لماذا الانتقام من الإسلاميين في بنجلاديش؟
5 شعبان 1437
خالد مصطفى

حرب شعواء تقودها رئيسة وزراء بنجلاديش حسينة واجد زعيمة حزب "رابطة عوامي" العلماني ضد التيار الإسلامي في البلاد من أجل استئصاله وتثبيت أركان حكمها وإرضاء الهند التي كانت وراء انفصال بنجلاديش عن باكستان لإضعاف الدولة المسلمة الفتية التي استقلت عنها وكانت تهدد نفوذها في المنطقة...

 

كان والد حسينة مجيب الرحمن ـ أول رئيس للبلاد ـ على رأس المطالبين بانفصال بنجلاديش عن باكستان ودعمته الهند في ذلك ودخلت بقواتها العسكرية إلى الأراضي الباكستانية من أجل إقرار هذا الواقع في السبعينيات من القرن الميلادي الماضي... وكان الزعماء الإسلاميون يرون خطورة هذا الانفصال خصوصا أن الزعماء البنغال كانوا على رأس المطالبين باستقلال باكستان المسلمة عن الهند في عام 1947 وأن المخطط الهندي يهدف للانتقام من الدولة الجديدة..

 

وبعد الحرب التي خاضتها باكستان الشرقية "بنجلاديش" مع باكستان الغربية "دولة باكستان الحالية" والتي انتهت بالانفصال فتح الجميع في بنجلاديش صفحة جديدة من أجل بناء دولة قوية واتفقوا على طي صفحة الحرب بما فيها...

 

وشارك الزعماء الإسلاميون في السياسة وتمكنوا من الوصول للبرلمان وشاركوا في الحكومات المتعاقبة بمناصب وزارية ومنهم زعيم الحركة الإسلامية الحالي الشيخ مطيع الرحمن نظامي الذي تم إعدامه الثلاثاء الماضي بعد محاكمة سياسية من الدرجة الأولى لا تتمتع بأدنى المعايير القانونية حتى أن رئيس المحكمة ذكر أنه لا توجد أدلة أمامه على الجرائم المنسوبة للشيخ نظامي ولكن يكفي أنه وقف مع باكستان في الحرب! وهي تهمة سياسية وليست جنائية وتم تجاوزها منذ عشرات السنين فكيف ينم محاسبته عليها الآن؟!...الشيخ نظامي لم يكن الضحية الأولة لانتقام العلمانية المتطرفة الموالية للهند الهندوسية حسينة واجد بل سبقه عدد من الزعماء الإسلاميين البارزين...

 

فقد أدين في نوفمبر 2015 قياديان بزعم ارتكاب جرائم حرب خلال ما سمي بـ"حرب الاستقلال" عن باكستان عام 1971، ورفض الرئيس محمد عبد الحميد التماسهما العفو... وأعدم وقتها القيادي بحزب الجماعة الإسلامية علي إحسان محمد مجاهد (67 عاماً) ، إضافة إلى صلاح الدين قادر تشودري (66 عاماً) العضو السابق في المجلس النيابي عن حزب بنغلاديش القومي، الذي تتزعمه رئيسة الوزراء السابقة، خالدة ضياء.. كما طالت سلسلة الإعدامات عدداً من القادة السياسيين وأعضاء بارزين في الحركات الإسلامية؛ إذ أعدم في ديسمبر الأول عام 2013 القائد عبد القادر ملّا الذي شغل منصب الأمين العام للجماعة الإسلامية....

 

وفي أبريل من عام 2015 أعدم الزعيم الأبرز في الجماعة الإسلامية محمد قمر الزمان... وعقب ذلك في نوفمبر من عام 2015 أعدمت السلطات البنغالية النائب البرلماني والأمين العام للجماعة الإسلامية، علي إحسان مجاهد، بعد رفض الطعن المقدم لتخفيف عقوبته.....

 

وفي أكتوبر من العام نفسه أصدرت المحكمة حكماً بالإعدام على موتيور رحمن نظامي، رئيس حزب الجماعة الإسلامية، البالغ من العمر أكثر من 91 عاماً. ومؤخراً في مارس الماضي أيدت المحكمة العليا في بنجلاديش، قرار إعدام مير قاسم علي، العضو في الهيئة التنفيذية لحزب الجماعة الإسلامية....

 

الخطورة تكمن في أن حزب عوامي يحارب الهوية الإسلامية أيضا بشكل واضح فرغم أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي منذ نشأتها إلا أن المحكمة العليا بدأت مؤخراً النظر في التماس قدّمه أحد المواطنين يدعى "سرجول إسلام جودهوري" قبل 28 عاماً هو وأصدقاؤه الـ14، لدعوة المحكمة لإلغاء الدين الإسلامي كديانة رسمية....

 

كما أن الحزب ألقى البلاد في أحضان الهند المعروفة بعداوتها للمسلمين فقد استطاعت الهند أن توقع مع بنجلاديش اتفاقيات تمنحها من الامتيازات الاقتصادية والسياسية ما لم تكن تحلم بها في أي عهد مضى...الشيخ مطيع الرحمن نظامي رفض تقديم التماس بإلغاء حكم الإعدام وكانت له مقولة عظيمة قبل إعدامه نقلها عنه نجله وهي: "لقد عشت ثلاثة وسبعين عاما، ومصاب بأمراض مختلفة، ويمكن أن ألبي نداء الموت في أية لحظة، ولكن الله أكرمني بالشهادة في سبيله، فلا تجزعوا ولا تطلبوا العفو من أحد سوى الله، ولا تدعوا لي بالحياة بل ادعوا لي بالثبات والقبول عند ربي، فالشهادة في سبيله أسمى أماني".