عودة "النهضة" لصدارة المشهد التونسي
29 محرم 1437
خالد مصطفى

عاد حزب حركة النهضة التونسي لصدارة المشهد في البلاد بعد أن استقال 32 نائبا بالبرلمان من حزب نداء تونس الحاكم الذي كان يتزعمه الرئيس الحالي قائد السبسي...

 

باستقالة النواب الـ32 أصبح النهضة صاحب أكبر عدد من المقاعد في البرلمان وأصبح الكتلة السياسية الأكثر تماسكا في البلاد...

 

بعد الانتخابات الأخيرة واحتلال النهضة الإسلامي للمركز الثاني بعد أن كان في المقدمة في الانتخابات الأولى التي أعقبت الثورة والإطاحة بنظام زين العابدين, حاول أنصار الثورة المضادة في العالم العربي أن يرجعوا ذلك لفشل الربيع العربي, كما حاول العلمانيون أن يهيلوا التراب على تجربة الأحزاب الإسلامية في البلاد العربية والتي زاد زخمها بعد ثورات الربيع العربي التي أتاحت الفرصة للشعوب أن تختار من يمثلها بحرية كانت محرومة منها لسنوات طويلة, يومها ذكرت أنا وغيري أن حركة نداء تونس الفائزة بالأغلبية في انتخابات تونس حركة هشة لأنها عبارة عن تجمع من أنصار الثورة المضادة ورجال بن علي والكارهين للتيار الإسلامي من غلاة العلمانيين, وأنه لا مستقبل لها حيث تجمع أفكارا متناقضة ومختلفة بينما حركة النهضة متماسكة لأنها تجمع أفكارا واحدة بينها تناغم على امتداد سنوات طويلة ولم تفلح محاولات القمع والاستبداد على تفكيكها بينما لم يفلح وصول حركة نداء تونس للحكم لتلافي ما بداخلها من ازمات مكتومة...

 

الخلافات بدأت داخل حزب نداء تونس مع محاولات جني ثمار الوصول للحكم وسعي كل طرف للسيطرة على الحزب بعد أن ابتعد عنه ـ نظريا ـ القائد السبسي بعد توليه منصب الرئيس ولكنه ترك نجله ينخر في الحزب محاولا السيطرة عليه في تكريس جديد لمبدأ التوريث الذي كان أحد أهم أسباب اندلاع بعض ثورات الربيع العربي وكان من المفترض أن يبتعد الحزب الحاكم في تونس بعد الثورة عن هذه الآفة..الخلافات داخل الحزب الحاكم في تونس وصلت إلى مرحلة خطيرة حيث اشتبك الفريقان المتصارعان بالايدي خلال اجتماع للحزب فما كان من عدد من النواب إلا أن أعلنوا انسحابهم من الحزب ولكنهم أكدوا أنهم سيظلوا مؤيدين للحكومة لمنع النهضة من سحب الثقة منها, كما أعلنوا تأييدهم للرئيس الحالي الذي كان يتزعم الحزب وهي محاولة لإجهاض تصدر النهضة للبرلمان...

 

الأعضاء المنسحبون أعلنوا أنهم سيشكلون حزبا جديدا يسير على طريق نداء تونس وهو ما يعني أنه لا أمل في عودتهم لحزب نداء تونس وأن الأزمة التي يعيشها الحزب تشير إلى انشقاقات جديدة في الأفق وهو ما يظهر من تصريحات الأطراف المتصارعة؛ فالحزب الحاكم أقرب إلى أربعة أحزاب منه إلى حزب واحد من حيث الرؤية و المصالح والنظرة السياسية والاقتصادية..

 

إن ما يجري في تونس يؤكد أن ثورات الربيع العربي لها مستقبل كبير خلافا للثوارت المضادة؛ شريطة الانصهار من أجل تحقيق الأهداف بعيدا عن الصراعات الصغيرة.