قام الرئيس الإيراني حسن روحاني مؤخرا بجولة خليجية قادته إلى سلطنة عمان والكويت في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الخليجية لممارسات طهران في المنطقة واستمرار تدخلاتها في شؤون دول الجوار بجانب موقف إيران من نظام الأسد ودعمها له بالإضافة إلى دعمها للمتمردين الحوثيين الذين يشنون هجمات على الحدود السعودية..
إن العلاقات الخليجية الإيرانية تشهد في معظمها عقبات وخلافات كبيرة، حيث تتهم دول مجلس التعاون الخليجي خاصة السعودية، إيران بأنها تستعمل الإرهاب والطائفية في تخريب الدول الخليجية، ولهذا قطعت السعودية والبحرين العلاقات الدبلوماسية مع إيران في يناير 2016 بعد أن أحرق "محتجون" السفارة السعودية في طهران، بينما سحبت الكويت وقطر والإمارات سفراءها من إيران في هذ الوقت..
زيارة روحاني جاءت مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحكم وشنه لهجوم عنيف على الحكومة الإيرانية ووصفه إياها بأنها تلعب بالنار وتهديده لها بمعاملة صارمة خلافا لما كان يقوم به سلفه باراك أوباما تجاهها...
يبدو أن طهران أرادت أن تعود بشكل أو بآخر إلى ألاعيبها القديمة مع دول الخليج في محاولة لامتصاص غضبها من أجل تخفيف الضغط عليها من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة بعد أن كانت تعيش أزهى عصورها مع إدارة أوباما التي مكنتها من التمدد في المنطقة بل وعقدت معها صفقات واضحة في العراق وسوريا ومع ذلك فلايمكن التعويل على تصريحات ترامب في هذا الشأن ففي النهاية المصالح هي التي تحكم واشنطن في إدارتها لملف المنطقة...
ولكن من الواضح كذلك أنه ليس لدى طهران الكثير لتقديمه عمليا من أجل امتصاص غضب الخليج فزيارة روحاني لم تخرج بنتائج ملموسة حيث اعتبر مراقبون للزيارة أن ظروف أي تقارب خليجي إيراني لم تنضج بعد، وأن روحاني جاء مستكشفا حقيقة المزاج الخليجي من مسألة التقارب، دون أن يحمل أجوبة على الأسئلة التي تطرحها العواصم الخليجية بشأن سياسات طهران في المنطقة والمهددة لأمن دول الخليج...
الرئيس الإيراني حاول طمأنة الخليجيين بتصريحات مطاطة لم تترك أثرا إيجابيا خصوصا في الرياض التي شنت هجوما قويا على سياسة إيران في المنطقة عقب انتهاء جولة روحاني...لقد ذهب يعض المراقبين إلى أن زيارة روحاني إلى مسقط لم تكن تهدف إلى مقاربة الخليجيين بقدر تفقد إمكانات أن تلعب سلطنة عمان دورا للتوسط مع الإدارة الأمريكية الجديدة لإيجاد مداخل لتسويات ممكنة بين طهران وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب...
وأشاروا إلى أن الطرف الإيراني يعول في هذا المجال على سوابق لعبت فيها مسقط دور الوسيط، لا سيما استضافتها لمفاوضات أمريكية إيرانية مهدت للتوصل إلى الاتفاق النووي....
إيران على المستوى الرسمي حاولت قبل انطلاق الجولة أن تعطيها أهمية كبرى من خلال تصريحات لعدد من المسؤولين ولكن الأمر ظل في دائرة الحديث المرسل دون دخول في تفاصيل القضايا الجوهرية التي تشكل عائقا أمام ثقة الخليجيين في النظام الإيراني..
البعض قارن بين جولة روحاني في الخليج وجولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي تزامنت معها ولفتوا إلى حجم الترحيب والتفاهم الواسع بين دول الخليج وأردوغان خلافا للوضع مع روحاني, مؤكدين على أن المستقبل هو للتحالف التركي الخليجي لوقف الأطماع الإيرانية في المنطقة..