عاشوراء بين التحريف والتوظيف
5 محرم 1439
أبو عبد العزيز القيسي

أول من ابتدأ الكتابة في عاشوراء

قد يكون من المناسب قبل الخوض في عمليات التحريف التي جرت على السيرة الحسينية، لابد من القيام بمعرفة تأريخ بدء الكتابة في حادثة الطف أو حادثة كربلاء، ومن قام بعملية التحريف والتوظيف لتلك الحادثة، وبما أن كل حوادث التأريخ إنما تقوم على صحة السند، لذا فإننا بحاجة إلى إخضاع أفكارنا للنقد والمراجعة وفقاً لما يقتضيه ذلك الأصل الأصيل والركن الركين، وبذلك تُمتص بؤر التوتر ويُقضي على منابع القلق، ومناطق التوظيف المغرض، ونفعل إيجابيات الخبر الصحيح، لنفتح المجال رحباً أمام النقد والمراجعة الصادقة، بل إني لأعتقد جازماً أننا أمام فرصةٍ تاريخيةٍ لا تزال مفتوحة وممتدة للتغيير والتجديد، ولإحداث حركة تصحيحية كبرى لأجل امتلاك قدرة وطاقة غير محدودة للتكيف مع المستجدات، بدلاً من افتعال الأزمات، ونسج الثارات.

 

إن حادثة الطف لا تشكل عند أهل السنة إلا حادثة من آلاف الحوادث، ولكنهم ينظرون إليها بعين الإنصاف، ولا يغفلون جوانبها ومآثرها وعبرها الحقة، بل هم على أثر صاحب تلك الحادثة خلقاً ومنطقاً، وهم لا يعملون الهوى ولا يوظفون الخبر، وإنما يخضعونه ورجالاته لضوابط الجرح والتعديل وعلم الإسناد، فالفارق بين أهل السنة وغيرهم أنهم يخضعون اعتقاداتهم وتصوراتهم وإراداتهم لصحة الخبر، فالخواطر والأفكار والتصورات والإرادات والأعمال وما يترتب عليها من اعتقادات تابع لصحة الخبر، أما هؤلاء الذين شاؤوا أن يسيروا في دروب الغفلة فهم يخضعون كل تلك الأخبار لما يعتقدون، ويلوون أعناق النصوص لياً لتوافق معتقداتهم..لذلك فأهل السنة يستخرجون من صحيح تلك الأخبار في هذه الحادثة وغيرها العضة والعبرة من دون إفراط أو تفريط، أما الشيعة الإمامية فان تلك الحادثة تشكل لهم إشكالية كبرى، وذلك لإهمالهم علم الإسناد، وعدم إعماله في أخبار تلك الحادثة، فجمدوا على تصورات فكرية ودينية حُشرت حشراً بين متطلبات الحياة وضرورياتها، ومن ثم انعكس تمسكهم بها سلباً على واقع الأفراد اجتماعياً واقتصادياً وفكرياً، ومن ثم علاقتهم بالعالم من حولهم، وهذا لعمري أمر يوجب على فقهائهم وعلى مراجعهم لو كانوا صادقين البحث ملياً عن مخرج، وعادةً ما يكون أنسب الحلول هو العودة إلى علم الإسناد أو علم الرجال، وإلا فإننا سنكون عرضة للفهوم الانتقائية، وكم من تراثنا ما يحتاج أن نعامله على ضوء تلك القاعدة.

 

وحادثة الطف عند الشيعة الإمامية ليست مجرد خبر يرويه التأريخ، ويُستأنس به عضةً وعبرة، وإنما هي دين وعقيدة. إن الطف عند الشيعة عقدة وعقيدة يوالون فيها ويعادون، لذلك يجب عدم التسامح أبداً في عمليات التحريف والتوظيف لأخبارٍ من قبل أولئك المحترفون المحرفون المخرفون، إننا يجب أن نستثمر هذا الحدث التأريخي العظيم من أجل أن يثمر وعياً وإدراكاً سليماً وتصوراً راقياً.

 

وإذا كان لابد من توظيف حادثة عاشوراء،فإنما للأعمال الجادة النافعة، لا لذلك الخطاب الذي يركز على النواح والمظلومية والذي يدعوا النفس بداهة إلى الثأر والإنتقام..
 

إن توظيف حادثة عاشوراء وما يصاحبها من طقوس لأجل أن ينخرط الناس وينهمكوا ويذوبوا في مشاعر الحزن والغضب تاركين الأعمال الصالحة التي أمرهم الله تعالى بها، وأعمالهم الدنيوية ظانين انه لا اجتماع بين الأمرين وإنهما على طرفي نقيض، وهذا خلاف منهج الأنبياء والرسل، فالحياة والدعوة والجهاد والعلم من سنن الحياة الرشيدة، بل ان تلك العناصر تشكل وتكون لكل إنسان على هذه البسيطة فضاءً وميدانا للعلم والبناء.

