التآمر الدولي على حصار المدن السنية
6 ربيع الثاني 1437
د. زياد الشامي

تتوضح الصورة يوما بعد يوم لتكشف بجلاء حجم المؤامرة الدولية على أهل السنة في منطقة الشرق الأوسط , وخصوصا فيما يتعلق بحصار المدن السنية ووضع أهلها بين عدة خيارات كلها مر , فإما الموت تجويعا أو بطرق أخرى لا تقل وحشية عنها , وإما الترحيل والتهجير لإحداث تغيير ديمغرافي واضح المعالم .

 

 

يحدث ذلك في أكثر من مكان في المنطقة العربية العريقة بسنيتها , ففي سورية يعتبر الرافضة الشريك الأول للنظام النصيري في قتل الشعب السوري بشتى أنواع القتل .... ومنها حصار المدن وتجويع أهلها حتى الموت كما هو حاصل في بلدة مضايا وغيرها من البلدات المحاصرة , حيث يرتفع عدد ضحايا الجوع مع كل يوم تطلع فيه الشمس .

 

 

لم يكن الرافضة وحدهم شركاء طاغية الشام في قتل أهل السنة في سورية بسلاح التجويع والحصار , بل كشفت الأحداث الأخيرة في بلدة مضايا السورية ومعضمية الشام وغيرها من البلدات المحاصرة .....الكثير من الشركاء الدوليين في هذه الجريمة البشعة , وعلى رأسهم روسيا الشيوعية التي باتت تنافس النظام النصيري والرافضة بعداوتها لأهل السنة , ويكفي أن نعلم أن نائب السفير الروسي في مجلس الأمن الدولي "بيتر ليكشوف" لم يكتف بانتقاد عقد جلسة لدراسة وضع المحاصرين في مضايا السورية وغيرها , بل اعتبر أن مجرد عقد الجلسة يعتبر موقفا سياسيا ضد صبيهم بدمشق .

 

 

أما الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية فهي وإن حاولت أن تظهر بمظهر المعارض لحصار المدن والبلدات السنية وقتل أهل السنة فيها جوعا ومرضا وقتلا , من خلال بعض تصريحات التنديد أو دعوة مجلس الأمن للانعقاد كما حصل بالأمس ....إلا أنها تعتبر في الحقيقة شريكا في هذه الجريمة البشعة , من خلال صمتها منذ أشهر - بل وسنوات - على هذا الحصار , وعدم اتخاذها أي إجراء لإنقاذ أهل السنة المحاصرين من المحتوم على أقل تقدير , فضلا عن أن تتخذ موقفا ضد المجرم المعروف .

 

 

وأما المنظمات الدولية وحاضتها الأمم المتحدة , فقد كشفت الأحداث الأخيرة مدى انحيازها للطغاة وتآمرها على المضطهدين والمحاصرين , فقد كشفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن الأمم المتحدة كانت تعلم منذ أشهر بالمجاعة في مضايا السورية المحاصرة من قبل النظام و حزب اللات ، ولكنها لم تحرك ساكنا، وقد اتهم ناشطون سوريون المنظمة الدولية بالتآمر مع النظام .

 

 

و أشارت المجلة إلى مذكرة صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ذكرت أنه تم الإفادة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بوجود ألف حالة من سوء التغذية في أوساط الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عام , ومع ذلك استمر صمت الأمم المتحدة لشهور عن المجاعة في مضايا .

 

 

كما نقلت صحيفة واشنطن بوست اتهامات ناشطين في المجتمع المدني السوري للأمم المتحدة بالصمت إزاء ممارسات النظام بشأن منع إدخال الغذاء والدواء لعشرات الآلاف في المناطق المحصارة.

 

 

ففي رسالة مفتوحة نشرت في 13 يناير/كانون الثاني الجاري، اتهم 112 شخصية من عاملي الإغاثة المحاصرين الأمم المتحدة بالتآمر مع النظام على حصارهم , وقالوا في رسالتهم الموجهة للأمم المتحدة : إن المنظمة الدولية تحرص على الحصول على إذن من النظام ، هي لا تحتاجه لأن قرارين من مجلس الأمن ينصان على ضرورة إدخال المساعدات دون قيد أو شرط , كما أشارت الرسالة إلى أن فشل الأمم المتحدة في التعاطي مع أزمة المحاصرين حولت هذه المنظمة من "رمز للأمل إلى رمز للتآمر".

 

 

ليس هذا فحسب , بل إن تقريرا نشره موقع "ميدل إيست آي" كشف أن وكالة الأمم المتحدة المشرفة على رصد ومساعدة المناطق المحاصرة في سوريا، سمحت للنظام السوري بتعديل كلمات وردت في التقرير الذي أعدته لتقييم الأوضاع في المناطق المحاصرة , فتم حذف كلمة "محاصرة" عند الحديث عن مضايا , واضعا بدلا منها كلمة "يصعب الوصول اليها" , كما تلاعب النظام النصيري بتقرير الأمم المتحدة فغيَّر كلمة "نزاع" إلى "أزمة" , كما حذفت كل الإشارات حول برنامج الأمم المتحدة لتفكيك الألغام في خطته لعام 2016 للرد الإنساني ...

 

 

لم يقتصر استخدام الحصار كوسيلة لقتل أهل السنة جوعا , أو قتلهم بمختلف أنواع الأسلحة الأخرى بعد استباحة البلدة والمدينة إذا رفضوا إخلائها ....على البلدات والمدن السورية فحسب , ففي مدينة تعز اليمنية ما يزال الحوثيون يمارسون جريمة الحصار والتجويع التي تعتبر وفقا للقانون الدولي جريمة حرب بامتياز , كما لا تزال المليشيات الصفوية "الحشد الشيعي" في العراق تحاصر مدينة المقدادية السنية بمحاظة ديالى لليوم الخامس على التوالي , وتمارس الإبادة الجماعية والتصفية المذهبية ضد أهل السنة هناك .

 

 

الملاحظ في هذه الجريمة الإنسانية الوحشية أن المجرم معروف وواضح , ومع ذلك لا يرى المتابع أي تحرك دولي أو أممي لإنقاذ أهل السنة من هذا الحصار الخانق , بل يمكن القول بأن هناك تآمرا صليبيا صهيونيا واضح المعالم لمنح الرافضة الضوء الأخضر في تصفية أهل السنة في المنطقة بهذه الطريقة , بعد أن جربوا طرقا أخرى لقتلهم وتهجيرهم من بلادهم لا تقل بشاعة و وحشية عن الحصار والتجويع .