القمة الخليجية ـ الأمريكية
15 رجب 1437
خالد مصطفى

جاءت القمة الخليجة ـ الأمريكية التي انعقدت في العاصمة السعودية الرياض في وقت تشهد المنطقة أحداثا جساما لعلها الأخطر في تاريخها مع وجود تغيرات كبيرة على صعيد العلاقات بين دول الخليج والولايات المتحدة...

 

كانت واشنطن دائما تعلن أنها مع دول الخليج ضد أي خطر يهددها, مؤكدة وجود مصالح كثيرة مشتركة بين الجانبين, وظهرت هذه النبرة بشكل كبير خلال الغزو العراقي للكويت في عهد الرئيس الراحل صدام حسين وما تبع ذلك من أحداث... ولكن في السنوات الأخيرة بدا أن أمريكا غيرت استراتيجيتها في المنطقة وأصبحت تعمل حسابا كبيرا لإيران التي أصبح تدخلها في شؤون العديد من دول المنطقة عن طريق أذرعها المنتشرة في أكثر من مكان يثير حفيظة دول الخليج...

 

البداية لم تكن كما يظن البعض مع الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب والذي يبدو غامضا في الكثير من بنوده ولكن قبل ذلك بكثير ومع تصاعد النفوذ الإيراني في العراق إثر الغزو الأمريكي والسيطرة على حكومة بغداد بشكل شبه كامل تقريبا من طهران وفي ظل موافقة واضحة من واشنطن, ثم الدعم الإيراني اللامحدود لنظام الأسد ووقوف أمريكا موقف المتفرج وتبدل موقفها من المطالبة بتنحي الأسد إلى التنسيق مع نظامه بحجة مواجهة داعش...

 

ليس هذا فحسب فدعم إيران لمليشيات شيعية في لبنان واليمن والبحرين أظهر من أن يستدل عليه بما يجعلها دولة راعية للإرهاب بامتياز ومع ذلك العلاقات بين أمريكا وطهران تشهد انفراجة كبرى واستعدادات لتعاون اقتصادي وتجاري واسع مع الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المجمدة....

 

وسط هذه المظاهر التي تدعو للقلق جاءت القمة الخليجة ـ الأمريكية والتي سادها التوتر كما أشارت صحيفة "واشنطن بوست" في حديثها عن لقاء الملك سلمان بالرئيس الأمريكي  حيث قالت الصحيفة:إن التوتر خيم على القمة في ظل شعور سعودي بأن الولايات المتحدة الأمريكية غيرت من مواقفها والتزاماتها تجاه الخليج, ولفتت الصحيفة إلى التباين في وجهات النظر بين السعودية وأمريكا حيال ملفات عديدة, ورأت "الواشنطن بوست" أن زيارة أوباما إلى الرياض تأتي ضمن جهد أمريكي من أجل ضبط العلاقة بين البلدين لتكون أكثر صلابة والتأكيد مجدداً على المصالح المشتركة بين البلدين...

 

القمة جاءت أيضا في وقت تشهد الولايات المتحدة هجوما قويا على السعودية تحديدا في محاولة لتحميلها مسؤولية هجمات سبتمبر رغم تبرئتها منها وثبوت تورط إيران, وهو ما دعا الرياض للتهديد بسحب استثماراتها من أمريكا والتي تبلغ 750 مليار دولار...ولقد شعر عدد من الساسة في أمريكا بخطورة الموقف على رأسهم الريس أوباما الذي صرح  برفضه لمشروع القانون الذي يسمح لعوائل ضحايا 11 سبتمبر 2001 بمقاضاة السعودية،مشيراً إلى أن رفضه نابع من عدم رغبته فتح الباب لمقاضاة الولايات المتحدة من قبل بلدان أخرى، مفضلاً الطرق الدبلوماسية للتعامل مع المملكة.