العلماء والدعاة إذ رفضوا الحراك ديانة
24 ذو الحجه 1438
تقرير إخباري ـ المسلم

عشية حلول موعد ما يُسمى بحراك 15 سبتمبر والذي دعت إليه قوى وأطراف مجهولة تدار من خارج المملكة العربية السعودية، غصت وسائل التواصل بتعليقات شعبية رافضة لهذا الحراك الغامض، وكان في طليعة الرافضين ثلة من العلماء والدعاة والشيوخ انطلاقاً من مسؤولية شرعية ووعي جمعي بالأخطار المحدقة بالمنطقة، وإدراكاً لمآلات ومنطلقات مثل هذه الدعاوى التي تجر على البلاد والعباد مفاسد كثيرة راجحة.

 

الرفض عام لهذه الدعوات، بيد أن للعلماء تأصيلهم وأسانيدهم التي يرتكزون عليها في دعوتهم للشباب بالنأي عن هذا الحراك وغيره، فثمة من رآها "فتنة" كالعميد السابق لكلية الشريعة في الرياض، الأستاذ الدكتور الشيخ سعود الفنيسان؛ فغرد قائلاً إن "حراك ١٥ سبتمبر فتنة كسابقتها (حنين). فلا تنخدعوا بها أيها الشباب وفوتوا الفرصة على الأعداء.. حفظ الله بلادنا، مملكة الخير وقبلة المسلمين".

 

وثمة من حذر من مآلات مثل هذه المظاهرات، كالشيخ الأستاذ الدكتور ناصر العمر، الذي لاحظ فيها استدراجاً نحو الفوضى، والانزلاق إلى فقدان نعمتي الأمن والاستقرار؛ فوجه رسالة مشفق للشباب الغر الذي يمكن خداعه بالشبهات، قائلاً على حسابه بتويتر: "يا بُني! لا يستخفنك الذين لا يُدركون أثر نعمة الأمن والاستقرار، ولا يعرفون فضلها، تحسس حولك لترى ماذا فعلت الفوضى فيهم".

 

صوت ثالث تعرض للقضية من زاوية الاحتساب، وهي زاوية لها أهميتها واعتبارها الشرعي، فالمشرف العام على موقع الاحتساب الشيخ الدكتور عبدالله الوطبان، يراه معبراً إلى التدمير؛ فقال مغرداً: "نحذر من حراك ١٥ سبتمبر لأنه دعوة للفوضى، والفوضى باب عظيم للفساد والتدمير.. أدام الله علينا نعمة الأمن والإيمان".

 

ومن منطلق "السياسة الشرعية"، وكمتخصص أكاديمي في هذا المضمار غرد الدكتور سعد بن مطر العتيبي بقوله: "ما يسمى حراك ١٥ سبتمبر تجرمه القواعد الشرعية والأنظمة المرعية، فهو دعوة للفوضى وإخلال بالأمن العام؛ لذا يجب الحذر منه ومن التهوين من شره".

 

الشيخ القاضي سليمان بن عبدالله الماجد، بدوره أوجز رفضه لهذا الحراك في عبارة دقيقة، قال فيها: " مناعة الشريعة، وشكر النعمة، واجتماع الكلمة = تحصين طبيعي عند كل فرد في هذا البلد المبارك من أي دعوة مشبوهة". وبأخرى موجزة بليغة أيضاً قال الشيخ فهد العيبان: "حماية المجتمع من كل ما يزعزع أمنه ويفرق صفه وكلمته واجب شرعي تمليه نصوص الكتاب والسنة وقواعد العقل والحكمة والواقع المشاهد".

 

مشاهير الدعاة، كالشيخ الدكتور محمد العريفي رفضوا أيضاً، فقال: "مهما تنوعت ثقافات مجتمعنا وتفاوتت مفاهيمنا إلا أننا يجب أن نتوحد على أهمية حفظ الأمن وتماسك الصف وألا نستجيب لدعوات كهذه"، أيضاً الداعية البارز الدكتور عبدالعزيز الفوزان، دعا الله سبحانه قائلاً: "اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم من أراد ديننا وبلادنا وأمننا بسوء فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره واكفنا شره بما شئت".

