يتعرض المسلمون في الغرب في الفترة الأخيرة لاعتداءات عنصرية مستمرة وقد تزايدت وتيرة هذه الاعتداءات بصورة غير مسبوقة في معظم البلدان الأوروبية وأمريكا وكندا..ولم تتوقف هذه الاعتداءات على الهجمات التي يتعرض لها الأشخاص بل تعدت ذلك للمساجد والمقابر والمنازل..
في البداية كانت الاعتداءات لفظية فقط ثم تطورت إلى اعتداءات باليد ثم إلى اعتداءات بالأسلحة في ظاهرة عرفت باسم "الإسلاموفوبيا" وحاول البعض تبريرها بأنها نتيجة الهجمات التي تشنها مجموعات مسلحة في الغرب تنتسب للإسلام, ولكن هذه المبررات واهية لأن المسلمين الذين يتعرضون لهذه الاعتداءات لا يمتون بصلة لهؤلاء المسلحين وما يجري ضدهم هو نوع مماثل "للإرهاب" الذي يقوم به هؤلاء المسلحون...المشكلة أن مواجهة هذه الاعتداءات على المسلمين في الغرب لا تجد قانونا رادعا يقف في وجهها بل على العكس هناك من يرتكب مثل هذه الاعتداءات ثم يفلت من العقاب مما جعلها تتزايد وتصل إلى أرقام قياسية...
ومما يعمق المشكلة أكثر هو أن هذه الهجمات تجد من يمنحها الغطاء السياسي والدوافع من اليمين المتطرف الذي تزداد قوته يوما بعد يوم حتى أنه وصل لبرلمانات عديدة في أوروبا واقترب في بعض البلدان من الوصول للحكم وهو ما ينذر بكوارث قادمة يتعرض لها المسلمون في الغرب على نطاق أوسع....
ومما يزيد من خطورة الأمر تجاوز الاعتداءات التي يتعرض لها المسلمون في الغرب من الهجمات الفردية إلى تكوين مليشيات مسلحة من أجل قتلهم والتنكيل بهم وهي خطوة كشف عنها تحقيق مشترك من قبل مديرية الأمن الداخلي ووحدة مكافحة الإرهاب بالشرطة القضائية في فرنسا..وأشار التحقيق إلى ضبط خلية يقودها “لوجان ألكسندر نيسين” الذي اعترف بأنه من مؤيدي النرويجي “أندرس بريفيك” الذي قتل بالرصاص 69 شخصا معظمهم من طلاب المدارس العليا...
وأوضحت التحقيقات أن “نيسين” اعتقل جنوب فرنسا في يونيو، كما اعتقل 10 من أتباعه فيما بعد، ووفقا لصحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن المجموعة كانت تخطط لاغتيال سياسي يساري فرنسي ومجموعة من كبار قادة المسلمين وغيرهم...
هذا التطور الخطير يشير إلى أن المجازر التي يتعرض لها المسلمون في بلدان مثل أفريقيا الوسطى وميانمار وغيرها من الدول قد تصل قريبا إلى أوروبا وأمريكا التي تتشدق حكوماتها بالحفاظ على "حقوق الإنسان وعدم التمييز بين الناس"..
إن التفكير في تكوين مليشيات مسلحة لقتل المسلمين في الغرب وبدء تنفيذ هذه الفكرة مر بسنوات وخطوات كانت فيها الحكومات الغربية تركز فقط على ما تسميه "الإرهاب الإسلامي" حيث أطلقت أجهزتها الأمنية لتنفيذ حملات تفتيش ومراقبة وضبط للآلاف من المسلمين لمجرد الاشتباه بهم وسط سن لقوانين استثنائية أثارت الجدل من حيث تعارضها مع مبادئ العدالة والمساواة وفي نفس الوقت أهملت العداء المتصاعد ضد المسلمين حتى وصل لتكوين مليشيات لقتلهم فماذا هي فاعلة حيال ذلك؟! أم أنها ستغض الطرف وتظل تركز على الضحايا من غير المسلمين؟!