أسعار البشر في سوق النخاسة الغربية
18 جمادى الثانية 1437
منذر الأسعد

كم يبلغ سعر المسلم في موازين الساسة الغربيين الفعلية لا الإعلامية؟
هذا السؤال أصبح شديد الإلحاح، ففي أسبوع واحد وقعت عدة أحداث تفضح المستور..

 

 

 

لنبدأ بسفاح البوسنة الصربي المجرم المتوحش رادوفان كاراجيتش الذي حكمت عليه المحكمة الدولية بالسجن 40 سنة، مع أنه في جريمة واحدة من جرائمه الكثيرة قتل 8000 من المسلمين العزل وأكثرهم نساء وشيوخ وأطفال.أي أن قيمة الضحية الواحدة هي سجنه يوماً واحداً و83 % من اليوم!! علماً بأن العدالة الأممية الزائفة هذه تمطت وتثاءبت 20 سنة!!

 

 

 

لذلك، وبالنظر إلى حساسية الموضوع، فإنك لن تجد لائحة الأسعار معلقة في صدر البورصة، لكنك تستطيع معرفته بدقة، من خلال رصد المعايير المزدوجة في تعاملهم مع ضحايا الإرهاب في سوريا والعراق والخليج وتركيا من جهة، وضحاياه في بروكسل وقبلها باريس ولندن ومدريد من جهة مقابلة..وأما الأمريكان-والصهاينة- فهم الأغلى سعراً لأنهم شعب الله المختار-زعموا-.

 

 

 

 

قتل أوربي جريمة لا تُغْتَفر
قبل أسابيع، عُثِرَ على جثة الطالب الجامعي الإيطالي جوليو ريجيني  ملقاة على قارعة طريق سريع، وعليها آثار تعذيب.
أثارت الواقعة جدلاً ساخناً بين القاهرة وروما، في ضوء تحديد أسباب الوفاة والبحث عن مقترفي الجريمة، فالسلطات المصرية تدعي أن الشاب لقي حتفه على أيدي عصابات متخصصة في السرقة، وهي رواية لم تقنع الإيطاليين.

 

 

 

 

بصرف النظر عن الحقيقة الضائعة، ومآل الجدل الملتهب بين الجانبين،  فإن مقتل إيطالي واحد في ظروف غامضة أصبح قضية أوربية عامة،  تنذر بتدهور محتمل للعلاقات الأوربية/المصرية! لكن الاتحاد الأوربي الذي يتفاخر بأنه أبو الديموقراطية ومنشأ الحديث عن حقوق الإنسان،  لم يكترث لتقارير المنظمات الحقوقية الأوربية والأمريكية والدولية، التي تتحدث عن انتهاكات فظيعة ومستمرة لحقوق الناس في مصر، وبخاصة ممن يناوئون النظام القائم وبتحديد أكثر:إذا كانوا إسلاميين أو كانت السلطات تتهمهم بأنهم ذوو ميول إسلامية!

 

 

 

 

فقد نقلت صحيفة(الشروق) عن مصدر دبلوماسي  يعمل فى مكتب المفوضة الأوربية أن بيان الاتحاد قد يكون مقدمة «لموقف أوربي أكثر وضوحاً«،  مضيفاً: «الرسالة الواضحة التي نود للقاهرة أن تدركها أننا وإنْ اخترنا أن نلتزم الصمت إزاء ما قامت به السلطات المصرية من انتهاكات متزايدة ومقلقة لحقوق الإنسان خلال العام الماضي تقريباً فإن هذا لا يعني أننا سنبقى على هذا الصمت».

 

 

 

 

كما قالت مصادر أوربية :إن على مصر أن تنظر للبيان فى ضوء البيانات التي صدرت من عدة عواصم غربية بما فيها برلين ولندن وواشنطن وللموقف «الحاد في وضوحه» الذي أظهره الاتحاد الأوربي أثناء مناقشات جرت في مجلس حقوق الإنسان في جنيف في وقت سابق من الشهر الحالي.

 

 

 

 

 

وقال أحد الدبلوماسيين :«إن الأمر تجاوز حالة العداء اللا قانونية واللا دستورية إزاء الأعداء السياسيين للنظام والمتمثل في الإخوان المسلمين والمتعاطفين معهم أو حتى المتهمين باحتمال التعاطف معهم،  إلى شخصيات عامة في المجال الحقوقي ومنظمات لا يمكن وصفها بحال بأنها تابعة للإسلاميين بل بالعكس كان لهم دور واضح فى انتقاد الإسلاميين خلال العام الذي كانوا خلاله في الحكم».

 

 

 

 

 

نفاق الغرب.. شهادات غربية
انتقدت صحيفة إندبندنت المعايير الغربية المزدوجة في التعامل مع ضحايا الإرهاب، وخصت فرنسا وبريطانيا بالنصيب الأكبر من نقدها.

 

 

 

 

 

وبعد أن سردت الصحيفة أبرز عناوين الصخب الإعلامي الغربي عشية تفجيرات بلجيكا، قالت:
 يبقى السؤال قائماً: أين كان هذا التعاطف بعد تفجيرات أنقرة؟!

