لم تخرق ثورة، أو حدث القواعد الدولية كما فعلته الثورة الشامية، فمنذ اليوم الأول اتفق الأضداد على معاداتها بنسب متفاوتة أحياناً، ولكن في المآل هو اتفاق على عدم دعمها وإجهاضها، تتلفت إلى الموقف الإيراني الذي تظاهر على مدى عقود بمعاداته للموقف الصهيوني فتجدهما متماهيان تماماً وداعمين بشكل قوي ورهيب للعصابة الأسدية الطائفية، ونفس الأمر حصل بين حزب الله الإرهابي والصهاينة، ننتقل إلى الهند وباكستان فنجد اتفاقاً بينهما على معاداة الثورة أو على الأقل عدم دعمها، ومن كان يتخيل أن يسمح لدولة عضو في النيتو كتركيا أن تنسق ضرباتها الجوية على عدو مشترك كتنظيم داعش في سوريا ..
ما كشفته الثورة الشامية أخيراً عن المواقف الروسية والأميركية المتماهية المعادية للثورة الشامية أيضاً يدخل ضمن الاستثناء الشامي، فأميركا كانت تمارس الفيتو بمنع تزويد الثوار بأسلحة متطورة، بينما كانت روسيا تمارس الفيتو في مجلس الأمن الدولي لحماية العصابة الطائفية، وحين رأت أن الأخيرة تترنح أمام ضربات الثوار كما أعلن وزير خارجيتها سيرجي لافروف أرسلت قواتها وطائراتها لإنقاذ العصابة الطائفية، التي استعدت للذهاب إلى آخر الدنيا من أجل جلب كل مستعمري ومحتلي العالم ومعهم حثالاتهم الطائفية لوأد ثورة الشام، في حين مانعت وقاومت أي تقدم ولو إنشاً واحداً صوب ما يفترض أن يكون شعبها ومطالبه في التحرر، فتبين أنه العدو الأول والأخير، وأن خيار العصابة الاستراتيجي هو قتله وتشريده وإبادته..
كشفت الثورة الشامية أخيراً عن انتقال التنسيق الأميركي الروسي الباطني إلى العلن يوم قام طيران الطرفين بعمليات مشتركة لاستهداف فتح الشام، وهو الأمر الذي لم يكن ليتخيله أحد في أكثر الأفلام الأميركية الخيالية..
الأمر تفسيره فقط بعظمة الشام، ومعرفة المحتلين والغزاة وتحديداً الروس أهمية الأيقونة الشامية في التاريخ الإسلامي، ولذا فهم يسعون إلى وأد أي تحرك وانعتاق شعبي من الاستبداد وتحديداً من حكم الأقلية الطائفية، وأكثر ما تخشاه روسيا والقوى الاستعمارية تحرر الشام كبلد له رمزية دينية وتاريخية وقادرة على حشد وتعبئة الأمة وراءها كما حصل من قبل أيام الخلافة الأموية، والظاهر أن القوى العالمية حسمت أمرها بعدم ترك الخلاف العثماني ـ الإيراني على الشام بشكل ثنائي لأن ذلك سيُحسم لصالح الأتراك، كما حسم أيام الخلافة العثمانية نظراً لكون إيران أقلية في وسط سني متماهي ومنسجم مع الشام وتطلعاتها..
سيكتب التاريخ عن انهيار كثير من قواعد العلوم الاجتماعية في الشام، فمن كان يصدق أن دولة محتلة كروسيا تعمل على إعداد دستور لدولة مثل سوريا، بينما لم يحصل هذا في أكثر فترات الاحتلال سواداً وظلمة بالتاريخ، وعليه فإن من ظن أو يظن أن القوى الاستعمارية ستقبل بحل سياسي يرحّل طاغية الشام ويسلمها الحكم على طبق من فضة أو ذهب واهم، فالقيود الدستورية والقانونية ستلزمهم وتربطهم تماماً في سوريا الغد، ولكن لكل أجل كتاب، وأجل الثورة الانتصار بإذن الله فهذا هو التاريخ وهذه هي مسيرته