كل مسلم داعشي حتى لو ثبتت براءته
9 ربيع الثاني 1437
منذر الأسعد

التنافس الشديد هو السمة التي تطبع علاقات القوى الكبرى في العالم بعضها ببعض، في السياسة كما في الاقتصاد، في حقل التقنيات المتقدمة مثلما في ميدان الطاقة..بل هو تناحر شرس يسمونه تنافساً كعادة القوم في قولبة المصطلحات التي تلطِّف مفهوماً يلائم هواها فتطلق عليه مصطلحاً سلساً ناعماً ليبقى تحت السيطرة، وتهوّل آخر فتسميه تسمية فظة منفِّرة فتسوق القطيع وراءها لتحاصره وتحاربه.

 

 

 

لكن التناحر يتبخر فجأةً ليحل محله انسجام يتعذر وجوده أصلاً داخل البلد الواحد، وذلك يخص موضوعاً واحداً لا ثاني له، هو كراهية الإسلام والتضييق على المسلمين بكل السبل المتاحة!

 

 

 

 

والقوم ذوو مكر شديد رضعوه كابراً عن كابر، ولذلك يزعجهم السياسي الفظ الذي يجاهر بالعداء الصريح للإسلام، فهم يغلّفون بغضاءهم تلك بغلاف شيطاني هو محاربة الإرهاب، مع أن بعضه من صناعتهم، وبعضه الآخر من صناعة إذلالهم للمسلمين في كل ساحة ممكنة.فالفريق الأول –العميل-يقتل 99 مسلماً في مقابل 1 غير مسلم، والفريق الآخر-المُسَخَّر لحماقته- فيؤذي القضية التي يرفع شعارها 99 مرة وربما نفعها بنسبة 1% في رمية من غير رامٍ!!

 

 

 

 

لذلك يسارعون إلى التبرؤ من فجاجة المرشح الأخرق دونالد ترامب، تماماً مثلما سعوا إلى التماس أعذار مضحكة يوم أعلنها بوش الصغير:حرباً صليبية، فقالوا: زلة لسان!! علماً بأن عميد تفسيراتهم النفسية فرويد يجزم بأن فلتات اللسان ليست سوى انعكاس لا إرادي لمكنونات العقل الباطن الذي يحرص على التخفي والكتمان!

 

 

 

 

 

فإذا أخفقت مخابراتهم النتنة وسياساتهم اللئيمة في استنبات مشاريع التفجيريين من الصنفين، فإن العلاج الأساسي يتلخص في التعتيم الذي ظن بعضنا أنه أصبح مستحيلاً في زمن ثورة الاتصالات الهائلة.وهنا يمكن ضرب المثل بمسلمي الروهينجيا الذين تتم إبادتهم بصمت شامل وعمى يشمل الأبصار والبصائر وبمسلمي الأويغور الرازحين تحت نير الاحتلال الصيني المزدوج:الإلحادي الشيوعي والعنصري الوثني .ومثلهم مسلمو كشمير وبدرجة أقل قليلاً يأتي مسلمو الفبين وتايلند. 

 

 

 

 

 

 

خصوصية المشرق العربي
لأسباب عديدة، لم يفكر فراعنة العصر في طمس مآسي المسلمين في المنطقة العربية، ليس عن عفة، وإنما لأن القوم شياطين يميّزون بين أمنياتهم وبين الواقع والممكن.

 

 

كانت البداية في العراق الجريح، فجرى تسليم مفاتيحه إلى عملاء إيران على رؤوس الأشهاد، مع أن الطرفين كانا يتبادلان الشتائم في تلك المرحلة حيث كان التحالف الخبيث سرياً، فالغرب كان يضع إمبراطورية المجوس الجدد على رأس محور الشر، وأبواق خامنئي كانوا ينعتون أمريكا بالشيطان الأكبر!!

 

 

 

 

وجرى تشريد الملايين من العرب من أهل السنة، بالقتل على الهوية على مرأى ومسمع قوات الغزو الصليبي، وأقحمت القاعدة على مقاومة الغزاة، فآذت البيئة المحيطة أضعاف أضعاف ما نالت من المحتل.وهنا اضطر الناس إلى مواجهة التنظيم المسيطر على مناطقهم، فازدادوا وهناً على وهن، وباعهم الأوهامَ نفرٌ ينتسبون إليهم فخدّروا شرائح غير قليلة ، باسم المشاركة في "العملية السياسية" التي تعني الاستسلام لإملاءات خامنئي والسيستاني إذا اتفقا، والإذعان لأهواء أحدهما إذا اختلفا!

