تقسيم الغنائم في سوريا
7 صفر 1439
خالد مصطفى

شهدت سوريا منذ اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد قبل عدة سنوات تدخلا قويا لعدد من القوى الخارجية تحت دعاوى مختلفة وبدأت هذه القوى حتى قبل أن تنتهي الأزمة في توزيع الغنائم..إيران أشارت إلى أنها تدخلت في سوريا بعد أن طلب نظام بشار الأسد منها ذلك, ومن المؤكد أنها قامت بذلك لحماية مصالحها الاستراتيجية والحفاظ على النظام الطائفي الموالي لها في بلد كبير مثل سوريا...

 

كما تدخلت روسيا لصالح نظام بشار الأسد بشكل معنوي ودبلوماسي ودعم عسكري في البداية ثم أرسلت جنودها للقتال في سوريا...

 

أمريكا بدورها كونت تحالفا وأرسلت جنودا وطائرات حربية للمنطقة للقتال في سوريا والعراق بحجة مواجهة تنظيم داعش الذي تدور أسئلة كثيرة حوله وعن كيفية نشأته وصعوده بهذا الشكل وعلاقته بنظام بشار الأسد...لم تكن هذه التدخلات بريئة منذ اللحظة الأولى وتوقع الكثيرون أن تعقبها كوارث جمة على سوريا وعلى المنطقة وبدأت التسريبات تكشف عن بعض هذه الكوارث؛ فقد كشف موقع صهيوني عما أسماه بـ “اتفاق سري” بين واشنطن وموسكو، بشأن تقسيم موارد النفط والغاز الطبيعي في سوريا، وهو ما سيلعب دورا في تحديد السيطرة العسكرية في شرقي سوريا بالفترة المقبلة...

 

وأفاد تقرير لموقع “ديبكا”، المتخصص في الشؤون العسكرية والاستخباراتية، بأن مصادر مطلعة على التطورات في حقول النفط والغاز شرق سوريا، التي كان تنظيم داعش يسيطر عليها، تتحدث عن الصفقة السرية التي تمت بين واشنطن وموسكو التي يتم بموجبها منح الأكراد السيطرة على موارد نفطية، والنظام السوري موارد للغاز الطبيعي...

 

وأوضح التقرير أن حقل العمر النفطي شرق سوريا جاء كمكافأة لميليشيا “وحدات حماية الشعب” الكردية على دورها في قيادة ما يسمى بـ “قوات سوريا الديمقراطية” في المعارك التي شهدتها مدينة الرقة....

 

وأشار التقرير إلى قيام “وحدات حماية الشعب” الكردية، وهي العمود الفقري لـ “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، بالسيطرة في الآونة الأخيرة على حقل “كونوكو” وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في سوريا، ويقع شرقي نهر الفرات في محافظة دير الزور، لكنها انسحبت منه لكي تتيح لقوات جيش الأسد وميليشيا حزب الله اللبنانية تسلم السيطرة عليه...وهذه هي المرة الأولى، منذ بداية الحرب في سوريا قبل سنوات، التي تسيطر فيها ميليشيا "حزب الله" على مصدر أساسي للغاز والنفط في سوريا، حيث ينتج الحقل حوالي 13 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا...

 

وبحسب ما أورده الموقع، تم عقد اجتماع يوم الخميس 20 أكتوبر في منطقة كردية شمالي سوريا بين ممثلين عن روسيا والنظام السوري والأكراد، وفيه تم اتخاذ قرارات بشأن الحقول التي ستصبح تحت سيطرة الأكراد والنظام السوري...وشارك في الاجتماع، بحسب مصادر “ديبكا”، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وهو أيضا مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا. وتدل مشاركة شخصية دبلوماسية رفيعة المستوى في هذا الاجتماع إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها موسكو لمسألة السيطرة على حقول النفط والغاز في سوريا...

 

وقالت مصادر عسكرية واستخباراتية إنه ينبغي افتراض أن جميع الإجراءات الروسية المشار إليها يتم اتخاذها بالتنسيق مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والدليل هو أن انسحاب القوات الروسية وجيش النظام السوري وميليشيا "حزب الله" انسحابا في نفس الوقت من حقل نفطي كبير في سوريا هو حقل العمر، الذي يقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، ليتم تسليمه إلى الميليشيات الكردية، وبالتحديد إلى ميليشيات “وحدات حماية الشعب”...واعتبرت المصادر أن الانسحاب من حقل العمر النفطي لتسليمه إلى الميليشيات الكردية تزامن مع نقل السيطرة على حقل كونوكو للغاز، إلى قوات النظام السوري...

 

ويقول الموقع إن قوات روسيا والنظام السوري وميليشيا "حزب الله" احتلوا في الأسبوع الأخير الحقل المشار إليه، ولكنها انسحبت إلى الغرب وتمركزت على خط  دفاعي في منتصف الطريق بين حقل “العمر”، وبين حقل “الميادين”، الذي يقع على مسافة 10 كيلومترات إلى غرب الحقل الأول...وترى مصادر “ديبكا” أن تسليم حقل “العمر” إلى الأكراد تم بموجب تنسيق سري بين ضباط أمريكيين وضباط روس، وهو ما يعني أن أكبر حقل نفطي في سوريا أصبح بيد الأكراد، وأن واشنطن قررت الإبقاء عليه بيد الأكراد كتعويض لهم على خسارتهم معظم حقول النفط في كركوك وسقوطها بيد الجيش العراقي والميليشيات الشيعية الموالية لإيران.