 

كذلك وبدلاً من التحريف والتوظيف لتك الحادثة توظيفا غير مثمر نتجه الى بناء وعي متكامل عن ذلك الإنسان الذي ما أنفك شارداً يبحث عن السبيل، ليثمر هذا الحدث إدراكا سليما وتصوراً فكريا راقياً، وان ممارسة تلك الطقوس وتوظيفها بتلك الطريقة يقتل ويغتال هذا الإدراك، في الوقت الذي يجب على الأمة أن تستثمر هذا الوعي في حل مشكلاتها وقضاياها دون اجتزاء أو نقصان.

 

وقد سمعنا من إفرازات تلك الطقوس ما لا يمكن إعتباره من فلتات اللسان، بل يعبر عن غيض وحنق شديد على هذه الأمة المرحومة، الأمر الذي يعبر عن تلك الفعاليات السلبية اتجاه الوطن والمحيط، وهذه هي بعض الأمور التي شاء المحرفون إيجادها وزراعتها في ارض الواقع، وما يحصد الشعوب والأوطان بعد كل ذلك إلا الشوك والحسك.
 

إن التحريفات التي لحقت واقعة عاشوراء استهدفت الجوهر والمظهر، وسنرى من خلال هذا المقال كيف انحدرت الدوافع الدموية والإنتقامية، وتحولت حروفا جسدتها تلك التحريفات من خلال الوضع والدس، لذلك لابد من العودة إلى تلك المصادر التي كتبت إبتداءاً في تلك الواقعة لأجل الكشف عن أولئك المحرفين المحترفين الذين قاموا بتحريف وتوظيف حادثة عاشوراء، ومن أجل ذلك لابد لنا من التعرف على كتب المقاتل والمصنفات وتقسيمها وتصنيفها أولياً لأجل أن تتضح لنا صور التحريف وطرق التوظيف لتلك الحادثة، ومن خلال ما تقدم يمكننا تقسيم المصنفات التي تناولت عاشوراء إلى ما يلي:

1-    المصادر المجعولة: وهي المصادر أو المصنفات التي ليس لها عين ولا أثر وإنما مجرد أسماء لمسميات، وقد ادعي أن هذه الكتب قد ألفت في حادثة الطف خصوصاً؛ وأصحاب هذا الإدعاء كان غرضهم من هذا تحقيق أمرين على أرض بناء وكتابة المصنفات؛ الأول: إثبات أنهم أول من صنف في عاشوراء دون أهل السنة والجماعة، وبالتالي إثبات دعوى عدائهم المزعوم لسيد الشهداء الحسين بن علي سلام الله عليهما.
 

 والثاني: إثبات الحوادث بالطريقة التي كانوا ينشدونها من تلك المصنفات المجعولة؛ ومن تلك المصنفات:
•    [ مقتل الحسين ] للأصبغ بن نباتة المجاشعي الحنظلي وهو من خاصة الإمام علي سلام الله عليه وقد توفي سنة 64 هجرية وقد قيل بعد المائة، وهذا الكتاب ليس له عين أو أثر، وإنما هو مجرد اسم لمصنف ليس إلا، فقد اعترف أهل التحقيق من الشيعة الإمامية أن هذا الكتاب لم يبق له أثر إلا بعض الروايات المتناثرة في مطاوي الكتب المتأخرة، وهذه أيضا دعوى لا دليل عليها إذ أن المتأخرين نسبوا كتباً وأصولا ليس لها وجود في عصور الأئمة سلام الله عليهم كما وصنعوا وانتحلوا من الروايات ما لا يسع المقام ذكرها، لذلك فليس من الغريب أبداً أن يُدعى للأصبغ بن نباتة كتاباً من قبل المتقدمين ثم يأتي المتأخرين منهم فينتحلون الروايات ويصنعون الموضوعات ويدعون أنها من مضامين ذلك الكتاب.

 

