب باستخدام التفجيرات المتزامنة، ولكنها ادعت أن هذه التجارب لأغراض ليست نووية. ومع ذلك، أثبتت إيران عدم قدرتها على تفسير طبيعة هذه الأغراض، إذ تبين الوثائق الموجودة بحوزة الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المتطلبات الإيرانية تتوافق مع تصميم سلاح نووي فحسب. لقد أقامت إيران الأساس العملي الذي يبنى عليه الاختبار الهيدروديناميكي ("اختبارات باردة"، بدون استخدام مواد قابلة للانشطار).

 

 

المرحلة السابعة (2008- 2012): التصاعد المكثف للأنشطة النووية

  طبقا للمعلومات التي توفرت لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تتعلق على سبيل المثال بدراسات وضع النماذج (محاكاة سلوك تصنيع السلاح النووي) التي أجريت في عامي 2008 و2009.    طبقا لذلك فإن ثمة إحتمالا لدى الوكالة الدولية ، بامتلاك طهران فعلاً القدرة، ليس فقط لبناء نموذج تجريبي أولي، وإنما تمتلك أداة حربية وظيفية. ففي عام 2009، نقل عن الوكالة قولها إنها توصلت إلى نتيجة مفادها أن "إيران تمتلك معلومات كافية تجعلها قادرة على تصميم وإنتاج جهاز تفجير انشطاري من الداخل قابل للعمل"، والمعلومات المتضمنة في تقرير شهر نوفمبر 2011  كانت تؤكد على هذه النتيجة. أخيراً، وضعت إيران مخططات لاختبار نووي في المستقبل، ومن أجل ذلك قامت بدراسة الفن المعماري لموقع الاختبار (التخطيط لانفجار بعمق 400 متر تحت سطح الأرض)، وقامت بتصميم أجهزة خاصة للإطلاق بعيد المدى.  

 

 

 

المرحلة الثامنة (حافة الهاوية 2012 ـ 2013)

 تعتمد السياسة الايرانية فيما يتعلق بالملف النووي مبدأ سياسيا هاما وأساسيا وهو (كسب الوقت) منذ أن قررت المضي في برنامجها النووي منذ اوائل التسعينيات وحتى اليوم .

 فالمتابع للسياسة الايرانية يستطيع ان يلمس وعبر محطات تاريخية عديدة انّ ايران تسعى عادة خلال الأزمات الى اعتماد سياسة الـ99 درجة مئوية, فتعمل على تصعيد الوضع سياسيا وإعلاميا حتى يصل حد الغليان وقبل أن يوشك على الانفجار؛ في هذه اللحظة بالذات  لحظة حافة الهاوية، تحصل تسوية سياسية يكون التحضير لها قد تمّ على قدم وساق عبر البوابات السياسية الخلفيّة والدبلوماسية السريّة, وذلك للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب عند انتهاء الأزمة, لكن هذه السياسة خطرة للغاية ولا يمكن ضمان نجاحها بشكل دائم, فالذي يفصل النجاح عن الفشل والتسوية عن الحرب شعرة دقيقة, وأي خطأ بسيط أو غير متوقع في الحسابات أو أي خلل في توقيت تراجع التصعيد قد يؤدي الى حرب كارثية مدمرة.

 

 

المرحلة التاسعة: ( 26 نوفمبر 2013)  نقطة الفوز الصغرى

  وصف الاتفاق النووي بين المجموعة السداسية وايران، بأنه جاء نتيجة قناعة الطرفين بالتخلي عن ( سياسة عض الاصابع المتبادل) التي اضرت الجانبين  بعد أن بلغت الأزمة ذروتها ، وقاربت (حافة الهاوية). إن الانشراح الذي بدا على وجوه وزراء خارجية الدول السبع المشاركة في المفاوضات  والتهاني المتبادلة بين الوفود، بعد إعلان منسقة الاتحاد الاوروبي للشؤون السياسية " كاترين اشتون" في ساعة متأخرة مساء 26/11/2013 عن التوصل الى اتفاق لتسوية الملف النووي، أكد أن كلا من الجانبين الايراني والسداسي خرج رابحا من المفاوضات، ولم يكن هناك من خاسر إلا إسرائيل والسعودية اللتان وجدا في الاتفاق بداية استعداد من الولايات المتحدة والدول الأوروبية للتخلي عن انتهاج سياسة العداء لإيران والسعي لكسب صداقتها ولو على المدى البعيد .

