نعم حفظ القرآن كان شائعاً في عهد النبوة
1 ذو القعدة 1436
زيد عبدالكريم الزيد

قرأت مقالا كتبه الدكتور أحمد العيسى بمناسبة فتح فصول لتحفيظ القران الكريم  ،  يهدف منه الى التقليل من اهمية حفظ القران الكريم يقول : ( ولكن مفردة «حفظ» أو «تحفيظ» بصيغة الأمر أو الاستحسان لم ترد بنص واضح وصريح في القرآن الكريم أو السنة المطهرة، ولم تذكر أدبيات السيرة النبوية أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه من بعده أنهم قد أقاموا حلقات لتحفيظ القرآن. والثابت تاريخياً أن أول قرار لجمع القرآن الكريم كان في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه – عندما خشي بعض الصحابة أن يضيع القرآن بعد استشهاد جمع من الحفاظ في حروب الردة، ولو كان الحفظ والتحفيظ شائعاً في ذلك الوقت لما خشي خليفة المسلمين أن يضيع القرآن بسبب تلك الحروب) هذا جزء من مقاله وبه تتضح مقاصده ، وفي عجالة أذكر بعض النصوص التي اكتفي بها في الرد على ما ذكره :

 

أولا:
يقول الله سبحانه وتعالى (بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ  ) فهذا نص قرآني على فضل حافظ القران الكريم

 

ثانيا :
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُفَاضِل بين أصحابه - رضي الله عنهم - بحفظ القرآن، فيعقد الراية لأكثرهم حفظًا، وإذا بعث بعثًا جعل أميرهم أحفظَهم للقرآن، وإمامَهم في الصلاة أكثرَهم قراءة للقرآن، ويقدِّم للَّحْدِ في القبر أكثرَهم أخذًا للقرآن، وروى البخاري عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أُحُد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟!))، فإن أُشِير إلى أحدِهما قدَّمه في اللَّحْد.وقد  زوَّج الرجل على ما يحفظه في صدرِه من القرآن .

 

ثالثا : روى أبو داود عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وقال النووي: حديث حسن - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن من إجلالِ الله - تعالى - إكرام ذي الشَّيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المُقسِط)) .اليس في هذا النص الترغيب في حفظ كتاب الله

 

رابعا:
لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يرغب في حفظ القران فقط بل كان يرغب في المحافظة عليه وهي المهمة الاشق يقول الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صراحةً في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي موسى - رضي الله عنه - وقال فيه: ((تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصِّيًا - أي تفلتًا - من الإبل في عُقُلِها))، وفي رواية أحمد: ((لهو أشد تفلتًا من قلوب الرجال من الإبل من عُقُلِه) الا  يدل  هذا على ان الصحابة كانوا حفاظا لكتاب الله وان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصيهم بالمحافظة على هذا الحفظ .

 

خامسا: كان صلى الله عليه وسلم يرغب جدا في حفظ القران ويربي اصحابه على المنافسة في حفظه ويبين لهم  أن الغبطة الحقيقية تكون في حفظ القرآن، ففي الحديث : « لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار.. »

 

سادسا: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في تبيين مكانة حافظ القرآن الكريم : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام ) . (البخاري ومسلم) فالحافظ الماهر مع الملائكة تكريما له

 

سابعا:
  روى الترمذي (2914) وأبو داود (1464) عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها " والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/281) برقم 2240 ، وقال بعده :

 

( واعلم أن المراد بقوله : " صاحب القرآن " حافظه عن ظهر قلب على حد قوله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله . . أي أحفظهم ، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا ، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم ، ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن  )

 

ثامنا: موقعة اليمامة التي استشهد بها الدكتور احمد اتمنى ان يرجع الى ما قاله المؤرخون فيها، فقد كان المسلمون في موقعة "اليمامة" الشهيرة إذا حدثت لهم هزة أو انتكاسة، استنجدوا بأهل القرآن، كانوا ينادون عليهم ويقولون: "يا أهل القرآن" فيقومون، ويقوم من ورائهم المسلمون، حتى استشهد في اليمامة خمسمائة حافظ للقرآن! ثم قام المسلمون بعد ذلك ينادون على حفَّاظ سورة البقرة: "يا أهل البقرة"، فقاموا حتى مات منهم خلق كثير، وهذايدل على كثرة الحفظة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم  وعلى مكانة الحفظة عند الناس .

 

تاسعا : كان لحفاظ القران منزلة خاصة عند الخلفاء الراشدين روى البخاري عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: "وكان القرَّاء أصحابَ مجالس عمرَ ومشاورته، كهولاً كانوا أو شباب)

عاشرا :
القران الكريم لم يجمع الا في عهد ابي بكر رضي الله تعاى عنه لاعتماد الناس على الحفظ فهذا يدل على شيوع الحفظ بين الصحابة ، لا كما يقوله الكاتب

 

اخيرا :
لم استطع ان افهم لماذا يقول الكاتب :ان من يخالفه الرأي ،فيحرص على ان يحفظ اولاده القران الكريم  امتثالا للنص القراني المرغب في حفظه ، وتأسيا بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان حافظا للقران الكريم ويدارسه جبريل عليه السلام كل سنة ، ودارسه آخر سنة من عمره مرتين ،  ويمتثل النصوص المرغبة في الحفظ ، لم افهم : لماذا يسميه الدكتور احمد مؤدلج ؟؟. !!!

 

والله الموفق  . زيد بن عبد الكريم الزيد  المعهد العالي للقضاء

 

 

 

المصدر/ لجينيات