رسالة التيئيس المغرضة من انتصار الأقصى
2 ذو القعدة 1438
أمير سعيد

لسنا سذجاً لتنطلي علينا عملية نزع البوابات الإليكترونية من أمام أبواب المسجد الأقصى المبارك؛ فالإجراءات التي نفذها الصهاينة بغية اغتصاب سيادة الأقصى من الأردنيين، والشروع في محاكاة جريمة الاستيلاء الكامل على المسجد الإبراهيمي في أعقاب المجزرة التي جرت به قبل 23 عاماً وتشكيل لجنة شمغار التي أسست لتقسيم المسجد الإبراهيمي وتعطيل الأذان به عشرات المرات شهرياً وإغلاق محيطه، لم تنته بنزع البوابات الإليكترونية وإحلال كاميرات وأجهزة تنصت ومراقبة بدلاً منها.

 

 

لكن مع هذا؛ فإننا لسنا بسطاء أيضاً لتنطلي علينا لعبة الإعلام المتصهين المقللة من شأن النضال والمقاومة الفلسطينيين اللذين أديا إلى هذا التراجع الصهيوني التكتيكي، والذي فرضه صمود أهلنا المرابطين حول المسجد الأقصى المبارك، وإجبارهم ميليشيات الكيان الصهيوني على العودة لخطوات إلى الخلف.

 

 

إن ملحمة الفداء والتضحية التي قام بها نشامى فلسطين الذين انطلقوا بعفوية وحماس رائع، ووعي ونظام في آن واحد، هي أبرز أسباب تحقيق هذا الانتصار المرحلي الباهر في زمن الهزائم والانتكاسات، وإن من مكملاته إدراك ذلك جيداً والبناء عليه، وقراءة المشهد بصورة صحيحة ودقيقة.

 

 

اليأس لم يك أبداً من شيم المؤمنين، وصمودهم رباطاً حول مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين، كان إيذاناً بتحريك بوصلة الصراع عند أولي النهي، ووضعها في الاتجاه الصحيح؛ فالعدو الصهيوني هو عدو وسيبقى عدواً، وهو ماضٍ - رغم كل خدعه وألاعيبه التطبيعية في المنطقة – في إزالة وجودنا الإسلامي في فلسطين، وهدم مقدساتنا وإهانتها ورموزنا. وهو يتقدم في مسيرته للاستيلاء على كل مقدساتنا وأرضنا وأملاكنا، لكن في مقابل ذلك؛ فإنه على عكس ما يسوق المنهزمون وكتائب الطابور الخامس في ديار المسلمين؛ فإن هذا العدو يألم كما نألم، ويتراجع إلى الخلف ولو لخطوات قليلة، وتعرقل مثل هذه الملاحم مخططاته، وتؤجل تنفيذها.

 

 

اليأس إثم عظيم، تحاول وسائل الإعلام المتصهينة أن تحملنا إياه، ولن يكون. اليأس يقتل كل طموح لأبناء هذه الأمة العظيمة الولود، التي ما تفتأ تنازع وتقاوم وتستبسل وتقوم وتنهض بأيدي المخبتين المصلحين. اليأس هو أحد أكبر مرامي وسائل الإعلام تلك كي يفقد المسلمون أي أمل في تغيير واقع الاحتلال البغيض لأرض فلسطين وغير فلسطين. فلقد أزعج التراجع الصهيوني كتائب الطابور الخامس؛ فأخذت تهون من حصاد نضال أصحاب الصدور العارية والأكف الضارعة والقلوب الثابتة، من أجل تطويع الجماهير على تقبل الهزائم والاستسلام باسم التطبيع والواقعية والسياسات الحكيمة! راقبوا الإعلام جيداً الآن، انظروا عن دوره في طمس الانتصار وتغليب روح الهزيمة والانكسار والركوع.