صفعة جديدة على وجه إيران
13 محرم 1437
د. زياد الشامي

تتوالى الصفعات التي تتلقاها طهران مؤخرا على وجهها الطائفي البغيض , وتزداد انتكاسات مشروعها الصفوي في المنطقة , ففي الوقت الذي لا تتوقف فيه وصول صناديق الموت التي تحمل كبار ضباط الحرس الثوري و قوات الباسيج إلى إيران قادمة من سورية , ناهيك عن توابيت أخرى تصل إلى مقر عميل إيران في لبنان "حزب اللات" , دون أن تحقق طهران أي تقدم ملموس على الأرض هناك ... يأتي نبأ انضمام السودان إلى التحالف العربي بقيادة المملكة السعودية ليشير إلى الضربات الموجعة التي يتلقاها المشروع الصفوي في اليمن أو في سورية أو غيرها .

 

 

لم يكن قرار السودان بالانضمام إلى التحالف العربي صوريا فحسب , بل تجاوز ذلك بمراحل , حيث أرسلت السودان قوة عسكرية بلغ قوامها 800 جندي معززة بمدرعات وأسلحة ثقيلة إلى عدن على دفعتين مطلع الأسبوع الماضي ، في الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم الجيش السوداني في تصريحات إلى صحيفة "الوطن" السعودية أن ستة آلاف جندي على أهبة الاستعداد للمشاركة إلى جانب قوات التحالف العربي .

 

 

والحقيقة أن هذا التحول الواضح في سياسة السودان تجاه إيران التي كانت تطمع بأن تكون السوادن بوابتها لتصدير ما يسمى "الثورة الخمينية" , و مدخلها إلى تشييع المنطقة العربية والافريقية معا , وتسعى دائما لجرها إلى معسكرها , وتحاول فصلها عن محيطها العربي والإسلامي السني , من خلال بعض الإغراءات المادية أو السياسية ..... لم يأت من فراغ , وإنما كان حصيلة جهد سعودي واضح , خصوصا بعد تولي الملك سلمان الحكم , وذلك بهدف قطع الطريق على أطماع طهران , وتوجيه ضربة جديدة على مشروعها الصفوي في المنطقة , بعد أن أيقنت المملكة أن هذا المواجهة أصبحت حتمية بعد أن وصل الخطر الرافضي إلى حدود الخليج و حدودها الجنوبية .

 

 

صحيح أن هناك الكثير من الأسباب السياسية والاقتصادية والعقدية الدينية التي دفعت الخرطوم إلى تغيير سياستها التي كانت متقاربة مع طهران أكثر من تقاربها مع محيطها العربي السني , لعل أهمها ظهور خطر انتشار التشيع في البلاد , الذي دفع الخارجية السودانية في الثاني من سبتمبر عام 2014م لإصدار بيان أعلنت فيه إغلاق المركز الثقافي الإيراني وفروعه المنتشرة في السودان ، مع إمهال الملحق الثقافي الإيراني ومعاونيه مدة اثنتين وسبعين ساعة لمغادرة البلاد .....إلا أن ذلك لا ينفي دور المملكة في جر السودان إلى معسكرها المناهض للمشروع الصفوي في المنطقة , بدلا من أن تكون الخرطوم في معسكر الرافضة أو على الحياد على أقل تقدير .

 

 

وتظهر أثر الصفعة السعودية الأخيرة على وجه طهران في ردة فعلها إزاء نبأ إرسال السودان قوات عسكرية إلى اليمن ..... ففي تعليق مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان , الذي هاجم وبشدة انضمام السودان إلى التحالف العربي في اليمن قائلا : " إنه لن يجديه نفعا " و زاعما " أن ما أسماه "العدوان" قد بلغ النهاية حسب وصفه .....يظهر الحنق والغضب الإيراني من هذا النجاح السعودي الجديد المناهض لمشروعها .

 

 

والحقيقة أن رد الخارجية السودانية على الانتقادات التي وجهتها لها طهران، كان شديد الوضوح في حدوث تغيير جوهري إيجابي في سياسة الخرطوم تجاه المشروع الصفوي , حيث جاء على لسان مصدر مسؤول في الخارجية السودانية : " إن الخرطوم ليست في حاجة لنصائح من طهران تملي عليها ما ينبغي فعله وما لا يجب تركه ، وإذا كانت ترى أنها تمتلك الرأي الصائب فالأولى أن تدخره لنفسها " .

 

 

كما أن تصريحات المصدر السوداني لصحيفة "الوطن" السعودية : " بأن الحكومة الإيرانية وجدت نفسها متورطة في اليمن، ولم يعد بإمكانها فعل شيء لحليفها الحوثي، واكتفت بمحاولات الإساءة للآخرين " يؤكد على نجاح الدبلوماسية السعودية في تقليص نفوذ طهران في المنطقة العربية , وتحجيم أطماعها في القارة الإفريقية عموما , وسواحل البحر الأحمر على وجه الخصوص .

 

 

ومن هنا يمكن فهم الحملة الشرسة التي تقودها طهران ضد المملكة السعودية , والتصريحات العدائية المتكررة من ساسة ملالي الرافضة ضد بلاد الحرمين الشريفين لأسباب تافهة أو دون أسباب , فقد باتت السعودية بقيادة الملك سلمان تشكل العائق الاول أمام استمرار تنفيذ مشروعها الصفوي الخبيث في المنطقة .

 

 

وإذا أردنا تعداد انتكاسات المشروع الصفوي بسبب المواجهة السعودية له على وجه الخصوص لطال بنا المقال , فإذا كان تدخل التحالف العربي بقيادة المملكة باليمن هو أهم تلك الانتكاسات , حيث أفشل مخطط إيران في الهيمنة على الحدود الجنوبية لدول الخليج , وأحبط أطماعها في السيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي .... فإن دعم المملكة للمعارضة السورية أفشل محاولاتها في إجهاض ثورة أهل الشام ضد الطاغية .

 

 

إن تحرك المملكة السعودية في كل الاتجاهات لمحاصرة وعرقلة وإفشال المشروع الصفوي في المنطقة ...هو في الحقيقة ما كانت تحتاجه الأمة الإسلامية منذ زمن , فإذا كانت تحركات المملكة مع بعض الحلفاء من الدول العربية والإسلامية قد أحدث كل هذا الإرباك والانتكاس في المشروع الصفوي رغم توغله في كثير من الدول العربية والإسلامية , ورغم التأييد الغربي والضوء الأخضر الأمريكي الروسي الصيني ....

فما بالك بنتائج ذلك التحرك لو كان مبكرا ومن جميع الدول العربية والإسلامية ؟!