كنائس الفاتيكان و بيت العنكبوت
18 ذو الحجه 1439
زياد الشامي

لم يكن وصف البيان الإلهي في القرآن الكريم لبيت العنكبوت بأنه أوهن وأضعف البيوت عن عبث فقد أثبتت الدراسات العلمية أن ذكر العنكبوت بعد أن يقوم بتلقيح الأنثى تقوم الأنثى بافتراسه وتتغذى على لحمه طيلة فترة الحضانة للبيض وبعد أن يفقس البيض تتغذى اليرقات على أضعفها ثم بعد أن يقوى ويشتد عود ما تبقى من الصغار تقوم بأكل أمها لأنها أصبحت أضعف الموجود ثم يلقح الذكر الأنثى ثم تقوم بأكله وهكذا دواليك .

 

هذا الوهن والضعف الذي يعاني منه بيت العنكبوت لم يقتصر على هذا المخلوق الصغير فحسب بل تعداه إلى بيوت وهيئات ومؤسسات وكيانات بعض الناس من بني البشر الذين كرمهم الله تعالى على جميع مخلوقاته .

 

قد تكون الفاتيكان وما يجري داخل أروقة كنائسها المنتشرة في عموم دول القارة العجوز وغيرها مثالا للوهن والضعف الذي يعاني منه بيت العنكبوت , فبدلا من أن تكون تلك الكنائس مصدرا للرعاية والحماية ونشر الفضيلة و الأخلاق الحسنة أضحت مرتعا للفساد وملاذا لارتكاب الجرائم الأخلاقية الشاذة و بؤرة للممارسات الجنسية المشينة .

 

فضائح اعتداء قساوسة كنائس الفاتيكان على الأطفال والقصر جنسيا لا تزال مستمرة وما تخفيه وسائل الإعلام في هذا الملف قد يكون أكثر بكثير مما تظهره وتنشره الأمر الذي يدفع المتابع إلى تشبيه ما يجري داخل أروقة كنائس الفاتيكان بما يجري في بيت العنكبوت .

 

آخر حلقات مسلسل فضائح الفاتيكان اتهام مسؤول كنسي كبير زعيم الفاتيكان فرنسيس بأنه كان على علم بانتهاكات جنسية ارتكبها كاردينال أمريكي بارز قبل خمس سنوات من قبول استقالته الشهر الماضي .

 

وفي رسالة مؤلفة من 11 صفحة تم تسليمها للمنابر الإعلامية الكاثوليكية خلال زيارة زعيم الفاتيكان لأيرلندا قال كبير الأساقفة كارلو ماريا فيجانو: إنه أبلغ فرنسيس في عام 2013 أن الكاردينال تيودور مكاريك واجه اتهامات كثيرة بانتهاكات جنسية.

 

وأصبح مكاريك - وهو يعد من أرفع كبار مسؤولي الكنيسة الذين وجهت إليهم اتهامات بارتكاب انتهاكات جنسية - أول كاردينال يستقيل من المناصب العليا في الكنيسة بعد مراجعة توصلت إلى أن الاتهامات بأنه انتهك جنسيا فتى يبلغ من العمر 16 عاما ذات مصداقية.

 

وقال كبير الأساقفة فيجانو في رسالته إنه أبلغ فرنسيس بما يتردد بحق مكاريك في 23 يونيو عام 2013 بعد وقت قصير من انتخابه زعيما للفاتيكان.

 

وأضاف ”يجب أن يكون فرنسيس أول من يضرب مثلا جيدا للكرادلة والأساقفة الذين تستروا على انتهاكات مكاريك وأن يستقيل معهم كلهم“.

 

زعيم الفاتيكان لم يستطع إنكار الفضائح المتتالية التي هزت عموم دول العالم الغربي فاعترف الأخير في أول زيارة "بابوية" لأيرلندا منذ 39 عاما بأن إخفاق الكنيسة في التعامل كما ينبغي مع الجرائم "المقيتة" للاستغلال الجنسي للأطفال هناك يظل مصدر خزي لطائفة الكاثوليك.

 

وقال فرانسيس خلال استقبال رسمي حضره بعض ضحايا الانتهاكات الجنسية في إيرلندا التي وصلها السبت الماضي : "لا يمكنني ألا أقر بالفضيحة الجسيمة التي تسبب فيها الاستغلال الجنسي لصغار في أيرلندا على يد أعضاء في الكنيسة مكلفين بالمسؤولية عن حمايتهم وتعليمهم".

 

وأضاف "إخفاق السلطات الكنسية - الأساقفة وكبار رجال الدين والقساوسة وغيرهم - في التعامل مع هذه الجرائم المقيتة كما ينبغي أدى لزيادة الغضب وما زال مصدرا للألم والخزي للطائفة الكاثوليكية".

 

لا شك أن الرائحة الكريهة التي فاحت من تكرار تلك الفضائح الأخلاقية التي زكمت الأنوف في عموم دول أوروبا وأمريكا قد أدت إلى تراجع كبير في أعداد القلة القليلة التي ما زالت متمسكة بالمذهب الكاثوليكي , فقد ذكرت التقارير الغربية أنه من المتوقع أن تكون أعداد من سيصطفون في الشوارع أو ينضمون لزعيم الفاتيكان للصلاة حوالي ربع العدد الذي استقبل سلفه يوحنا بولس الثاني في عام 1979 وبلغ 2.7 مليون شخص .

 

لا ينبغي لمن كان بيته كبيت العنكبوت أن يرمي غيره بالحجارة أويتهمهم بالفساد أو ينشغل بتلفيق الاتهامات و تزوير الحقائق وتشويه الثوابت....فالأولى به أن يلتفت إلى شؤونه الداخلية فيحاول إصلاح ما فسد و ترميم ما تصدع ويكاد أن يتهاوى ويسقط  فوق رأسه .