•    [ مقتل الحسين ] المنسوب لأبي مخنف لوط بن يحيى المتوفي 158 هجرية وقد قيل أنه من أصحاب الإمام الصادق سلام الله عليه، وهذا الكتاب لا أثر له كذلك في أرض المصنفات، وقد جُمعت مرويات أبي مخنف والتي نقلها الطبري من قبل بعض الباحثين المعاصرين، منهم محمد باقر المحمودي، وحسن الغفاري، ومحمد هادي اليوسفي الغروي، ونشروه تحت عنوان عبرات المصطفين، وقد زعم بعض المتأخرين أن الطبري إنما نقل تلك الروايات من ذلك الكتاب المنسوب لأبي مخنف، في حين أن نظرة أولية إلى كتاب الطبري وإلى اسلوبه في نقل الرواية يكذب تلك الدعوى، وليس يخفى عند المحدثين والمؤرخين الفرق بين النقل من كتابٍ وجادةً، وبين نقل الحديث من أفواه الرواة، ولكن أصحاب تلك الدعوى أرادوا أن يلبّسوا على الناس هذه الحال لأجل تمرير هذا الانتحال، كما قد صدر في هذه الأزمان كتاب مجهول نسب إلى أبي مخنف لوط بن يحيى بإسم، مقتل أبي مخنف، والانتحال والوضع ظاهر في هذا الكتاب من خلال الاختلاف الكبير والواضح بين مروياته وبين تلك المرويات التي نقلها الطبري في تاريخه، كما إن الكتاب قد حوى بعض الروايات التي تحط من شخصية الإمام الحسين سلام الله عليه وتسئ إليه، كما إن الملفت للنظر في ذلك الكتاب المنحول الاختلاف الذي يفوق الحد المتعارف عليه بين المطبوع والمخطوط؛ يقول الري شهري صاحب الصحيح من مقتل سيد الشهداء: [ ومما يؤسف له هو أن الحاجة إلى مقتل أبي مخنف أدت إلى أن يتجه الكثيرون إلى هذه الطبعة المتداولة والشائعة وان ينسبوا أكثر معلوماتها إلى أبي مخنف دون علم. وجدير ذكره أن الكثير من المحدثين والمؤرخين والبليوغرفيين في القرنين الاخرين أعتبروا كتاب أبي مخنف المتداول فاقد القيمة وغير صالح للاعتماد ](1)، وقد صرح النوري الطبرسي بزيف الكتاب المنسوب إلى أبي مخنف فقال: [ من المؤسف أن أصل المقتل الذي لا إشكال في صحته، مفقود ولا اثر له، والمقتل المتوفر حالياً والمنسوب له يشتمل على جملة من الموضوعات المخالفة لإصول المذهب أقحمها الأعداء والأصحاب عن جهل تحقيقاً لغاياتٍ فاسدةٍ ولهذا فهو ساقط عن الاعتبار ولا يمكن الاعتماد عليه ولا يطمئن إلى مفرداته ](2) وقد زعم المحققون من الشيعة الإمامية أن أبي مخنف لوط بن يحيى متفق على وثاقة وجلالة قدره بين الفريقين من أهل السنة والشيعة، ولو نظرنا إلى كتب الرجال لأهل السنة لعلمنا صفاقة تلك الدعوى ومجانبتها للحق وبعدها عن الصواب، فقد تناولت كتب الرجال السنية أبي مخنف لوط بن يحيى بالرفض المطلق، ففي لسان الميزان: لوط بن يحيى أبو مخنف: إخباري تالف، لا يوثق به، تركه أبو حاتم وغيره، وقال الدار قطني: ضعيف، وقال يحيى بن معين: ليس ثقة، وقال مرة: ليس بشئ، وقال بن عدي: شيعي محترق صاحب أخبارهم، وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا حاتم عنه فنفض يده ](3)، وهكذا رجل يوصف بكل تلك الأوصاف فانه يكون مرفوض قطعا في عالم الرجال السني ولا يمكن عده من المحدثين، بل إن أهل التحقيق من أهل السنة قد حمّلوا أبو مخنف مسؤلية التحريف والإساءة للتاريخ الإسلامي.
 

•     [ مقتل الحسين ] برواية عمار بن إسحاق الدهني، والحقيقة ان هذا الكتاب لا عين له ولا أثر، وقد ذكر ابن النديم في الفهرست أن لعمار بن إسحاق الدهني كتاب، ولكنه غير موجود ولا تعرف محتوياته تفصيلاً، نعم هنالك روايات لحادثة عاشوراء برواية عمار يرويها الطبري في تاريخه، كما أن عمار الدهني هذا ليس شيعيا إمامياً بالمعنى المتعارف عليه في هذه الأزمان المتأخرة وإنما كان تشيعه سياسياً، كما إن اغلب الرواة إن لم يكن أجمعهم كانوا ممن ينتسب إلى أهل السنة والجماعة، ولذلك فقد اعرض عن تلك الروايات المحققون من أهل التشيع لأجل تلك العلة.
 

•    [ مقتل أبي عبد الله الحسين ] لجابر بن يزيد الجعفي المتوفي سنة 128 هجرية وقد قيل أنه من أصحاب الإمامين الباقر والصادق سلام الله عليهما، وهذا الكتاب ليس له من اثر، وأما صاحبه المزعوم جابر الجعفي فهو من أشهر الكذابين في التاريخ، وقد كان الأحوص إذا مر بجابر هذا قال: [ ربي أسالك العافية ] وهو الذي أدعى انه روى عن الباقر سبعين ألف حديثا وعندما سأل جعفر عن تلك الروايات وعن تلك المزاعم قال الصادق سلام الله عليه: [ ما رأيته عند أبي قط إلا مرةً واحدةً، وما دخل علي ](4)
 

