الأسئلة التي يجب على "ناتو" الإجابة عليها
8 ربيع الأول 1439
أوكان مدرس أوغلو

لقد تسببت محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في تركيا صيف 2016، والفضيحة الأخيرة التي وقعت خلال مناورات حلف شمال الأطلسي "ناتو في النرويج، بتغير جذري في الرأي العام التركي تجاه "ناتو".

 

سمعة حلف "ناتو" في السبعينات من القرن الماضي كانت متمثلة في أنه حلف يقوم بعمليات غامضة، كما يقوم بأنشطة لمكافحة العصابات بشكل موجه من قبل الولايات المتحدة، أكثر من أن يكون عبارة عن منظمة أمنية ودفاعية.

 

مع مرور الزمن بدأت الفئات القومية والمحافظة بطرح التساؤلات حول "ناتو" والنظر إليه بشكوك انطلاقاً من الخطابات المعادية للإمبريالية.

 

أما اليوم وبشكل ملفت للنظر، تكاد تجتمع مختلف الآراء السياسية لدى السياسة التركية، على معاداة "ناتو"، ولا يكون هذا الأمر غريباً عند الوضع بعين الاعتبار الجذور التاريخية لـ"ناتو".

 

* إلى الآن لم يقم الحلف المذكور بتقديم إيضاحات مقنعة للرأي العام التركي حول مدى علمه بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، وحول تقديمه الدعم أم لا لهذه العملية.

 

إعلان الحلف عن رسائل إدانة تجاه المحاولة الانقلابية، لا يمنع من طرح التساؤلات حول وجود صلة بين الحلف وبين المحاولة الانقلابية.

 

فضلاً عن النظرة الدونية الممزوجة بـ"جنون العظمة" في مقر الحلف ببروكسل، إلى فكرة وقوف الحلف وراء المحاولة الانقلابية، والتي تعكس اليوم تفكير ونظرة الرأي العام التركي تجاه الحلف.

 

كما أن حماية "ناتو" للعسكريين الأتراك المتورطين في الانقلاب والممتد تواجدهم بين بروكسل وبرلين، تعتبر مشكلة بحد ذاتها!

 

* كما أن تحرّك الحلف للحيلولة دون تعرض دولة حليفة له للخطر، بسرعة وبشكل رادع، مسألة أخرى.

 

عندما تعمقت الأزمة السورية وبدأت تركيا تتعرض لهجمات صاروخية قادمة من الأراضي السورية، استغرق "ناتو" 6 أشهر لتأمين منظومات "باتريوت" الدفاعية من ثلاث دول حليفة لها، لتنصبها على الحدود السورية التركية.

 

وعندما نصبتها لم تكن تفعل ذلك بشكل يشمل جميع الحدود التركية المعرضة للخطر، بل بحيث تحمي بدرجة أولى التواجد الأمريكي وعناصر الحلف الموجودة على الأراضي التركية وعلى رأسها قاعدة "إنجرليك" الجوية في الجنوب التركي. الأخطر من هذا، كان تقييم دول الحلف لدرجة التهديد الذي تتعرض له تركيا، وفق معاييرها هي، لتقوم بعد ذلك بسحب منظومات "باتريوت" من الحدود التركية.

 

ومن بين مؤشرات نفاق الحلف تجاه تركيا، ما قدمه من مبررات لسحبه المنظومة المذكورة، وهو زعمه الرغبة في تحديث المنظومة المذكورة، في حين أن الغاية الحقيقية من تلك الخطوة كانت إضعاف الدفاع الجوي التركي.

 

* النقطة التي تم التوصل إليها الآن، وجب فيها على  حلف "ناتو" تقديم إيضاحات شفافة وواضحة حول التعديلات التي قامت بها في مخططاتها الدفاعية التي تشمل تركيا أيضاً.

 

ما هي مكانة تركيا لدى مفهوم الدفاع لحلف "ناتو"؟ ما هي مصادر التهديد التي تستهدف تركيا وما هي ماهية هذه التهديدات؟ في مثل هذه الحالة، هل تعتبر تركيا بمثابة "المنطقة الأمنية الخلفية" لحلف شمال الأطلسي؟ أي هل تعدّ تركيا منطقة سيُقام فيها خط الدفاع الأول لتأمين منطقة معينة تابعة للحلف؟ هل هناك وثائق تطبيقية تبيّن النقاط التي سيتم فيها تمركز الجنود التابعين للحلف على الأراضي التركية تحت مسمى الدفاع، وأعداد هؤلاء الجنود والدول التي سيقدمون منها؟ هل أطلق الحلف مساعي البحث في أنقرة من أجل منظومات الدفاع التي سحبتها بحجة "الرغبة في تحديثها"؟ 

 

أودّ التطرق إلى نقطة معينة وأنا أدرك أن الأسئلة التي طرحتها قد تبدو مبالغة في الوهلة الأولى...

 

هذه النقطة هي أن حلف شمال الأطلسي لا يزال له أهمية لدى سياسات أنقرة فيما يخص الدفاع المشترك.

 

لكن سيظل "ناتو" مصدراً للشك والقلق والخطر بالنسبة لتركيا، إلى أن يزيل الحلف الشكوك التي تحيط ببعض ممارساته وسياساته.

 

المصدر/ صحيفة صباح