كيماوي الطاغية يقتل السوريين من جديد
13 ربيع الأول 1437
د. زياد الشامي

لم يعد خبر موت السوريين اليومي بجديد على العالم الذي يزعم التحضر , فلا تكاد تخلو نشرة أخبار من ذكر عدد الضحايا السوريين الجدد الذين يتساقطون بفعل آلة القتل النصيرية الصفوية الروسية , ليتحول قتل أهل السنة عموما – وفي سورية على وجه الخصوص - في القرن الحادي والعشرين إلى مجرد نبأ في نشرة أخبار وخبر على وسائل الإعلام .

 

 

الشيء المتغير الوحيد في خبر الموت اليومي الروتيني السوري المتداول على وسائل الإعلام هو : طريقة الموت وشكله وفاعله فحسب , فعشرات يُقتلون في شرق سورية بنيران طائرات التحالف الدولي , وأمثالهم أو أضعافهم يُنتشلون من تحت الأنقاض بفعل القصف الوحشي الروسي الذي يتعمد استهداف المدنيين , وآخرين يموتون بفعل براميل الطاغية التي لم تتوقف منذ بدء ثورة الياسمين .

 

 

لم يترك طاغية الشام وداعموه من الرافضة والروس نوعا من الأسلحة الممنوعة والمحرمة دوليا إلا استخدموه لقتل السوريين , بما في السلاح الكيماوي الذي يبدو أنه قد تحول - بفعل الصمت الأمريكي الغربي - إلى سلاح تقليدي لا مانع من استخدامه من قبل هولاكو العصر , ما دام يحقق مصالح الجميع في إجهاض ثورة الياسمين .

 

 

نعم .... لقد بات مشهد اختناق وموت السوريين بغاز السارين الكيماوي مشهدا مألوفا وعاديا بالنسبة للمشاهد العربي والغربي على حد سواء , فبين الفينة والأخرى يقصف النظام السوري مدن وبلدات المعارضة بكمية من هذا السلاح , التي يزعم المجتمع الدولي أنه قد جرد النظام السوري منه , في صفقة رخيصة قايضت أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء ببعض براميل هذا السلاح المحظور .

 

 

فها هو طاغية الشام يتجرأ من جديد ويقصف المدنيين في معضمية الشام بهذا السلاح المحظور , ليستشهد العشرات دون دماء و دون ضجيج بعد أن يستنشقوا الغاز السام , وليعيش الباقي في حالة ذعر و رعب وهلع على أطفالهم وذويهم , بينما يصارع الأطباء لمعالجة المصابين وبعض الحالات الحرجة بعد أن عجزت المستشفيات هناك عن استقبال مزيد من الإصابات نظراً لافتقارها أصلاً إلى الأدوية والمواد الطبية بسبب الحصار المفروض على المدينة .

 

 

لم تكن المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام السوري السلاح الكيماوي ضد المدنيين المعارضين , فقد قتل الآلاف بهذا السلاح في مجزرة الغوطة في أغسطس عام 2013م , كما تكرر استخدامه لهذا السلاح مرات ومرات بعد مسرحية ما يسمى اتفاق نزع السلاح الكيماوي .

 

 

ما كان طاغية الشام ليتجرأ على قصف المدنيين ثانية وثالثة ....وعاشرة بهذا السلاح المحظور , لولا الضوء الأخضر الدولي له بذلك , فقد سارعت الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين بإسقاط النظام العراقي منذ سنوات بأوهام امتلاكه أسلحة الدمار الشامل المزعومة , بينما لم تحرك ساكنا إزاء سقوط آلاف المدنيين ضحايا السلاح الكيماوي على أرض الشام .

 

 

لقد كان فشل قوات الفرقة الرابعة التي يقودها أخو الطاغية المعتوه "ماهر" في اقتحام مدينة معضمية الشام وفصلها عن درايا للاستفراد بكل مدينة على حدة , وتكبدهم لخسائر فادحة في تلك المحاولة ..... هو السبب المباشر في هستريا استخدام النصيريين السلاح الكيماوي ضد المدنيين , فمعسكر هذه الفرقة المجرمة التي تتمركز على الجبال القريبة من المعضمية هي المتهم الأول بقصف المدينة بالصواريخ التي تحمل غاز السارين .

 

 

لم يعد النظام السوري وحده هو من يستخدم كافة الأسلحة المحرمة لكسر صمود ومقاومة الثورة السورية , بل إن أعتى قوة دولية بعد أمريكا باتت تشاركه في ذلك على أرض الشام , فروسيا التي ظنت أن عدوانها الغاشم على ثوار الشام لن يطول حتى يكلل بالنجاح والانتصار , أصيبت بصدمة كبيرة بعد أن فشلت في تحقيق أي تقدم على الأرض , فراحت تنتقم من هذا الشعب الصامد باستخدام كافة الأسلحة المدمرة والمحرمة دوليا – كالأسلحة العنقودية مثلا - .

 

 

وعلى الرغم من تعامي الحكومات والمنظمات الدولية عن جرائم كل من النظام السوري والروسي طويلا , إلا أنها اضطرت أمام كثافة الانتهاكات و كثرة استخدام الأسلحة المحظورة والمحرمة دوليا أن تخرج عن صمتها , ليس انتصارا لأرواح السوريين , بل حفاظا على ما تبقى من ماء وجهها الذي يزعم حماية حقوق الإنسان .

 

ومن هنا يأتي خبر توثيق منظمة العفو الدولية أدلة تشير إلى استخدام روسيا للذخائر العنقودية المحظورة دوليا والقنابل غير الموجهة في مناطق سكنية مكتظة في عدوانها العسكري على الشعب السوري , وكذلك تنديد منظمة هيومن رايتس ووتش منذ أيام باستخدام روسيا المتزايد للقنابل العنقودية في سورية .

 

 

وأمام هذا التواطؤ الدولي على قتل السوريين بأعتى الأسلحة المحرمة دوليا , من خلال الصمت على تكرار جريمة الطاغية الكيماوية ....... لم تعد عبارات الاستنكار والتنديد المحلية والعربية أوالإسلامية – إن صدرت – تكفي , ولا بد من تحرك عاجل لتزويد المعارضة المسلحة بأسلحة نوعية – مضاد طائرات – للجم آلة القتل النصيرية الروسية الصفوية , وإلا فإن عواقب عدم انتصار ثورة الياسمين لن تقتصر على الشعب السوري فحسب , بل ستطال المنطقة العربية والإسلامية بأسرها .