وهنالك الكثير من الأسماء لكتب مجعولة ما وضعوها إلا لتلك الأغراض التي ذكرناها آنفا، ومن أمثال تلك الكتب التي هي مجرد أسماء لرواة وجدوا في أسانيد كتب أهل السنة ووجدوا فيهم ميل الى التشيع السياسي أو العقدي، وأن بعض تلك الشخصيات مشهورة، كأن يكونوا شعراء أو أدباء أو أصحاب صنعة فينسبون لهم الأحاديث والحوادث والروايات المصنوعة أو الموضوعة لأجل نشر التشيع وتكثير سواده في المصنفات والكتب، ومن ثم التأسيس لتلك الدعوة؛ فمن أمثال تلك الكتب: المراثي المنسوب لجعفر بن عفان الطائي المتوفي سنة 150 هجرية وهو شاعر كتب الشعر في رثاء ابن الحسين وغيره كما ذكر ذلك ابن النديم إلا أن هذا الكتاب أيضا لا أصل له، وكذلك المقتل المنسوب إلى هشام بن السائب الكلبي فهو لا أصل له؛ كما أن هشام هذا هو من المشهورين بالكذب، وقد حشر الآغا بزرك الطهراني في كتابه الذريعة الكثير من تلك الكتب المجعولة والتي ليس له من اثر في عالم المصنفات وصلت إلى أربعين مصنف، بل إن أولئك المحرفون والوضاعون قد حشروا بعض رجالات ومحدثي أهل السنة في هذا الوضع، فقد صنفوا الكتب ونسبوها زورا إلى كبار محدثي أهل السنة، ومثال على ذلك ما نُسب إلى المحدث أبو إسحاق الإسفرائيني وهو كتاب: [ نور العين في مشهد الحسين سلام الله عليه] وبالنظر إلى جميع المصادر القديمة والتي تختص بتلك المؤلفات والمصنفات لم نجد من اثر لتلك النسبة، وقد ذكر السيد عبد العزيز الطباطبائي أن هذا لكتاب [ نور العين ] مما لحق الاسفراييني خطأ. كما أن الكتاب هذا عارٍ عن السند أو ذكر المصادر، فضلا عن أن رواياته جانبت العقل والمنطق والمعروف والمشهور من سيرة سيد الشهداء الحسين سلام الله عليه، كما إن تدوين هذا الكتاب كان موافقا لسنة 1298 هجرية ولم تكن ثمة مدة طويلة بين تدوينه وانتشاره، إذ لا يمكن أن يكون له أي صلة بعصر الإسفرائيني الذي عاش في نهاية القرن الرابع الهجري، ومما يؤيد ذلك تلك الهوة الكبيرة بين نص الكتاب ونصوص القرن الرابع الهجري،. وقد اعرضنا عن ذكر أمثال المصادر تلك بالتفصيل والبيان لان ذلك خارج موضوع البحث، ولكنا لم نغفل التلميح والإشارة لبيان الدوافع والبواعث وكذلك أسباب الانحراف في بداية تاريخ عاشوراء من خلال تلك المصنفات.

 

المصنفات المسندة التي خلت من التوظيف:

وفي هذا الجزء من المقال سنستعرض المصنفات التي خلت من التوظيف التي كتبت في تاريخ عاشوراء بالأسانيد الصحيحة وغير الصحيحة، وهذه المصنفات لم يكتبها إلا محدثوا ومؤرخوا أهل السنة والجماعة كالطبري وابن الأثير وابن كثير والطبراني والذهبي وأمثالهم ومنها:
•    [ ترجمة الإمام الحسين ومقتله ] لابن سعد صاحب الطبقات وقد قام بتحقيق الكتاب السيد عبد العزيز الطباطبائي اليزدي.
•    [ كتاب الفضائل ] لإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل رحمة الله عليه.
•    [ أنساب الأشراف ] لأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري المتوفي سنة 279 هجرية.
•    [ استشهاد الحسين ] لمحمد بن جرير الطبري المتوفي 310 هجرية وقد حقق الكتاب الدكتور السيد الجميلي، وهذا الكتاب مستخرج من تأريخ الطبري.
•    [ ثورة الإمام الحسين ] المأخوذ من كتاب الفتوح لأبن الأعثم الكندي المتوفي 314هجرية.
•    [ مقتل الحسين ] لسلمان بن احمد الطبراني المتوفي 360 هجرية، وقد استخرج هذا الكتاب من المجلد الثالث من كتاب المعجم الكبير للطبراني.
•    [ مقتل الحسين سلام الله عليه ] لضياء الدين موفق بن احمد بن محمد المكي الحنفي والمشهور باخطب خوارزم أو الخطيب الخوارزمي، وهو من علماء الأشاعرة.
•    [ ترجمة ريحانة رسول الله الإمام الشهيد الحسين ] لابن عساكر أبي القاسم علي بن الحسين الشافعي الدمشقي المتوفي 571 هجرية، وقد قام بتحقيق هذا الكتاب محمد باقر البهبودي، وهذا الكتاب مختزل من تأريخ دمشق الكامل لأبن عساكر وقد نقل فيها عن سيرة الإمام الحسين وكذلك حادثة الطف مايقرب من 401 رواية.
•    [ استشهاد الحسين ] للإمام الحافظ ابن كثير، وهذا الكتاب مستخرج من تاريخ ابن كثير الدمشقي المعروف بالبداية والنهاية.
•    وقد كتب المحدثون والمؤرخون من علماء أهل السنة الكثير عن سيرة أهل البيت سلام الله عليهم وخاصة في سيرة سيد الشهداء الحسين سلام الله عليه، ولكن اغلب تلك الكتابات لم تفرد في مصنف.