 

ورجح الأستاذ الدكتور عمر بن عبدالله المقبل، أستاذ الحديث بجامعة القصيم في حسابه على تويتر فشل هذه الدعوات، فغرد: "سيفشل حراك 15 سبتمبر بفضل الله ثم بفضل الوعي بحقيقة من يقف وراءه من أعداء بلادنا. الحفاظ على الأمن واجب الجميع، والسعيد من وعظ بغيره".

 

السعيد من وعظ بغيره، كما قال د.المقبل، هو معنى ركز عليه أيضاً عليه عدد من المفكرين والدعاة، فذكّر الدكتور ناصر الحنيني عضو الجمعية العلمية السعودية للدراسات الفكرية المعاصرة بنهايات الثورات العربية، فتساءل: "حراك 15 سبتمبر لن ينصر مظلوماً ولن ينشر عدلاً. وسؤال مفتوح عن ثورات الربيع العربي: هل عادت بالخير على الأمة؟ هل حقنت الدماء؟ هل رفعت الظلم؟"، ولاحظ أن الحراك "ضرره كبير وخطير - مضيفاً - فيا شبابنا تنبهوا واتركوا الحماس والعاطفة التي لا تستند على الدين ولا العقل ولا الواقع الأمن أعظم نعمة فتنبه"، وشدد على معنى مهم يرتكن إليه العلماء والدعاة والمفكرون في موقفهم هذا، قائلاً في تغريدة ثالثة: "حينما نحذر من حراك 15 سبتمبر فهذه قناعة لم يجبرنا عليها أحد وتقديم مصلحة المجتمع والأمن واجتماع الكلمة تقدم على المصالح الشخصية والفردية".

 

ومن هذا المنطلق، ذاتية الدافع الذي حدا بالعلماء والدعاة إلى تبني هذا الموقف؛ فإن الشيخ الوهيبي يرى في استقرار بلاد الحرمين استقراراً للدعوة في العالم كله، فقال الدكتور محمد عبدالله الوهيبي أستاذ العقيدة والمذاهب في جامعة الملك سعود في تغريدته: "أمن بلاد الحرمين، أمن لكل المسلمين وهو أمنٌ للدعوة في كل مكان، وهذا أصل عظيم، يجب المحافظة عليه وأن يكون نصب أعين كل الدعاة".

 

الداعية البارز المختص بالجانب التربوي، الشيخ محمد الدويش، نبه الشباب إلى الفخ المنصوب إليهم، فقال: "أخي الشاب إياك أن تكون وقودا لنار يشعلها غيرك؛ تحرقك وهم يتفرجون، فالحراك المثمر هو العمل الإيجابي البناء المنضبط، وليس السير وراء شعارات جوفاء".

 

والحق أن هذا الموقف لم يكن إلا امتداداً لموقف مبدئي للعلماء، سواء أصمت غيرهم أم تحدثوا لأن موقفهم ورأيهم ينطلق من أسس ثابتة، ولهذا ذكّر الدكتور محسن المطيري بأننا "لا زلنا نذكر مواقف علمائنا ودعاتنا في ثورة حنين، وصمت الليبراليين المطبق.. الأمن ضرورة شرعية وعقلية لا يماري فيها إلا مفسد".   
 

ولم يكن هذا الحضور اللافت للعلماء والدعاة والمفكرين في تفنيد دعاوى الفوضى، وهذا التداعي إلى تسجيل مواقفهم المبدئية إلا امتداداً لسواد أعظم من النسيج المتدين للشعب السعودي الرافض بجملته للتغرير بالشباب في نشاطات تقوض أمنه واستقراره ولا تعود عليه بخير.