 

 

وقد تضمن اتفاق جنيف ذاك ثلاث فقرات أساسية:

الفقرة الاولى؛ ديباجة تذكر ان هذا الاتفاق هو خطوة نحو حل شامل ودائم يضمن الطبيعة السلمية الحصرية للبرنامج النووي الإيراني، وتعهد إيران بإنها لن تسعى، تحت أي ظرف، لحيازة الأسلحة النووية مقابل تعهد من مجموعة الستة بأن الحل الشامل سوف يضمن لإيران التمتع بحقوقها في الطاقة النووية للأغراض السلمية وفق التزاماتها بموجب معاهدة عدم الإنتشار. وتؤكد الديباجة اخيرا على أن الحل الشامل ذو طبيعة مترابطة وفق قاعدة لا شيء متفق عليه إذا لم يتفق على كل شيء، أي أن أي نكوص عن تنفيذ أي بند من الاتفاق سيجعل الاتفاق كله لاغيا.

 

 

 

الفقرة الثانية؛ أوردت الالتزامات التي على إيران تنفيذها خلال الأشهر الستة القادمة، وهي:

1ـ ايقاف تخصيب اليورانيوم بنسبة أكثر من 5%، وتحويل نصف خزين إيران الحالي من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% الى أوكسيد اليورانيوم لاستخدامه في مفاعل طهران البحثي (ولضمان عدم استخدامه في الاغراض العسكرية)، وتخفيف تركيز النصف الآخر الى أقل من 5%.

2ـ عدم بناء أية طاردات مركزية جديدة وتوقف تجميع الطاردات التي يجري تجميعها ولم تدخل حيز التشغيل بعد.

3ـ تعلن إيران إيقاف الأنشطة في مرفقي التخصيب في ناتانز وفوردو وفي مفاعل آراك (وهو المفاعل الذي يعمل بالماء الثقيل والذي في حالة تشغيله سينتج البلوتونيوم الضروري لصنع القنبلة الذرية).

4- تتعهد إيران بتحويل الكميات التي ستخصبها بنسبة أقل من 5% الى أوكسيد اليورانيوم.

5ـ تتعهد إيران بعدم بناء أية مرافق جديدة للتخصيب ولا مرافق إعادة معالجة الوقود.

6ـ تسمح إيران بزيارات يومية من مفتشي الوكالة لمنشأتي (ناتانز) و(فوردو) لتخصيب اليورانيوم والسماح للمفتشين بالتحقق من الأفلام التي تلتقطها كاميرات المراقبة الموضوعة في المنشأتين.

7ـ  تقديم المخططات التصميمية لمفاعل الماء الثقيل في اراك والسماح للمفتشين بزيارته.

8 ـ السماح بوصول مفتشي الوكالة الى ورش تجميع الطاردات المركزية ومناجم ومطاحن اليورانيوم.

 

 

 

الفقرة الثالثة؛ تضمنت ما ستنفذه مجموعة الستة من اجراءات مقابلة وهي:

1ـ وقف جهود تخفيض صادرات النفط الإيرانية وبقاء كمية النفط الإيراني المصدَّر على مستوياته الحالية والسماح بوصول ايرادات هذه الكمية الى إيران.

2 ـ تعليق العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة على تصدير البتروكيمياويات والذهب والمعادن الثمينة والسيارات الى إيران.

3 ـ التعهد بعدم إصدار مجلس الأمن عقوبات جديدة ضد إيران.

4 ـ تعهد الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة بعدم اصدار عقوبات فردية جديدة ضد إيران على خلفية ملفها النووي.

5 ـ  تسهيل تجارة المواد الإنسانية (الغذاء والمنتجات الزراعية) الى إيران باستخدام الاموال الإيرانية المجمدة (صحيفة نيويورك تايمز تحدثت عن إطلاق من ستة الى سبعة مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة بضمنها 4،2 مليار دولار مبيعات نفط إيراني محتجزة في البنوك الأجنبية).

تمكن حسن روحاني من الإيفاء بوعده بشأن إنهاء مأزق الملف النووي، في وقت قياسي وهو مائة يوم منذ توليه الرئاسة، وهو ما جعل منصبه وسلطاته في اللحظة الراهنة مُؤمّنة بشكل واضح أكثر من أسلافه؛ فهو يقود حكومة وحدة وطنية تلقى دعم مؤسسات الدولة السياسية المتناحرة فيما بينها، وكذلك تلقى تأييدا واضحا من المرشد الأعلى للثورة، بالإضافة إلى دعم الرأي العام الإيراني.

