ماذا بعد انتخاب " عون" رئيسا للبنان ؟
1 صفر 1438
د. زياد الشامي

بعد فراغ منصب رئاسة الجمهورية بلبنان لمدة عامين ونصف تم بالأمس انتخاب رئيس جديد للبنان هو "ميشيل عون" حليف "حزب الله" وإيران وطاغية الشام , وذلك بعد تأييد رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لهذا الترشيح منذ أيام ضمن تفاهمات شفهية مع "عون" وحلفائه , وتبرير ذلك الترشيح بأنه لإنقاذ لبنان من حرب أهلية في حالة استمرار فراغ منصب رئاسة الجمهورية .

 

 

ورغم المعارضة الشديدة لهذا الترشيح من قبل شخصيات فاعلة ومؤثرة في تيار المستقبل , ناهيك عن معارضة الشارع والتيار السني لبنانيا وعربيا عموما , حيث اعتبره البعض استسلاما لإملاءات عملاء إيران بلبنان , وتسليما لرقبة أهل السنة ومستقبل وجودهم هناك إلى ملالي قم ...إلا أن ذلك لم يحل دون إنجاز هذا الاستحقاق بعد أيام من تنازل تيار المستقبل وترشيح خصمهم "عون" للرئاسة .

 

 

لا يحتاج معرفة من أوصل زعيم التيار الوطني "عون" إلى قصر بعبدا مجددا بعد أن فر منه قبل 26 سنة على وقع قصف القوات السورية حينها لقصر الرئاسة خلال الحرب الأهلية اللبنانية إلى فطنة أو ذكاء , فالجميع بات يعلم تحالف "عون" مع إيران ومليشياتها في لبنان منذ سنوات , وهم الذين أصرورا على وصوله إلى قصر الرئاسة لاستكمال تنفيذ أجندتهم ومشروعهم الصفوي في لبنان والمنطقة .

 

 

يكفي رصد مصدر الابتهاج والفرح بهذا الحدث لمعرفة الجهة المستفيدة منه في قابل الأيام , فبالإضافة لأنصار تيار عون وحزبه أظهر الإعلام التابع للمشروع الصفوي في لبنان وغيرها الفرح والابتهاج بهذا الحدث , كما أن أولى اتصالات التهنئة بالمنصب تلقاها "عون" بالأمس من زعيم مليشيا إيران في لبنان , ومن طاغية الشام !!

 

 

ما يعنينا الآن بعد انتخاب "عون" رئيسا للبنان هو إتمام إنجاز التفاهمات الأخرى التي أدت إلى وصول الأخير إلى قصر بعبدا , وهي المتعلقة بتسمية زعيم تيار المستقبل سعد الحريري رئيسا للحكومة , ومن ثم تسهيل عملية إتمام اختيار الحقائب الوزارية ومنح حكومة الحريري الثقة , بالإضافة إلى مسألة تنفيذ وعود "عون" اتباع سياسة النأي بلبنان عن الحروب الإقليمية وعلى رأسها الحرب الدائرة بسورية , والتي تعلن مليشيا "حزب الله" الإصرار على الاستمرار في خوض غمارها دعما لطاغية الشام حتى النهاية ......

 

 

فالتحدي الأول الذي ينتظره لبنان عموما وأهل السنة على وجه الخصوص بعد انتخاب الرئيس , هو الإسراع بتشكيل الحكومة الوليدة برئاسة سعد الحريري , وعدم وضع العصي في العجلات كما حصل في مرات سابقة بسبب محاولة "حزب الله" وحلفائه الاستئثار بالحقائب الوزارية السيادية , حيث بقيت حكومة الرئيس تمام سلام 11 شهرا بانتظار استكمال عناصرها ، وهو ما حصل أيضا في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وغيرها من التشكيلات الحكومية ....

 

 

لا أحد يمكنه أن يضمن وفاء "عون" وداعميه بالتزاماتهم الشفهية التي تعهدوا بها خلال تفاهمات ترشيح "عون" رئيسا للبنان , فنقض العهود وعدم الوفاء بالالتزامات سمة الرافضة وأتباع المشروع الصفوي , ولعل تكرار نقض عهودهم في كل من سورية واليمن دليلا كافيا على تلك السمة .

 

 

أما مسألة النأي بلبنان عن لهيب الحروب التي تشتعل بجوارها وفي المنطقة عموما , فإن تحقيقها بعيد المنال , ويكفي استرجاع تصريحات "حسن نصر الله" في خطاباته السابقة لمعرفة مدى الإصرار على مواصلة الزج بلبنان في لهيب الحرب التي يشنها طاغية الشام على شعبه , بل وتسخير كل إمكانيات لبنان العسكرية والجغرافية لصالح هذا الدعم .

 

 

والحقيقة أن تعهد عون خلال خطاب القسم أمام مجلس النواب بأن يبقي لبنان بعيدا عن نيران النزاعات المشتعلة في المنطقة ....ما هي إلا دعابة دبلوماسية وتخديرا لمشاعر تيار المستقبل وعموم أهل السنة بلبنان , فلا يملك "عون" هذا القرار أبدا , فأمثاله ينفذون فقط إملاءات وتعليمات من جاء به إلى قصر بعبدا ولا يملكون قرارا بهذا الحجم .

 

 

كما أن تصريح عون بوجوب معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة للنازحين ، والسعي لكيلا تتحول مخيمات وتجمعات النزوح إلى مخيمات أمنية" حسب قوله , وتأكيده بأنه لا يمكن أن يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين .... لا يمكن أن تأخذ على محمل الجد , فتهجير أهل السنة من سورية واستبدالهم بآخرين من الرافضة لم يصل إلى هذه المرحلة من الخطورة حتى ينتهي أو يتوقف , و مشروع التغيير الديمغرافي داخل ما يسمى بـ "سورية المفيدة" الذي تعمل على تنفيذه طهران بمباركة أمريكية واضحة ....لا يمكن أن تعطله تصريحات أمثال "عون" .

 

 

كثيرة إذن هي التساؤلات التي يطرحها المكون السني بلبنان على وجه الخصوص عن مرحلة ما بعد انتخاب "عون" رئيسا للبنان , وخصوصا بعد توالي تصريحات ساسة إيران وجنرالاتها وتفاخرها بهيمنتها وسيطرتها على أربعة عواصم عربية منها بيروت بلبنان طبعا .

 

 

وإذا كان رئيس مجلس النواب اللبناني "نبيه بري" قد وصف التوافق اللبناني الحاصل لانتخاب زعيم التيار الحر ميشيل عون رئيسا للبنان بأنه "تسوية إيرانية-أمريكية" فإن ذلك مما يزيد من مخاوف المكون السني من مرحلة ما بعد انتخاب "عون" رئيسا .