تركيا تحظر ويكبيديا.. عندما تخدم عدوك مجاناً
5 شعبان 1438
منذر الأسعد

أساءت موسوعة ويكبيديا إلى تركيا وإلى رئيسها أردوغان،  فاتهمت الدولة بالدعشنة ووصفت الرئيس بأنه ديكتاتور،  فقرر حجب موقعها في البلاد، وثارت ثائرة المشفقين على الحريات وأكثرهم كذابون وتجار مخاتلون،  وبينهم قلة صادقة يجب البحث عنها بمجهر إلكتروني متقدم ( Electron Microscope ) حتى نعثر على أنفار متفرقين منها متناثرين في أصقاع الأرض..

 

غلطة قاتلة
لسنا في زمن إمام اليمن الزيدي الذي كان يغلق بوابات صنعاء بعد المغرب فلا يدخلها أحد ولا يخرج منها بشر قبل الصباح ..
فسياسة منع الفكر باتت غير مجدية بعامة، وإذا استثنينا التضليل العقدي والإفساد الأخلاقي، فإن الحَجْب لم يعد يقنع أكثرية الناس .. وخاصة أن الوصول إلى الممنوعات المعلوماتية أيسر من شرب جرعة ماء.. فكيف بنظام يقدم نفسه على أنه نظام ديموقراطي؟

 

في ضوء هذه المعطيات الموضوعية، أنظر إلى القرار التركي من موقع الاعتراض، فضلاً عن أنه منح أعداء تركيا حقاً خدمة مجانية،  في توقيت ملائم تماماً، حيث جاء القرار بعد أسبوعين من الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والتي تزامنت  مع حملات دعائية ضارية شنها خصوم أنقرا لكنهم اتخذوا من اسم عدوهم اللدود رجب طيب أردوغان جسراً لبلوغ غاياتهم الخبيثة الخفية، وأهمها كراهيتهم للإسلام وحقدهم على تركيا وتربصهم بها الدوائر لمنعها من استعادة هويتها التي طمسها الصنم أتاتورك بالحديد والنار.

 

إن تعرية الموقع بمنطق موضوعي مدعم بالأدلة والشواهد -وهي كثيرة- أفضل ألف مرة من منعه !! بل كان في وسع تركيا توظيف تراجع ويكبيديا عن تهريجها ليسهم في تعريتها تماماً .. فهل هناك موسوعة تجعل الشتم علماً؟ وإذا كانت مفترياتها في حق تركيا ورئيسها معلومات فكيف ترضخ لاحتجاجاتهما وتحذف "معلومات علمية" !!!

 

أردوغان طاغية وبشار رئيس !!
إن قرار أردوغان أضفى على موقع ويكبيديا شرفاً لا يستحقه !! فهو موقع تكتنفه الشبهات من كل جانب .. والمبدأ الذي يقوم عليه نظرياً ( إتاحة الفرصة لكتابة أي شيء عن أي شيء أمام أي شخص حقيقي أو وهمي أو جماعة سرية أو علنية...) !! وهذا تهريج يتناقض مع أبجديات الموسوعات العلمية، التي يحررها خبراء في تخصصاتهم وتخضع معلوماتهم قبل نشرها إلى تحكيم علمي صارم ....

 

من الناحية العملية،  ثبت لي بتجربة شخصية أن الإطار النظري لموسوعة ويكبيديا -على عوج أساساته- خدعة كبرى.. فقد سعيت إلى تصويب مغالطات في المعلومات -وليس في الرأي- لكن المشرفين المتخفين كانوا يتفننون في منعي من ذلك بألاعيب شتى ..ونجحوا في نهاية المطاف فيئست وكففتُ عن محاولاتي لأنها عديمة الجدوى!!

 

لذلك فلا عجب أن يصبح أردوغان -الذي وصل إلى الرئاسة بانتخابات نزيهة خضعت لمراقبة دولية- أن يصبح في ويكبيديا " الديكتاتور" بينما يتم التعريف بأقبح مصاص دماء عرفه التاريخ الإنساني كله : بشار الأسد بما نصه:

 

 

((بشار حافظ الأسد (مواليد 11 سبتمبر 1965)،  رئيس الجمهورية العربية السورية،  وابن الرئيس السابق حافظ الأسد،  استلم الرئاسة في عام 2000 بعد وفاة أبيه إثر استفتاء عام. وهو في ذات الوقت،  قائد الجيش والقوات المسلحة السورية منذ عام 2000،  والأمين القُطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في البلاد منذ 1963. قبل دخوله السياسة،  كان طبيبا،  وتخصص في طب العيون في لندن حتى عودته إلى دمشق عام 1994 بعد وفاة أخيه باسل الأسد في حادث سيارة.

 

امتازت سياسته الخارجية بالوقوف في صف التيار الممانع في المنطقة المناهض للهيمنة الأمريكية،  إلا أن هناك من يرى أن سياساته الداخلية - رغم الانفتاح النسبي في الحريات مقارنة بعهد والده،  كان يشوبها الفساد الإداري والسياسي،  وبروز دور لرجال الأعمال المتحكمين في اقتصاد البلاد وسياساتها.

 

يشار بالذكر إلى أن موجة شعبية عارمة قد انطلقت ضد النظام السوري منذ يوم الثلاثاء 15 آذار عام 2011 ولا زالت رافعة شعارات ضد القمع والفساد وكبت الحريات ومطالبة بإسقاط النظام الذي استخدم ضدها الأسلحة الثقيلة وقوات الشبيحة بحسب منظميها في تحد غير مسبوق لحكم بشار الأسد وحزب البعث السوري ومتأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي أواخر عام 2010،  في حين أعلنت الحكومة السورية أن هذه الحوادث من تنفيذ متشددين وإرهابيين من شأنهم زعزعة الأمن القومي وإقامة إمارة إسلامية في بعض أجزاء البلاد. وقد نتج عن قمع هذا الحراك الشعبي الآلاف من الضحايا والجرحى والمعتقلين،  بالإضافة إلى الخسائر في صفوف القوات المسلحة. في المقابل،  قام الأسد بعدة إجراءات إصلاحية لامتصاص غضب الشارع والمجتمع الدولي - بعضها لم يُطبق على أرض الواقع))!!