 

•    مصنفات مسندة حوت التحريف والتوظيف معا:

وهذه المصنفات قد وضعها جمع ممن نسب إلى العلم والحديث، ولكن من الواضح أنهم يحملون إبتداء في مكنونات قلوبهم وضمائرهم الحقد على هذه الأمة، فعبروا عن تلك الأحقاد بتلك الروايات، والتي نسجوها في تلك المصنفات:
* [ كامل الزيارات ] لأبي القاسم جعفر بن محمد القمي المعروف بابن قولويه المتوفي سنة 367.
* [ مقتل الحسين ] برواية الشيخ الصدوق، وقد أشتمل هذا الكتاب على مائتي رواية قد جمعت عن طريق الصدوق.
* [ مثير الأحزان ] لابن نما، نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر، وقد وقع الإختلاف في نسبة هذا الكتاب، كما أختلف في سنة وفاته، وقد ذكر المحققون أنه توفي سنة 680 هجرية.
* [ درر السمط في خبر السبط ] لأبي عبد الله بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الابار المتوفي سنة 658 هجرية.
* [ الملهوف على قتلى الطفوف ] لرضي الدين أبي القاسم على بن موسى بن جعفر المعروف بابن طاووس المتوفي سنة 664هجرية.

 

•    المصنفات التي كرست التحريف:

لقد دون في عاشوراء أو واقعة الطف أكثر من خمسمائة مصنف، وهي كأي واقعة تاريخية لم تسلم أحداثها من النقصان أو الزيادة عمداً أو جهلاً، ولكن الذي يتجلى في تلك المصنفات هو التغييرات والتحريفات المغرضة لتلك الحادثة، والإهمال التام والمتعمد لمعايير نقد النصوص والإسناد التأريخي، لذلك فإن أغلب تلك الكتب مبتلاة بالضعف وخارجة عن دائرة الإعتبار والنقل والإستناد، إذ أنها حوت الكثير من الروايات الفاقدة للأصل والسند أو أنها لا تنسجم مع شخصية الإمام الكريمة الأبية، وكل هذا متأتي من أن هؤلاء الكتاب الذين كتبوا في عاشوراء قد عصف بهم الهوى، أو الغرض المسموم، الأمر الذي حدى بهم إلى تجنب تلك المعايير الحقة في الكتابةِ والتصنيف.

 

لقد وجدنا من خلال مرجعتنا لتلك الكتب ذلك القلم الذي يدفعه الحماس والحب لتلك الشخصية الفذة فيميل من غير شعور إلى التساهل، بل التعامل مع تلك الروايات العديمة الأساس، بل وصل الأمر بغالب هؤلاء الكتاب والمصنفين إعتماد الروايات الشفوية التي يسمعونها من أفواه الخطباء وقراء المراثي دون تحقق من مصادرها، وليس مستغربا في شريعة هؤلاء الإعتماد في التصنيف - من أجل تحقيق تلك الحماسات وإظهار بعض الشعارات والدعوة إلى تلك الثارات - اللجوء إلى الكتب المنحولة أو المجعولة، ومما يظهر في تلك الكتب وبشكل بارز ولافت لا يكاد يخفى على القارئ الحصيف هو الأسلوب الخيالي في نسج القصص، وتقديم القراءة المثيرة والتي تتخذ من مسامع الدهماء محوراً وقضية، ذلك أن الإنسان ينزع بفطرته إلى الحكاية والنقل الشيق للأحداث، كما أنها وسيلة لإشباع عاطفة ذلك المتلقي الذي يريد تكريم أبطاله كنوع من تعويض الشعور بالنقص الذي تعانية نفسهُ وروحه،.. وبالتأمل في تلك الكتب نجد الخصائص المشتركة التالية:

