هل انتهت معركة الأقصى؟
8 ذو القعدة 1438
خالد مصطفى

الانتصار الذي حققه الفلسطينيون في معركتهم الأخيرة مع الاحتلال الصهيوني بعد الإجراءات التي اتخذها من أجل فرض أمر واقع في المسجد الأقصى ليس نهاية المطاف فالمعارك القادمة قد تكون أشد شراسة, والاحتلال لن يستسلم بسهولة بعد ما جرى...

 

البهجة التي عمت الدول الإسلامية بعد فشل الممارسات الصهيونية في الأقصى ينبغي أن لا تنسينا المخططات المستمرة من قبل الاحتلال لفرض سيطرته على القدس والأقصى والتي يدعمه فيها عدد من القوى الدولية النافذة والمرتبطة بمصالح مع الكيان الصهيوني المغتصب...

 

الاحتلال دائما ما يراهن على حالة الاسترخاء التي تصيب الأمة الإسلامية بعد وقت من الاستنفار والشحن الجماهيري ثم يقوم بتسديد ضربة جديدة يحاول من خلالها إرباك الفلسطينيين وإضعاف مقاومتهم لذلك على الأمة الإسلامية أن تتيقظ لما هو قادم...الاحتلال لم يخرج من الأقصى دون أن يرتكب جريمة من جرائمه المعتادة حيث سرق وثائق مهمة تتعلق بأملاك وأوقاف القدس المحتلة وأراضيها، وقال رئيس مركز القدس الدولي في فلسطين حسن خاطر: القوات "الإسرائيلية" استولت على الوثائق المتعلقة بالأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، حينما استفردت بالأقصى لثلاثة أيام متوالية، متنقلة بين غرفه ومكاتبه وأرشيفه ووثائقه، بعدما أخلته من المصلين وموظفيه وحراسه...

 

وأضاف: السلطات "الإسرائيلية"، وبواسطة تلك الوثائق، ستضع يدها على أوقاف القدس وأملاكها وعقاراتها، بوصفها أرشيفاً وقفياً خاصاً بالأملاك والمحاكم الشرعية، حيث تشكّل قاعدة بيانات لأملاك وأوقاف وأراضي القدس المحتلة، وتعتبر سرقة وثائق المسجد الاقصى كارثة حقيقية؛ لأنها تنال من الحقائق التاريخية والأثرية للمسجد الأقصى...وأردف: الوثائق الوقفية تخص تفاصيل وأسرار الأوقاف والتوقيعات المدونة عليها، وأنه بهذا الاستيلاء يمكن لـ"إسرائيل" الحصول على التوقيعات، ومعرفة أصحاب الصلاحية فيها، وكيفية نقل أو طرق التصرف بملكية الوقف، والاطلاع على كل تفاصيلها ومحتوياتها...

 

وحذر "خاطر" في الوقت نفسه من أن ذلك الأمر يشكل خطراً كبيراً على الأوقاف التي تشكل العمود الفقري في القدس المحتلة، التي تتجاوز حجمها 90% من البلدة القديمة، ونسبة عالية في عموم القدس...وقال: مما يزيد من حجم الخطر براعة "الإسرائيليين" في التزوير، وقدرة التلاعب بالوثائق وإلحاق الدمار بالأوقاف، إذا تم استخدامها، علماً بأن السلطات "الإسرائيلية" غير معنية بالقيمة التاريخية الأثرية لتلك الوثائق، وإنما تبحث عن سبل لتضع يدها على أوقاف القدس وأملاكها؛ لمصادرتها وتهويدها، بما يشكّل ضربة قاصمة لما تبقى من الأراضي والأوقاف في القدس المحتلة، التي تشكل أسس المعركة مع الاحتلال...وأضاف "خاطر": اللجنة الفنية التي شكّلتها دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، ستتولى حصر حجم المفقودات من الوثائق المسروقة، سواء بمصادرة الأصول أو بتصويرها...

 

الاحتلال واصل انتهاكاته في الأقصى رغم إزالته للإجراءات التي أثارت غضب المسلمين بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص حيث سمح لعدد من المستوطنين الصهاينة باقتحام المسجد تحت حراسة قواته الخاصة من أجل تحدي الفلسطينيين وإفساد فرحتهم بانتصارهم...

 

المتابع للصحافة الصهيونية خلال الفترة التي أعقبت إزالة الاحتلال للإجراءات التعسفية في الأقصى يتأكد من أن الاحتلال يخطط لخطوات أكثر خطورة في الفترة القادمة حيث هاجمت الصحافة والأوساط الصهيونية قرار الجكومة بالرضوخ للمطالب الفلسطينية واعتبرته نوعا من الهزيمة والضعف, وحرضت العناصر اليمينية المتطرفة داخل وخارج الحكومة من أجل تنفيذ المزيد من الإجراءات القمعية تجاه الفلسطينيين...لقد انتصر الفلسطينيون في معركة ولكن لا يزال أمامهم العديد من المعارك من أجل دحر الاحتلال وإزالته نهائيا وهم أهل لذلك.