هل ستستنفر حكومة الجزائر لمواجهة التشيع ؟
11 محرم 1438
د. زياد الشامي

ما تزال دعوات المفكرين والمصلحين والغيورين على مستقبل أمتهم وأمن وأمان بلادهم تتوالى كي تتدارك الحكومة الجزائرية الخطر المحدق بهويتها وأمنها الفكري المتمثل بخطر نشر التشيع في بلد المليون شهيد , قبل أن يستفحل هذا الداء ويستعصي على العلاج بالأدوية والعقاقير كما حدث في بلدان عربية وإسلامية أخرى .

 

 

فها هو رئيس المجلس الإسلامي الأعلى "بوعبد الله غلام" يدعو حكومة بلاده إلى محاربة ظاهرة التشيع التي انتشرت بالبلاد بصفة مضطردة ، ويحذر من أن الظاهرة تهدد الوحدة الوطنية , مؤكدا في تصريحات صحفية أمس الثلاثاء بأن "الأمر – أي ظاهرة التشيع - يتعلق بـ"أعشاش معروفة لدى السلطات".

 

 

لم تكن دعوة "بوعبد الله غلام" سلطات بلاده إلى "ضرورة معالجة الوضع، حتى لا نكون ضحية لهذه الظاهرة التي قد تهدد وحدتنا الدينية وبالتالي الوحدة الوطنية" .... إلا حلقة في سلسلة دعوات مماثلة من مفكرين وإعلاميين وعلماء بخصوص التحذير من الخطر الرافضي على أمن البلاد وهويتها السنية , ولعل تحذيرات الإعلامي الجزائري المعروف أنور مالك المتكررة والمتتالية لم تعد تخفى على متابع .

 

 

كانت آخر تغريدات "مالك" حول هذا الموضوع على حسابه على "تويتر" : "إيران تصنع أقلية شيعية ثم ميليشيات مسلحة وبعد تغلغل مدروس تثير فتنة طائفية وتنقلب على مؤسسات الدولة ثم تقدمها على طبق من ذهب ل #خامنئي..!!
وأضاف : السكوت عن التمدد العقدي الشيعي ببلاد العرب السنية هو أكثر ما يساعد #إيران على إشعال حروب طائفية تمزق الأوطان وهذا هو هدف الخمينية منذ نشأتها .

 

 

على مدى سنوات سابقة لم تعر الحكومة الجزائرية أي اهتمام بتلك التحذيرات , بل ربما كانت ممارسات السلطة تشير بوضوح إلى التقارب مع طهران , وغض الطرف عن سلوكيات سفاراتها وملاحقها ومراكزها الثقافية التي تقوم بمهمتها الرئيسية في نشر التشيع في طول البلاد وعرضها , بل وصل الأمر إلى الدفع عن تلك الممارسات في مواجهة الغضب الشعبي من ظاهرة نشر التشيع في البلاد عبر تلك البؤر الرافضية .

 

 

إلا أن تغيرا طرأ مؤخرا على موقف الحكومة الجزائرية من تلك الظاهرة ولو بمجرد التصريحات والأقوال , فمنذ أشهر خرج وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري "محمد عيسى" عن صمته ليعترف أخيرا : بأن أطرافا أجنبية تريد التشويش على الجزائر من خلال سعيها إلى نشر الطائفية وتقوية حركات “التشيّع” , خاصة على مستوى الولايات الحدودية الشرقية والغربية للوطن ... مشيرا إلى عزم الحكومة على إنشاء جهاز تفتيش يتولّى مكافحة الأفكار الرافضية ومعرفة مواقع حركات التشيع , وذلك بالتنسيق مع الأجهزة المختصة ...

 

 

وقبل أيام فقط أعلن الأخير أن وزارته بصدد مقاضاة طائفة شيعية تروج لنبي جديد , مضيفا في تصريح للإذاعة الجزائرية : " أن أتباع هذه الطائفة حاولوا مرارا فتح مقرات لهم بالجزائر وتحديدا بمحافظة البليدة، غرب العاصمة" .
ولعل هذه التصريحات الحكومية دفعت "أنور مالك" للقول في تغريدة على حسابه على تويتر : ما أسمعه من مسؤولين جزائريين عن التشيع يثلج صدري فقد إستيقظ بعضهم بعد سنوات الإنكار والتواطؤ لكن هذا لا يكفي بل يجب ترجمة الأقوال إلى أفعال!

 

 

والحقيقة أن الأفعال هي المعيار الحقيقي لجدية الحكومة في مواجهة ظاهرة التشيع من عدمها , فتكرار التصريحات والأقوال دون إجراءات ملموسة على الأرض لا يمكن فهمها عمليا إلا أنها مجرد تخدير وتطمين لهواجس الشعب ومخاوفه من الخطر الرافضي , وهو ما ذكرته سابقا في تقرير عن ظاهرة التشيع في الجزائر تحت عنوان : "ماذا بعد إدراك خطر التشيع في الجزائر" .

 

 

لا يمكن لأحد أن يجادل في دور الحكومة وأجهزتها المختلفة في مواجهة خطر نشر التشيع في أي دولة عربية وإسلامية إن هي عزمت على ذلك بشكل جدي , فمع أهمية ومحورية الرفض الشعبي للأفكار والمعتقدات الرافضية الباطلة , وفاعلية دور العلماء والمفكرين في نشر الوعي من خطر التشيع .....إلا أن للحكومة دور لا يمكن أن يغطيه أو يقوم به أحد سواها .

 

 

ومن هنا يمكن فهم تكرار محاولة المفكرين والناشطين الجزائريين استنفار الحكومة لخوض هذه المواجهة , فهم يدركون جيدا أن ما يقومون به من جهود لمواجهة التشيع في بلادهم لا يمكن أن يؤتي ثماره كما ينبغي إلا إذا أعلنت الحكومة بجميع أجهزتها تخندقها مع إرادة الشعب و وقوفها ضد أي عبث بهويته وأمنه الفكري , كما أنهم يعون مصداق الأثر الوارد عن ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه : "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" .

 

 

فهل سنتسنفر الحكومة الجزائرية أجهزتها لمواجهة ظاهرة التشيع استجابة لعموم الشعب السني فضلا عن نخبه ورموزه ؟!