1-    إن بعض تلك الكتب هي عبارة عن محاضرات القيت على المنابر وتم جمعها ومن ثم إخراجها على شكل كتاب، وهذه هي الظاهرة المطردة في اغلب كتب المجالس والمقاتل.
2-    عدم إعتماد تلك الكتب، الضوابط العلمية والمنطقية.
3-    الأسلوب الغامض والمعقد.
4-    خلوها من الطابع العقلاني، وقلما تجد دراسة منهجية تحليلية لحادثة الطف.
5-    الكثير من تلك الكتب دونت تحت ظرف الحماسة لذلك فقد طغى على أولئك المصنفين مبدأ التسامح بضوابط وشروط الحديث تحت مسمى التسامح في أدلة السنن، فتوهم معتنقوا تلك القاعدة الإباحة في مطلق الخبر.
6-    الكثير من أولئك المصنفين إنطلق من ذلك المبدء الميكافيلي الذي يقول: [ الغاية تبرر الوسيلة] فمن أجل تحقيق البكاء أو الإبكاء فلا بأس من ذكر وتصنيف وتأليف ما يشاء من أجل تحقيق تلك الغاية.
7-    من الملاحظ ان جميع المصنفات التي وضعت في عاشوراء إنما وضعت لأجل تحقيق غايتين؛ الأولى: الدعوة إلى الثأر والإنتقام، والثاني: إسقاط شرعية الحكومات السنية وبصورة مطلقة سواء كانت تلك الحكومات ملتزمة بمنهج أهل السنة والجماعة أم لا.
8-    الدعوة إلى الغلو والتطرف.
9-    تتصف تلك الكتب بالتناقض المطلق فمن باب تجدها تصف الأئمة سلام الله عليهم بالضعف المطلق والمسكنة التامة، ومن باب آخر تظهرهم بصورة الأبطال الأسطوريين أو الآلهه المطلقة التي لاتخرج عن تدبيرها جيمع ذرات الكون، مع التكيز على العاطفة الجياشة وذلك الرثاء الصارخ والحنيين الذي يثير الأنين، وفي الجانب الآخر تجد تلك الغلضة والجفوة والقسوة العارمة، والتي تدعو إلى اللعن والتكفير والشتم.

 

إن غرضنا من سرد هذه النقاط هو كشف النقاب عن مواضع التحريف والتزييف وبداية النزيف في هذا الجد الشريف، وإزالة ذلك الغبار عن تلك الآثار، لأجل إظهار الوجه الناصع لذلك الخروج الكريم للإمام الحسين، وفي الجزء الثالث من هذا المقال سنتناول مدارس التحريف والتي حوت كل تلك الخصائص المتقدمة.

 

مدارس التحريف في عاشوراء

في هذا الجزء سنستعرض أهم الكتب والمصنفات والتي تعد بحق من أعظم مدارس التحريف والتخريف في التأريخين القديم والحديث، وهذه الكتب والمصنفات محاولة جادة وعميقة من أولئك الخرافيين للعبث بالعبادات والشعائر الحقة لدرجة الإسقاط والسفه، وكأنهم يريدون أن يقولوا لأشياعهم إذا عرفتم مدارك سلوك الثورة في حادثة الطف فان أمر العبادات هين، بل إنها لا تعدُّ شيئاً أمام تلك المعرفة، بل إنهم قد عدوا العمل بمقتضيات الثورة الحسينية – حسب ما يرون – يفتح أبواب القبول عند مدارج السماء، ومن هنا فان الشيعي يعمل بكل مقتضيات البدعة والخروج عن شعائر الدين الحقة بسبب تلك الأوهام، فهو ينظّر إلى الثورة الحسينية على أنها ثورة وثروة للعبادات والفضيلة وليس فيها باب للتوقف أو المنع أو البطلان، وبهذا فأنت ترى الشيعي في فوضى من العبادات التي ما أنزل الله بها من سلطان.. وبالنظر إلى حال أهل التشيع يمكن القطع بحجم ما أصاب دينهم من تخريف وتحريف.

 

1-    [ روضة الشهداء ]
ومؤلف هذا الكتاب هو الملا حسين الواعظ الكاشفي المتوفي سنة 910 هجرية، وهو أول مقتل قد شاعت قراءته عند الخاص والعام، وقلما يوجد بيت شيعي إلا وفيه هذا المقتل، وقد انتقد هذا الكتاب الكثير من الباحثين الشيعة، وقد شحن بكثير من القصص الخرافية والاساطير.

 

2-    [ منتخب الطريحي ]
وينسب هذا الكتاب لفخر الدين الطريحي المتوفي 1085 هجرية، وقد صنع هذا الكتاب خصيصاً لأجل إبكاء الحاضرين، والمنتخب هذا ليس بكتاب سيرة ولا بالمقتل كما انه ليس بالرواية، وإنما هو مجموعة نثرية وشعرية تكرس الحزن والبكاء وعبارة عن مجموعة مآتم كان المؤلف يلقيها في ليالي عاشوراء ثم جمعها لاحقا وأخرجها على شكل كتاب، وقد وجه الكثير من أهل التحقيق النقود إلى هذا الكتاب وصرحوا بشموله على كثير من الموضوعات منها وأبرزها؛ عرس القاسم بن الحسن سلام الله عليه وغير ذلك، ومع احتواء المنتخب لكثير من تلك الموضوعات، إلا أن الكثير من كتاب السيرة قد اعتمدوا عليه في تصانيفهم، ومن الأسباب الخفية التي أغوت المصنف لسلوك التحريف والتزييف هو شهرته الواسعة، فقد اغتر بذلك وقاده هذا الغرور إلى عدم التروي في النقل، وقد غفل الكثير من كتاب السير عن تلك الحقيقة التي صرحت بها حروف ذلك الكتاب، ولأجل تسليط الضوء على هذا التحريف نشير إلى جمل من هذا المنتخب:
•    جملة: [ هل من ناصر ينصر الذرية الأطهار ].
•    الإدعاء بأن جيش ابن سعد تألف من سبعين ألف راكب.في حين سكان الكوفة لم يتجاوزوا العشرة الآف في الوقت الحاضر.
•    خبر الجمال.
•    قصة الطفلة ذات الثلاث سنوات في خربة الشام.
•    أسطورة عرس القاسم.
•    جملة[ اسقوني شربة من الماء ] وقد نسبها الطريحي إلى الإمام الحسين لأجل إثارة الوقائع وتحقيق المزيد من الحزن والبكاء، وإلا فإن العبارة لا سند لها، ولا أصل، كما أنها تتنافى مع تلك الروح الأبية للإمام الحسين وتسيئ إلى شخصيته وتمسخها.
•    جملة: [ جعل الحسين يقاتلهم حتى قتل ما يزيد على عشرة الآف فارس، ولا يبين النقص فيهم لكثرتهم ]