 

 

 

المرحلة العاشرة: إتفاقية فينا ـ نقطة الفوز الكبرى

أعلن في فيينا رسميا يوم 14 يوليو / تموز 2015 عن توصل مجموعة 5+1 والتي تضم كلا من امريكا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا اضافة الى الإتحاد الأوروبي, الى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي, يضع حدا لمفاوضات شاقة تواصلت لأكثر من 22 شهراً. الاتفاق الذي وصف بالتاريخي، والذي يبدو في أولياته كما لو كان صفقة مقايضة يشترط الطبيعة السلمية المحضة للنشاطات النووية الايرانية، مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران بصورة تدريجية، ومن أبرز النقاط الواردة في الاتفاق:

 

أولا ـ محددات الدول العظمى المقترنة بالتزام طهران على التقيد ببنودها: 

1 ــــ مدة إنتاج المادة الانشطارية؛ الهدف هو جعل المدة اللازمة لانتاج ما يكفي من المادة الانشطارية لصنع قنبلة ذرية، سنة كحد ادنى على مدى عشر سنوات على الأقل، وجعل مثل هذه الخطوة قابلة للكشف على الفور. وهذه المدة تتراوح الآن بين شهرين وثلاثة أشهر.

2 ــ تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة الطرد المركزي يفتح الطريق لاستخدامات مختلفة، تبعا لمعدل تكثيف النظير المشع "يو-235 : 3,5 إلى 5%  بالنسبة للوقود النووي، و20% للاستخدام الطبي، و90% لصنع قنبلة ذرية. وهذه المرحلة الاخيرة، الاكثر دقة، يعتبر انجازها ايضا أسرع تقنيا.

3 ــ عدد اجهزة الطرد المركزي؛ لدى ايران سيخفض من اكثر من 19 ألفا حاليا، منها  10200 قيد التشغيل، الى 6104 خلال عشر سنوات  وسيسمح لـ (5060) منها فقط بتخصيب اليورانيوم بنسبة لا تتجاوز 3,67% خلال فترة15  سنة. وسيتعلق الامر حصرا بأجهزة الطرد من الجيل الأول.

4- ستتمكن إيران من مواصلة انشطتها في مجال الابحاث حول أجهزة طرد مركزية اكثر تطورا، والبدء بتصنيعها بعد ثماني سنوات، خاصة أجهزة من نوع آي آر-6 الاكثر قدرة بعشرة أضعاف من الآلات الحالية، وآي ار-8  التي تفوق قدرتها بعشرين مرة.

5 ــ ستخفض طهران مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب من 10 الاف كلجم حاليا الى 300 كلجم على مدى 15 عاما.

5 ــ تعهد  طهران بالامتناع عن بناء منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم طيلة 15 عاما.

6 ـ  موافقة  ايران على التوقف عن تخصيب اليورانيوم خلال 15 سنة على الاقل في موقع "فوردو" المدفون تحت الجبل، والذي يستحيل بحكم موقعه تدميره بعمل عسكري. ولن تكون هناك بعد الآن مواد انشطارية في "فوردو "على مدى 15 سنة على الأقل. وسيبقى الموقع مفتوحا لكنه لن يخصب اليورانيوم وستسحب نحو ثلثي أجهزة الطرد الموجودة في "فوردو" من الموقع.

7ـ موافقة طهران على ان يصبح "نطنز "منشأتها الوحيدة للتخصيب وان يبقي فيه 5060 جهاز طرد فقط كلها من نوع آي ار-1 أما اجهزة الطرد من نوع آي ار-2 ام فإنها ستسحب وتوضع تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

8ــ المراقبة؛ ستكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموجودة اصلا في ايران، بمراقبة جميع المواقع النووية الايرانية بشكل منتظم مع تعزيز صلاحياتها الى حد كبير.

9 ـ توسيع مجال صلاحيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتشمل كل الشبكة النووية الايرانية، بدءًا من استخراج اليورانيوم وصولا الى الابحاث والتطوير مرورا بتحويل وتخصيب اليورانيوم. وسيتمكن مفتشو الوكالة من الوصول الى مناجم اليورانيوم والى الاماكن التي تنتج فيها ايران "الكعكة الصفراء" (مكثف اليورانيوم) طيلة 25 عاما.

10 ــ موافقة ايران على وصول مفتشي الوكالة الدولية بشكل محدود الى مواقع غير نووية، العسكرية منها خاصة، في حال ساورتهم شكوك في اطار البروتوكول الاضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي التي التزمت ايران بتطبيقها والمصادقة عليها.

11ــ البلوتونيوم؛ يهدف الاتفاق لجعل انتاج ايران لمادة البلوتونيوم 239 أمرا مستحيلا، علما بأن هذه المادة هي العنصر الآخر الذي يمكّن من صنع قنبلة ذرية.

12 ـ مفاعل المياه الثقيلة الذي هو قيد الانشاء في "آراك" تجري عليه تعديلات كي لا يتمكن من انتاج البلوتونيوم من النوعية العسكرية وترسل النفايات المنتجة للخارج طيلة فترة حياة المفاعل.

13 ـ لن تتمكن طهران من بناء مفاعل جديد للمياه الثقيلة طيلة 15 عاما.

