لا تكاد معقل الكنيسة الكاثوليكية في العالم "الفاتيكان" تلتقط أنفاسها وتتنفس الصعداء إثر خفوت ضجيج فضيحة شذوذ كهنتها وقساوستها ورهبانها المشينة حتى تطفو على السطح فضيحة جديدة تهز أركانها وتكشف عن مدى الانحطاط والتدهور القيمي والأخلاقي الذي وصل إليه ما يسمى "مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية" .
أحدث فضائح جرائم شذوذ قساوسة رأس الكنيسة الكاثوليكية كشفت عنه الفاتيكان نفسها إذ أعلنت عن فتح تحقيق حول "وقائع تتعلق بممارسة" الشذوذ الجنسي بالإكراه بحق طلاب في معهد كنسي تابع لها .
بيان للفاتيكان قال : "فتحت السلطات المختصة في الفاتيكان تحقيقاً في معهد بيوس العاشر حول وقائع تتعلق بممارسة علاقات شذوذ جنسي بالإكراه في داخله".
المعهد الموبوء يقع في دولة الفاتيكان وهو مؤسسة لتأهيل الكهنة الشبان المنخرطين في السلك الكنسي ...ما يعني أن آفة الشذوذ قد تعدت حدود الأطفال الزائرين لكنائس الفاتيكان المنتشرة في العالم الغربي و وصلت إلى الجيل الذي تأهله الكنيسة الكاثوليكية ليصبحوا قساوسة المستقبل , وهو ما ينذر بتوريث المرض العضال الذي ترزح الفاتيكان وكنائسها تحته منذ زمن لقادتها وقساوستها الجدد .
لم تكن هذه المرة هي الأولى التي تضطر فيها رأس الكنيسة الكاثوليكية فتح تحقيق يتعلق بعلاقات شذوذ بالإكراه داخل أروقة المعهد المذكور , فقد تم فتح تحقيق أولي في ذات المعهد حول نفس الموضوع عام 2013م حسب ما أكد البيان الذي نقلته إذاعة الفاتيكان ولكن دون أن يتم التوصل (آنذاك) إلى أي نتيجة موثقة حسب زعمه.
على ما يبدو فإن تضخم حالات الشذوذ داخل المعهد و كثرة التبليغات عن انتشار تلك الظاهرة في أروقته قد دفعت الفاتيكان دفعا للدعوة إلى فتح تحقيق جديد في سبيل تسليط الضوء على ما كان يحدث في ذلك المعهد بالفعل بعد اكتشاف حالات شذوذ جديدة حسب بيان الفاتيكان الأخير .
لم يكن لبيان الفاتيكان أن يتحدث عن تلك "العناصر الجديدة" لولا الكتاب الذي صدر الأسبوع الماضي للصحفي الإيطالي "جان لويجي نوتسي" الذي حمل عنوان "أحرف صريحة" وأورد فيه الكاتب معلومات مفصلة رواها شهود من طلاب سابقين عن علاقات شذوذ جنسي بالإكراه كانت تجري في المعهد المذكور بين الطلاب ومسؤولين فيه .
ما يثير الانتباه في فضائح الشذوذ التي ضربت وهزت الفاتيكان منذ سنوات وحتى الآن أنها لم تنحصر في كنيسة أو بلد أو دولة أو حتى مستوى واحد من مستويات القساوسة أو .... بل عمت فضائح الشذوذ معظم كنائس دول القارة العجوز ناهيك عن كنائس الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك استراليا ..... وغيرها من كنائس العالم التي تتبع للفاتيكان , كما طالت فضيحة التلبس بها كبار قساوسة رأس الكنيسة الكاثوليكية وأقرب المقربين إلى بابا الفاتيكان نفسه .
ففي أواخر يونيو/حزيران من العام الجاري وجهت الشرطة الأسترالية تهمة التحرش الجنسي بالأطفال للمسؤول عن الشؤون المالية والاقتصادية بالفاتيكان الكاردينال الأسترالي "جورج بيل" , بل بدأت أولى جلسات محاكمة الأخير أواخر شهر يوليو/تموز الماضي .
وقبل سنوات وصلت فضيحة الشذوذ إلى حاجب بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر الذي تمت إقالته بعد الكشف عن تورطه فى شبكة دعارة للشواذ جنسيا , وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية حيتها تفاصيل الفضيحة بالقول : إنه بعد أن تمكنت الشرطة من القبض على "أنجيلو بالدوتشى" وهو مهندس وعضو سابق بمجلس إدارة الأشغال العامة ومستشار إنشاءات الفاتيكان على خلفية اتهامات بالفساد ، تم الكشف عن مكالمة هاتفية كان يتفاوض فيها مع حاجب البابا النيجيرى الجنسية "توماس جيندو إيهايم" على التفاصيل الجسدية المحددة التى يريدها فى الرجال الذين سيحضرهم له .
فضائح الشذوذ والاعتداء جنسيا على الأطفال من قبل قساوسة كنائس الفاتيكان التي بدأت تخرج للعلن منذ عام 2001م لا يبدو أنها ستتناقص فضلا عن أن تتوقف , بل يمكن القول بأنها تشبه كرة الثلج المتدحرجة التي تزداد حجما وضخامة يوما بعد يوم .
وإذا كان حال مركز القيادة الروحية للدول التي تتبع للكنيسة الكاثوليكية بهذا الفحش والانحراف والانحطاط والتردي القيمي والاخلاقي , فلا عجب ولا غرابة أن تكون عامة مجتمعاتهم غارقة في الفاحشة والشذوذ الجنسي و موغلة في كل ما يتناقض مع تعاليم الأديان السماوية بل ويتعارض بشكل صارخ مع الفطرة الإنسانية السلمية التي فطر الله الناس عليها .
ومع توالي الأنباء التي تتحدث عن إيغال الغرب في فسقه وفجوره وفحشه وشذوذه بل وشرعنته لما سبق وقوننته فإن ذلك مؤذن بقرب انهيار حضارته المزعومة و زوال امبراطويته التي قامت على الظلم والبغي ونهب خيرات الآخرين .