 

3-    [ تظلم الزهراء من إهراق دماء آل العباء ]
وهذا الكتاب للملا رضا القزويني المتوفي سنة 1134 هجرية وليس له مؤلف سواه، ويعد هذا الكتاب القمة في التزييف والتحريف، فقد حوى من التحريفات ما حوته المصنفات السابقة وزاد عليها، فالكتاب اختصار لأخبار اللهوف لابن طاووس ولكثير من أخبار البحار للمجلسي في حادثة عاشوراء وكذلك المنتخب، ومن عظيم جرأة هذا المصنف على الكذب انه أتى بصفحات من كتابه في تظلم الزهراء سلام الله عليها، بلسان الحال مما يخالف الأخبار، ولا يتفق مع لسان المقال.

 

4-    [ اسرار الشهادة ] للفاضل الدربندي المتوفي سنة 1286 هجرية
وهذا الكتاب ولكثرة التحريفات التي فيه، فقد عجز أهل التحقيق عن إحصائها، والدربندي هذا قد اشتهر بولعه باقامة المآتم وإفراطه في إحياء مراسم الذكرى لسيد الشهدء الحسين سلام الله عليه، وقد صرح عن غلوه وإفراطه في تلك الطقوس في مقدمة الكتاب حيث قال: [ إن الدنيا وما خلق لأجل إقامة عزاء الحسين فيها ](5)  ويشرح هذه العبارة في موضع آخر من الكتاب فيقول: [ إن لله عز وجل خلق هذه الخيمة المرتفعة والسقف المحفوظ – أي السموات والأرض – دار الأحزان وبيت الأشجان لاجل سيد شباب الجنان، وبعبارة أُخرى دار التعزية الحسينية قبل أن يولد وبعد أن يولد إلى يوم القيامة ثم إن كل ما ترى من خلق الرحمن فقد خلقه أهلا وأسبابا وأمورا متعلقة بإقامة العزاء في هذه الدار الحسينية المبنية من خيمة محفوظة وبسيطة مبسوطة ولعمري أيها الموالون إن هذا المطلق الأنيق الدقيق كان من مركوزات قلبي ولكن جرأتي وجسارتي كانت قاصرة في اظهاره ](6)

 

إن العبارات المتقدمة تظهر ذهنية الرجل وعقلية الموغلة في الخرافة، وإلا فليس من المعقول أن السموات والارض وما فيهن من خلائق، ما خلقن إلا لأجل اقامة العزاء على سيد الشهداء الحسين سلام الله عليه، ولأجل تحقيق هذه الغاية وترسيخها في أذهان عامة الناس فقد وظف الكثير من الروايات المجعولة من اجل المزيد من الحزن والبكاء، ولهذا فإن التناقض بين مروياته هو الصفة الغالبة، ولأجل الاقتراب من حقيقة الكتاب وذهنية الرجل التي لم تعد تعرف سوى الكذب ديناً ومنهجاً ومساراً مطردأ للحياة الدينا وسبيلاً موصلاً إلى العيش الرغيد في الحياة الأخرى، نورد بعض الكلمات للشيخ النوري الطبري في بيان هذه الحقيقة:
[ لازلت اذكر عندما كنت في كربلاء المقدسة أحظر درس العلامة الشيخ عبد الحسين الطهراني الذي لا يوازيه في العلم والفضيلة أحد، لازلت أذكر أنه قدم من الحلة سيد عربي يمتهن الخطابة وكان والده من مشاهير الطائفة وقد ورث عنه بعض المؤلفات فجاء بها إلى سماحة الشيخ – عبد الحسين الطهراني – لغرض استبيان مدى وثاقتها وقد فقد جزءا من أول الكتاب ويسيرا من آخره ولكن لم يغب اسم المؤلف بعد أن أدرج أسفل إحدى الصفحات أن مؤلف هذا الكتاب هو فلان من علماء جبل عامل ومن تلامذة المحقق صاحب المعالم، وقد تم التعرف على المؤلف لأن اسمه ورد في التراجم لكن ما لم تذكره التراجم هو تاليفه كتاب المقتل وقد عزز هذا الرأي بعد الاطلاع على جملة من فقرات هذه المجموعة التي احتوت كماً هائلاً من الأكاذيب والأخبار الواهية التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون قد جمعت على يد عالم؛ وبذلك نهى الشيخ – عبد الحسين – عن نشرها ولم تمر الإيام حتى علم الفاضل الدربندي بأمرها وكان مشغولا حينها بتأليف كتابه: [ أسرار الشهادة ] فأخذها من السيد وملأ ثنايا كتابه برواياتها الضعيفه، مما زاد في عدد الروايات الموضوعة التي احتوى عليها الكتاب ](7) 

