في إعلام النفاق: السبسي ديموقراطي وأردوغان مستبد!!
28 محرم 1437
منذر الأسعد

استنكرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري في تونس، إسناد وقائع البث المباشر لحفل تكريم الرباعي التونسي الحاصل على جائزة نوبل للسلام، إلى قناة خاصة بعينها، معتبرة أن الأمر يشكّل " خرقًا لمبادئ الشفافية والمنافسة النزيهة".

 

والذي اقترف هذه الموبقة هو الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الذي يفترض فيه أن يكون على مسافة واحدة من جميع التونسيين، فقد كلّفت رئاسة الجمهورية حصريًا القناة الخاصة "نسمة"، بنقل هذا الحفل الذي جرى يوم أمس الاثنين، وتركت للقنوات الأخرى بما فيها تلك المملوكة للدولة، أن تشتري حق البث بمبالغ تدفعها للقناة المدللة التي فرضتها أهواء السبسي على الدولة والمجتمع!.

 

والهيئة التي انتقدت خيانة السبسي للأمانة، ليست إسلامية، وإلا لكنا سمعنا تهريجاً رخيصاً لا يتوقف، تشكيكاً ورفضاً.فهذه الهيئة المعروفة اختصارًا بـ"الهايكا"، مؤسسة مستقلة أحدثتها الدولة بعد الثورة التي خلعت ابن علي، لمراقبة أداء الإعلام في البلاد والتزامه معايير المهنة والموضوعية.

 

ونبهت الهيئة إلى "خطوة التداخل بين العمل السياسي والعمل الاعلامي"، متحدثة عن "أن انتماء صاحب قناة نسمة لحزب نداء تونس وفّر له امتيازات خاصة مثلت إخلالاً بقواعد الحياد والممارسة الديمقراطية السليمة"، لافتة إلى أن ما وقع "يعدّ مؤشرًا خطيرًا قد يؤدي الى ضرب حرية العمل الصحفي واستقلاليته".

 

وأكدت الهيئة عبر البيان الذي نشره رئيسها النوري اللجمي أنه "لا يجوز إقصاء الإعلام العمومي من الاضطلاع بدوره باعتباره يتحمل جملة من الالتزامات تقتضي تخصيص الفضاءات الضرورية لتغطية الأحداث ذات العلاقة بالشأن العام إضافة إلى التزاماته تجاه الجمهور وحقه في الإعلام والمعرفة".

 

لكن السبسي-على غرار الطغاة التغريبيين-لم يسكت وإنما كلف أحد موظفيه أن يرد على هيئة الاتصال السمعي والبصري، في محاولة يائسة لاحتواء الفضيحة، بالمراوغة والتلاعب بالألفاظ.

 

في رأيي المتواضع: لا جديد فالأصل في السياسي العلماني العربي هو الخيانة من تبعيته الفكرية والنفسية للغرب –حتى لو كان يحتل أرضه- إلى الذيلية السياسية والعسكرية والاقتصادية، وصولاً إلى الفساد الأخلاقي والإداري والمالي..وعكس ذلك هو الاستثناء النادر كأمثال الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، فالرجل دخل الرئاسة وخرج منها متواضعاً صادقاً مع نفسه، وظل ذا سمعة طيبة وكف نظيف!! وما عدا ذلك فأمام من يريد الاعتراض نحو مئة سنة سوداء حَكَمَ فيها التغريبييون 99% من ديار المسلمين، فليأتونا بأشباه المرزوقي إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، فهو حقاً الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها..

 

وهنا ينبغي للإعلاميين المتشدقين بالقيم أن يستحيوا ولو قليلاً.. فهم شركاء في جريمة اغتيال أحلام الشعوب التي ثارت على الطواغيت تريد حريتها وكرامتها!

 

والدليل، أنهم أمام فضائح كفضيحة السبسي -وهناك ما أفظع وأقبح عنده وعند أمثاله- يصمتون صمت أهل القبور!

 

أفليس من المفارقات المضحكة المبكية، أن هذه الأقلام المأجورة القذرة، التي تتعامى عن مهازل الطغاة- بمن فيهم الوحش الدموي طاغية الشام- بل تختلق لهم الأعذار الصفيقة، هي نفسها التي تتهم أردوغان بأنه مستبد!! وشر المصيبة ما يُضحك!!

 

وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم القائل: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت!!

فكيف بمن يتبهاى بعدائه للحياء –والعياذ بالله من الخذلان وسوء المنقلب-؟!