 

 

 

 

 

والنتيجة واضحة: ابن الأنبار لا يدخل بغداد إلا بكفيل رافضي!!
في سوريا، كانت الثورة السلمية في بداياتها ثورة على القهر المديد وعلى النهب المنتظم لثروات البلاد والعباد، وكانت شعاراتها عامة وأقرب ما تكون إلى العلمانية: الشعب السوري واحد-لا  سنية ولا علوية... ورفعت لوحات تضم الهلال والصليب معاً، ثم راحت تجاهر بأنها ليست " إسلامية" بالمعنى الذي يؤرق منام الغرب، فهتف المتظاهرون: لا سلفية ولا إخوان.

 

 

 

 

 

مع ذلك، خذلها الغرب المنافق ومنع أهلها من الدفاع عن أنفسهم، وتعمد حجب السلاح الدفاعي الفعال عن الجيش الحر-الذي تباكوا عليه بعد أن أجهزوا عليه متعمدين-، لكن "الإرهاب" لم يظهر، بالرغم من توفير جميع مقوماته!!والمثير للسخرية أن الأمريكيين المجرمين رفضوا تسليح الثوار متذرعين في ذلك الوقت المبكر بخشيتهم من وقوع الأسلحة في الأيدي غير الأمينة!!

 

 

 

 

وضحك أوباما على أكثر الناس بتزوير القضية، إذ كان يؤكد أن بلاده ترفض الدخول في حرب جديدة، مع علمه بأن ذلك مطلب لم يطرحه أحد، ثم يصر على رفض التسليح، والحقيقة أنه فرض على الدول القليلة المؤيدة للشعب السوري عدم تزويد الجيش الحر بأي سلاح يردع غربان نيرون العصر عن الفتك بالمدنيين العزل.

 

 

 

 

أراد تفريغ سوريا من أهل السنة ليصبحوا أقلية للمرة الأولى منذ 15 قرناً.
هنالك وجّهوا عمليهم سفاح العصر فأطلق من سراديب مخابراته، غلاة سبق أن زج بهم إلى العراق متظاهراً بدعم المقاومة، وكان يعطي الأمريكيين أسماءهم ومسارات حركتهم، ثم يعتقل الناجين منهم في سجون شديدة السرية.

 

 

 

 

 

التيس المستعار بوتن
في ذروة الحرب العالمية الثانية(1939-1945 م) وقع غزو هتلر للاتحاد السوفيتي أشد الوقع على رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل المعروف بعدائه الشيوعية؛فقرر أن يساعد الطاغية ستالين في مواجهة الغزو النازي فأمده بالدبابات وناقلاتها والذخائر،  ولما سأله الذين استغربوا هذا الانقلاب في مواقفه قال: "إذا غزا هتلر الجحيم،  فعلى الأقل سأجد المكان المناسب للشيطان حتى أذكره في مجلس العموم"!!

 

 

 

 

مع أن السوريين منذ انطلاق ثورتهم اليتيمة أسوأ حالاً ألف مرة من بريطانيا التي كنت تسمي"العظمى"، فإنهم رفضوا أن تكون نجدتهم على يد داعش –لو أخذنا بظاهر الأمور-.لكن الغرب الحقود اعتبر 99% من الثوار دواعش!! فقامت أمريكا بتدريب بضعة أشخاص وكأنها تؤهل فريقاً أمنياً لحراسة حافلة!!

 

 

 

لكن المسخ لم ينجح، وهنا اضطر نتنياهو إلى فرض قراره على أوباما بإدخال التيس المستعار بوتن ليتولى قتل جميع الثوار بعد أن عجزت قطعان القتلة المجوس الوافدين من كل سرداب مظلم، وفي مقابل كل 99 هجمة  تشنها طائرات بوتن على الفصائل الأخرى تؤدي هجمة شكلية على داعش!!
وصارت المخابرات الغربية تسارع عند كل تفجير إلى دس جواز سفر سوري بالقرب من الموقع..

 

 

 

 

فالصورة الذهنية التي يراد رسمها للسوري الآن-المسلم العربي وحده – هي أنه داعشي حتى تثبت براءته، وفي مرحلة أكثر تصعيداً سيتم اعتباره داعشياً حتى لو ثبتت براءته.. وإلا فهو متهم بالتحرش الجنسي بالألمانيات المخمورات !!
في المرحلة التالية سيطبق القوم تلك التصنيفات المعلبة الجاهزة، على كل مسلم تصل إليه أيديهم أو أيدي عملائهم..