 

ولأن الكذب يعري أصحابه ابتداء فقد اضطر أولئك المحرفون لحادثة الطف والتي لم تستمر إلا سويعات إلى الإدعاء بأن يوم عاشوراء لم يكن كالأيام العادية من حيث المدة الزمنية، وإنما قد بلغت مدته أكثر من سبعين ساعة وذلك من أجل استيعاب الكم الهائل من الأحداث والمبارزات وأعداد القتلى والذين قد بلغوا الألوف، وقد وصف أحد المحققين حال هذا الكتاب بكلمات بليغات تكشف عن هذا الواقع المرير الذي ترفل به هذه الطائفة:[ ظهر المرحوم الملا الدربندي قبل ما يقارب الستين أو السبعين عاماً وجمع كافة موضوعات كتاب روضة الشهداء بالإضافة إلى أمور أخرى في كتاب أطلق عليه أسرار الشهادة، وفي الحقيقة إن مضامين هذا الكتاب تدفع المرء ليبكي على واقع الإسلام ] الملحمة مرتضى مطهري 1\55

 

5-    [ الدمعة الساكبة ] لمحمد باقر البهبهاني المتوفي سنة 1285 هجرية، وهو من طلبة الفاضل الدربندي ومريديه وقد أكثر النقل عنه، كما أنه لم يغفل النقل من بقية المصادر الأخرى والتي حوت من التحريف الكثير، كالبحار، والعوالم، وتظلم الزهراء، ومسند البتول، وتذكار الحزين، والتفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري، وجامع الأخبار ونور العين، ومهيج الأحزان ومعدن البكاء، والمصائب، إضافة إلى المقتل المنسوب إلى ابي مخنف.
 

6-    [ ناسخ التواريخ ] لمحمد تقي سبهر، وهو أحد أشهر كتّاب الدولة القاجارية والتي غلت في إظهار الطقوس والشعائر لأغراض سياسية ليس بيانها هنا في هذا الموضع، ويقع هذا الكتاب في أربع أجزاء، وهو لم يستثني خبراً أو قصة تثير قضية المظلومية والحزن والبكاء ولو كانت مجانبة للعقل والدين.
 

7-    [ معالي السبطين ] للشيخ مهدي الحائري المازندراني المولود سنة 1300 هجرية، ولم يكتفي المصنف بتلك المختلقات التي وردت في الكتب السابقة وإنما زاد عليها ونمّاها وكرسها لدرجة أن قارئ هذا الكتاب لم يعد يشك في تلك المصنفات المتقدمة.

 

ومما تقدم نستفيد أن أول مصنف كتب عن عاشوراء وبشكل مسند بعيد عن قصد التحريف والتوظيف، إنما كان لأحد علماء أهل السنة والجماعة، ألا وهو ابن سعد؛ صاحب الطبقات وكذلك الرواة من أهل السنة ممن عاصروا تلك الحادثة، أما الذين أدعوا وجود المصنفات وأكثروا السوادات في الكتب والصفحات مدعين أنهم أول من صنف، فهو مما لا دليل عليه، وليس هنالك شئ في الواقع الخارجي يؤيد تلك الدعوى، وقد لجأ أصحاب تلك الدعوى إلى كتب أهل السنة فاختاروا اسماءاً لبعض الرواة والذين كانوا يصنفون حسب علم الرجال بأن فيهم نوع من التشيع السياسي فنسبوا لهم المصنفات وادعوا على هذا النحو أنهم الأسبق، وأن مؤرخي ومحدثي أهل السنة إنما نقلوا عن تلك المصنفات المزعومة.

 

______________________
(1)    الصحيح من سيرة مقتل سيد الشهداء ص 23/1444
(2)    اللؤلؤ والمرجان للمحدث النوري الطبرسي ص 150
(3)    لسان الميزان رقم 1568
(4)    أعيان الشيعة للسيد محسن الامين 4/ 52
(5)    أسرار الشهادة للدربندي ص 5
(6)    أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ص 115
(7)    اللؤلؤ والمرجان للنوري الطبرسي ص 185