القوى المناوئة لرئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بسبب موقف أنقرة من أحداث سوريا ودعمها لثورة الشعب السوري، منذ خروج المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري ووقوف تركيا إلى جانب الثورة، تسعى جاهدة لإثارة الفوضى والقلاقل داخل تركيا بهدف تحريض الرأي العام التركي ضد الحكومة ودفع أنقرة إلى تغيير سياستها الخارجية.
هذه القوى كثيرا ما تستخدم أنواع الكذب وأساليب التضليل والدعاية السوداء، سواء في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة التي تملكها أو من خلال حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي معظمها وهمية، لخلق صورة ذهنية خاطئة عن رئيس الجمهورية والحكومة، في محاولة لتوجيه غضب الشارع وانتقاداته إليهما. وهي بهذه الأساليب التي تشبه تماما أساليب شبيحة النظام السوري تهدف أيضا إلى تضليل الرأي العام العالمي وتقديم معلومات ملفَّقة عما يجري في تركيا.
المتابعون لأحداث سوريا يذكرون جيدا ذلك الشبيح الملقب بـ «متعدد المواهب» الذي كان يطل على شاشات القنوات التلفزيونية تارة كمحلل سياسي وأخرى كداعية إسلامي، بالإضافة إلى استضافته كخبير عسكري أو شاهد عيان، بحسب حاجة وسائل إعلام النظام السوري والفضائيات الإيرانية الناطقة باللغة العربية، ليدلي بتصريحات تخدم دعاية نظام الأسد وحلفائه في حربهم الدموية ضد الشعب السوري. ويبدو أن الأتراك الموالين للنظام السوري أعجبتهم مواهب ذاك الشبيح وقاموا باستنساخ تجربته في تركيا.
التفجير الإرهابي الذي استهدف قبل أسبوع العاصمة التركية أنقرة وأسفر عن مقتل عدد من المدنيين العزل أثار غضبا عارما في الشارع التركي. وفي محاولة لتوجيه هذا الغضب إلى أردوغان وحزب العدالة والتنمية بدلا من المنظمة الإرهابية وداعميها، قامت وسائل إعلام معارضة بنشر تقارير وآراء محللين ومواطنين تتهم رئيس الجمهورية والحكومة التركية بأنهما السبب في تدهور الوضع الأمني في البلاد، وبالتالي عليهما تحمل مسؤوليته.
وفي إحدى تلك النشرات، ظهر شخص يقدم نفسه كأحد أقارب ضحية سقط في التفجير الإرهابي، ليتحدث بغضب وانفعال، ليبعث إلى المشاهدين رسالة مبطنة مفادها أن كل هذه الأعمال الإرهابية التي يسقط فيها هذا العدد الكبير من الضحايا ما هي إلا نتيجة إصرار أردوغان والحكومة على تغيير النظام من البرلماني إلى الرئاسي.
وسائل الإعلام التركية ذكرت أن الشخص المذكور لم يكن من أقارب أحد الضحايا، بل هو ذات المهرج الذي سبق أن ظهر خلال أحداث «غزي باركي» باسطنبول كناشط يقف أمام رجال الشرطة ليقرأ كتابا للتعبير عن تضامنه مع المظاهرات الاحتجاجية، كما ظهر في أحداث أخرى يتقمص في كل منها دور شخصية مختلفة. وكان هدفه صرف الأنظار عن بشاعة ما يرتكبه حزب العمال الكردستاني من جرائم وتحميل أردوغان وداود أوغلو مسؤولية الهجمات الإرهابية.
هذا يدل على أن قلوبهم ليست هي وحدها التي تشابهت، بل حتى الأساليب التي يلجؤون إليها للتزييف والتضليل متشابهة لدرجة أن المتابع يتيقن تماما أن هؤلاء كلهم يرضعون الكذب والدجل من ذات الثقافة. وهي ثقافة لا حدود فيها للوقاحة، ولا قاع فيها للسقوط، ولا التزام فيها بأي مبدأ إسلامي أو أخلاقي أو إنساني.
المصدر/ العرب القطرية