!تطالبون أردوغان ثم تتولون.. ما لكم كيف تحكمون
11 ربيع الأول 1438
حمزة تكين

من السهل رشق الكلام، أو كتابة تدوينات ومقالات ومنشورات وتغريدات تنتقد ـ دون شيء من المنطق ـ وتنظر وتحاول إعطاء نصائح تعليمات وتوجيهات، دون عمل إيجابي ملموس على أرض الواقع... وذلك صدق من قال "وقت الشدائد يظهر الرجال".

 

 

دائما ما نسمع ونقرأ للكثيرين مطالبات ومحاولة إعطاء تعليمات، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفي غالب الأحيان انتقادات لا تستند إلا لمبدأ العبثية والتنظير، ونادرا ما نسمع أو نقرأ نصائح إيجابية بناء، أو انتقادات من أجل الخير والنجاح.

 

 

الغريب في الأمر، أنه عندما يقدم هذا الزعيم التاريخي ـ في تركيا والعالم، كما يصفه خصومه قبل محبيه ـ على خطوة تاريخية تعتبر بمثابة "الثورة" في ما تتعلق به من قضايا، لا يُرى التجاوب اللازم من كبراء القوم والمعنيين، ويُلاحظ بشكل جلي اختفاء كل من كان ينظر وينتقد ويوزع النصائح والتعليمات، في مشهد لا يعبر إلا خلل واضح وخطير في جسد الأمة، التي من المفترض أن تكون واحدة.

 

 

خطوتان هامتان، أقدم عليهما الطيب أردوغان هذا الشهر، اعتبرهما الكثير من الناس أنهما بمثابة "ثورة أردوغانية" حقيقية، إلا التجاوب اللازم من كباراء القوم والمعنيين والمختصين بشأنهما كان ضئيلا وليس بما يطمح له أبناء الأمة.

 

 

الخطوة الأولى، الدعوة التاريخية لتصحيح مفاهيم مكذوبة زرعها أعداء الأمة في عقول أجيال وأجيال، مفاهيم كانت سببا رئيسيا بإسقاط آخر خلافة إسلامية ـ الخلافة الإسلامية العثمانية ـ وتعتبر اليوم السبب الرئيس للفتن والأحقاد.

 

 

ففي أحد خطاباته، قبل أيام، قال الطيب أردوغان إن "هناك من يقول لنا أن العرب خانوا الأتراك، ويقول للعرب أن تركيا احتلتهم.. وهذا غير صحيح، فنحن والعرب أخوة ومصالحنا واحدة".

 

 

دعوة تاريخية، فمن تجاوب معها، ودعمها، ودعا إلى البدء بالغوص في التاريخ المزور من أجل إعادة تصحيحه بما يخدم الأمة ؟!

 

أين كبراء القوم وأهل الاختصاص في هذا الشأن من هذه "الثورة" ؟!

 

 

الخطوة الثانية، تلك "الثورة" التي أطلقها الطيب أردوغان قبل أيام، ضد نظام الفائدة الظالم الفاسد المدمر لحياة البشر، والتي دعا خلالها إلى التخلي عن التعامل بالدولار الأمريكي، وتحويل هذه العملة إلى الذهب صاحب القيمة الحقيقة.

 

 

ربما لم يتجرأ من قبل، مسؤول رسمي كبير في أي بلد من العالم، أن يطلق مثل هذه الثورة، وبهذا الوضوح، وهي ثورة لا تصب إلا في صالح الأمة التي من المفترض أن تكون واحدة.

 

 

دعوة تاريخية، فمن تجاوب معها، ودعمها، ودعا إلى تشجيعها وبدء السير بها، ولو بخطوات أولية بما يخدم الأمة ؟!

 

أين كبراء القوم وأهل الاختصاص في هذا الشأن من هذه "الثورة" ؟!

 

 

ونذكر هنا بما قاله الطيب أردوغا قبل أيام قليلة أيضا :"أعلم أنني وحدي في هذا الطريق وهذه الدعوة، ولكنني مصر وعازم على السير بها حتى النهاية ومهما كان الثمن".

 

 

هاتان نقطتان، خلال أسبوع واحد فقط، كان من المفترض أن يطلقا ثورتين عارمتين عند أبناء الأمة، الأولى تاريخية، والثانية اقتصادية! ولكن لم يحصل كما كان يطمح الغيورون على الأمة.

 

 

يقول الله تعالى :" وإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ".

 

 

ويقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :" لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى".

 

 

أوردنا نقطتين فقط، ولكن الأمثلة على مجرد النقد والتنظير لأجل النقد والتنظير وكسب الشهرة.. وعند الشدائد لا تـُرى الرجال، كثيرة جدا، يمكن لباحث عنها عن يكتب رسالة ماجستير بها تحمل عنوان "ما أكثر الضجيج وما أقل الحجيج".

 

 

 

المصدر/ TurkeyNews2023