تاريخ العلاقات بين ثورة الخميني وأمريكا
9 رمضان 1437
خالد مصطفى

تكلم الكثيرون عن عمق العلاقات بين الثورة الشيعية في إيران والغرب وعلى رأسه أمريكا رغم الشعارات المعادية التي رفعتها هذه الثورة في بدايتها وحتى الآن من باب خداع البسطاء من المسلمين...

 

وأشار البعض إلى أن ثورة الشيعة في إيران لم تكن لتقوم دون دعم غربي مستدلين بوجود الخميني في فرنسا لفترة طويلة قبل عودته لإيران...

 

إلا أن رفع أمريكا للسرية عن مجموعة من الوثائق مؤخرا بعد مرور أكثر من نصف قرن عليها كشف عن الكثير من خيوط هذه العلاقات التي بدأت تتوج الآن بالاتفاقات والصفقات الأخيرة التي تم عقدها بين الطرفين وأثارت دهشة البعض وظنوها انحرافا عن نهج "الثورة" إلا أن الحقيقة أنها تنسجم تماما مع مبادئ هذه الثورة الشيعية الفارسية... لقد نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "BBC فارسي" مستنداً تاريخياً لأول مرة، يكشف حقيقة رسالة مرشد الثورة الإيرانية السابق الخميني للرئيس الأميركي جون كنيدي، التي عبّر فيها عن دعمه للمصالح الأميركية في إيران...

 

وذكر المستند التابع لجهاز الاستخبارات الأميركي "CIA" أنه قبل نصف قرن قام الخميني وهو في محبسه بمدينة قم بشمال طهران، بالتواصل مع الحكومة الأميركية بعيداً عن أعين رجال "السافاك"....وقام الخميني، بإرسال رسالة إلى حكومة الرئيس الأميركي جون كيندي في هدوء، بينما كان في محبسه سنة 1963، وأشار فيها إلى عدم إساءة تفسير تهجمه اللفظي لأنه يؤيد مصالح أميركا في إيران!.... ورغم أن تقرير السفارة الأميركية في طهران الذي يحتوي على المتن الكامل لرسالة الخميني، في الأرشيف الوطني الأميركي محاطاً بسرية، لكن خلاصة هذه الرسالة جاء في مستند "الإسلام في إيران"...

 

وشرح الخميني في رسالته إلى حكومة الولايات المتحدة الأميركية من خلال ميرزا خليل جامرائي، الأستاذ في كلية اللاهوت بجامعة طهران أنه لم يعارض المصالح الأميركية في إيران، على العكس فإنه اعتقد بأن التواجد الأميركي كان ضرورياً لإحداث توازن ضد الاتحاد السوفييتي والنفوذ البريطاني المحتمل، كما شرح الخميني اعتقاده في التعاون الوثيق بين الإسلام وبين أديان العالم، خصوصاً المسيحية"....

 

وعلى أساس المستند، فإن الرسالة أرسلت قبل 10 أيام من سفر رئيس الاتحاد السوفييتي ليونيد بريجنيف إلى إيران، التي وصلت إلى السفارة الأميركية بطهران على يد وجه غير معروف سياسياً آنذاك يسمى ميرزا جمرائي....التحقيقات المكتوبة أشارت إلى وصول الرسالة إلى واشنطن يوم 6 نوفمبر 1963، فيما لا يعلم هل قرأ الرئيس الأميركي هذه الرسالة أم لا، حيث توفي كيندي بعد أسبوعين بعد تعرضه لعملية اغتيال في تكساس......وبحسب "BBC"، فإن الخميني أرسل رسالة أيضاً لإدارة الرئيس جيمي جارتر وفقاً لمستند يعود تاريخه إلى 19 يناير 1979، أي قبل انطلاق الثورة الإيرانية بأسابيع، والتي وعد فيها الرئيس الأميركي، بعدم قطع إيران للنفط عن الغرب، وعدم تصدير الثورة إلى دول المنطقة، وإقامة علاقات ودية مع الولايات المتحدة....وجاء في رسالة الخميني لكارتر، "سترون أنه لا يوجد عداء خاص بيننا وبين أميركا، وسترون أن الجمهورية الإسلامية المبنية على الفلسفة والقوانين الإسلامية، لن تكون إلا حكومة إنسانية، تسعى للسلام ومساعدة البشرية".....

 

مما سبق يتضح أن العلاقات بين الغرب و حكومة الشيعة في طهران وأن ما يجري حاليا هو تنفيذ لهذه التوجهات القديمة من جانب زعيم الثورة ...

 

كما تكشف هذه الوثائق أنه لا حقيقة لمزاعم وجود تيار محافظ في إيران يرفض التعامل مع الغرب لكن هذا التيار يريد المزيد من الغرب للتمكن من فرض سيطرته سريعا على المنطقة بما يعني أن الخلافات بين التيارات النافذة في إيران على التوقيت وطريقة إدارة الملف وليس على المبدأ نفسه كما يروج لذلك البعض الذي يريد أن يراهن على وجود تيارات معتدلة في السلطة الإيرانية وهو ما ثبت عدم صحته من خلال سياسة الرئيس الحالي حسن روحاني المحسوب على تيار ما يسمى "بالإصلاح" أو "الاعتدال".