 

 

ثانيا ـ نظام رفع العقوبات:

يفترض ان يصدر مجلس الامن الدولي في وقت سريع قرارا جديدا للتصديق على الاتفاق، وإلغاء كل القرارات السابقة ضد البرنامج النووي الايراني. لكن بعض التدابير ستبقى بصورة استثنائية.

1 ـ العقوبات الامريكية والاوروبية ذات الصلة بالبرنامج النووي الايراني وتستهدف القطاعات المالية وقطاعات الطاقة ـ خاصة الغاز والنفط والنقل ـ  سترفع "فور تطبيق" ايران لالتزاماتها النووية التي يفترض ان يؤكدها تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أي على الارجح  ليس قبل 2016.

2 ـ العقوبات التي تفرضها الامم المتحدة على الأسلحة ستبقى سارية لمدة  خمس سنوات لكن يمكن لمجلس الامن أن يمنح بعض الاستثناءات. وتبقى اي تجارة مرتبطة بصواريخ  بالستية يمكن شحنها برؤوس نووية محظورة لفترة غير محددة.

ستكون لهذا الإتفاق الشبيه بالولادة العسيرة تداعيات مؤثرة من المتوقع أن تلقي ظلالها على المنطقة العربية والاقليمية, فهو يؤسس لعهد جديد لعل أهم سماته تعاظم مركز  طهران الطامحة لأن تكون  القوة الإقليمية الاولى , وتنامي نفوذ الدور الإقليمي الإيراني الذي قد يشكل تحديا إضافيا لدول الخليج العربي والسعودية على وجه التحديد، وأما ما يتعلق بالعراق فإن لهذا الإتفاق انعكاسات عليه تزيد من نفوذ إيران، وقد تمتد بعض حلقاته إلى الاقطار العربية الاخرى.

وللحديث بقية.

 

 

 

........................................

المصادر :

ـــ موقع فضائية العالم الايرانية (14 يوليو 2015) والقدس ـ أبرز أبرز نقاط الاتفاق بشأن البرنامج النووي الايراني (14 يوليو 2015)

ـــ جريدة كيهان العربي . طهران عدد 12/1/2014

ــ بدر الدين كاشف الغطاء . الإمبريالية الفارسية: ولاية الفقيه تعرض على أميركا تقاسم مناطق النفوذ في الشرق الأوسط (5/11/2013)

ــالدكتور عبدالواحد الجصاني: هل يهدد البرنامج النووي الإيراني الأمن القومي العربي؟  شبكة البصرة 2008.

ــ الدكتور عبد الواحد الجصاني. نووي ولاية الفقيه يتحول من ورقة ضغط الى عبء. شبكة وجهات نظر نوفمبر 2013

ـــعبدالستار الراوي: أوهام التقدم ( ولاية الفقيه النووية ) مركز العصر للدراسات المستقبلية والاستراتيجية . لندن 2012

ــ  مفكرة الإسلام: مفكرو الإسلام: أثر البرنامج الإيراني على منطقة الخليج العربي 27/9/2009.

ــ الدكتور رياض الراوي: البرنامج النووي الايراني وأثره على منطقة الشرق الاوسط 2009

ـ  القادة العرب والبرنامج النووي الايراني .

ــ د. عبدالقوي الإيرياني: الملف النووي الإيراني والموقف العربي - صحيفة 26 سبتمبر - العدد 1303 (2/4/2012).

ــ غازي صالح بني ملحم وفايز عبد المجيد الصمادي:  البرنامج النووي الإيراني وأمن الخليج العربي (دراسة تحليلية) مجلة المنارة (4/6/2009)

ـ أحمد إبراهيم محمود: البرنامج النووي الإيراني بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية. دورية مختارات إيرانية (1/1/2001)

ــ طلعت رميح: نظرات في الاستراتيجية الإيرانية (جريدة الفتح، العدد 25/4/2009)       

ــ غازي صالح بني ملحم و فايز عبد المجيد الصمادي: البرنامج النووي الإيراني وأمن الخليج العربي (دراسة) جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية  4/6/2009م

ــ أمير سعيد:  التجربة النووية الإيرانية الأولى. التوقيت وردود الأفعال  8/4/1429 هـ

ــ حمدان مجزع الشمري: الملف النووي الايراني إلى أين؟ الكويت نوفمبر 2007

ــ صلاح عبد الله: دوافع وحقيقة نشاطات البرنامج النووي الإيراني.

ـ موقع القوة الثالثة  (9/4/2011)

ــ  جنيفر كنيبر وأندرو تيري:  الثقافة الاستراتيجية الإيرانية والردع النووي, مركز الإمارات للدراسات والبحوث (2009)

ــحسن أبو داهش: الاستراتيجية الايرانية والاستراتيجية الامريكية..الى أين ؟.(2009)

 

 

...............

آخر سفير للعراق في إيران قبل الغزو الأمريكي

 

 

 

المصدر/ علامات أون لاين