 

 

 

 

كما تساءلت الصحيفة أيضا عن إمكان وجود حدود غير مريحة،  كخريطة أوربا الغربية،  لمدى تضامن دول أوربا مع غيرها. حيث لا تزال تركيا خارج مجال اهتمامها،  وليست قريبة بما فيه الكفاية لكي تستحق أن تحزن من أجلها.
 وبيّنت الصحيفة أيضا أن مستوى تعاطفها لا ينبغي أن يكون بناءً على عدد الضحايا،  بالرغم من أن عدد ضحايا أنقرة أكثر،  إلا أن أوربا ظلّت صامتة تجاه ذلك.

 

 

 

كما علَّق الكاتب الصحافي الشهير «سايمون جينكنز» في الغارديان البريطانية على أحداث بلجيكا متحدثاً بلسان داعش ليبيِّن أن المبالغة الغربية تخدم التنظيم الذي تبنى التفجيرات :
«أقيس نجاحي بحجم أعمدة المقالات والساعات التليفزيونية،  ومن خلال الميزانيات الأمنية المتضخمة،  وذبح الحريات والقوانين المعدلة،  وهدفي النهائي هو اضطهاد المسلمين وتجنيدهم لقضيتي،  أنا لا أتعامل مع الأفعال،  لكن مع ردود الأفعال،  أنا من يتلاعب بالسياسة،  وأعمل من خلال حماقات أعدائي المفترضين».

 

 

 

 

وأضاف مستنكراً عنصرية الغرب وموازينه الجائرة: إن ما جرى  في بروكسل يحصل تقريبا كل يوم في شوارع بغداد وحلب ودمشق،  وتقتل الصواريخ الغربية وقنابل تنظيم الدولة أكثر مما يموت في أوربا كل عام،  والفرق هو الطريقة التي يرد بها الإعلام؛ فمسلم ميت هو ساذج غير محظوظ،  وهو في المكان والزمان الخاطئين،  أما الأوربي الميت فخبره يحتل الصفحة الأولى»!!

 

 

 

كما نشرت الكاتبة البريطانية «ياسمين أحمد»  مقالًا مطولًا في صحيفة «الإندبندنت »،  عقب تفجيرات بروكسل، أثار جدلًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي،  متسائلة عن أسباب غياب التضامن الغربي عندما تعلّق  بالتفجيرات الأخيرة التي شهدتها كل إسطنبول وأنقرة في تركيا.

 

 

 

 

واستدلت الكاتبة بالضجة الإعلامية الضخمة، والإدانات السياسية الشديدة،  وقرار عمدة باريس إضاءة برج إيفل بألوان العلم البلجيكي»، وإعلان رسّام الكاريكاتير الفرنسيّ الشهير «بلانتو»،  بأنه سينشر رسوماً ويطلق تعابير فرنسية تضامنًا مع بلجيكا.
وانتشر بكثافة واضحة وسم: #PrayForBelgium  «صلوا من أجل بلجيكا»،  في أوساط المغردين الأوربيين.

 

 

 

 

هذه الانتقائية العنصرية استفزت أحد النشطاء الغربيين الذي يقيم في تركيا،  فعقد مقارنة في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك،  بين اهتمام الإعلام الغربي بتفجيرات فرنسا وشارلي إيبدو،  وتجاهله في الوقت نفسه ما جرى في تركيا وعدد من الدول العربية والإسلامية،  وحتى الإفريقية.

 

 

 

وكررت إدارة فيسبوك تحيزاتها المتغطرسة كالعادة، فبادرت إلى إطلاق فحص السلامة ليتاح للبعيدين عن موقع التفجيرات الاطمئنان على ذويهم وأصدقائهم!!

 

 

 

ورصد مراقبون مدى النفاق الغربي، حيث اجتنب وسائل الإعلام الأمريكية والأوربية وصف تفجيرات تركيا بأنها أعمال إرهابية،  بالرغم من أن حزباً عنصرياً كردياً أعلن عن تبنيها،  وهو مدرج على قائمة الاتحاد الأوربي للتنظيمات والجماعات الإرهابية، وكان جميع ضحايا التفجيرات من المدنيين!!

 

 

التفسير موجود لمن يقرأ

كل مسلم-في نظر الغرب-إرهابي!!
وكل مسلم لا يرى هذه الحقيقة-في نظري-غافل أو مخدوع.

 

 

لكنها لا تقال اليوم بصراحة، لأن النفاق الذي مردوا عليه بناء على قاعدة:الغاية تبرر الوسائل، يقود القوم في المرحلة الحالية إلى التقية، فهم الآن يعلنونها بصيغة مخففة:كل إسلامي إرهابي..وليس بعيداً زمن الصدع بها بأن جميع المسلمين إرهابيون،  مثلما تسلل من "فضفضة" أوباما لمجلة أتلانتيك.

 

 

 

 

 

إن الغرب الذي أباد الملايين من البشر في حروبه الاستيطانية والاستعمارية وتناحر كباره على نهب الآخرين، هو نفسه الذي ساند إقامة كيان الظلم الصهيوني في فلسطين وما زال يتعامى عن جرائم الاحتلال الرهيبة في حق أصحاب الأرض، وهو الذي قتل ملايين في العراق وأفغانستان، ويتلذذ بذبح مئات الألوف من السوريين،  والفتك بمسلمي إفريقيا الوسطى، ومسلمي الأقلية الروهنجية في ميانمار..
وصدق المأثور الشعبي القائل: إن الذي لا يرى الشمس من الغربال أعمى!!