السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعيش في بريطانيا و متزوج وعندي أطفال، وأريد أن آخذ قرضاً من البنك ـ على أساس أنني سوف أدفع الفوائد، ولكني في الحقيقة لست فاعلاً ـ
وذلك لشراء بيت لهم في بلد مسلم، وسوف أرجع الأموال إلى البنك كما أخذتها لكن دون فوائد.
بارك الله فيكم.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالتقدم بطلب الحصول على قرض ربوي، مع استبطان نية عدم سداد الفوائد يجمع بين كبيرتين من كبائر الذنوب:
الأولى: الدخول في عقد ربوي.
الثانية: الكذب والتدليس، والكذب والتدليس أعظم جرماً؛ لما فيه من الصد عن سبيل الله، وتنفير الناس من الإسلام، وتشويه صورة المسلمين.
وقد قرن الله _تعالى_ الصد عن سبيل الله بالكفر في مواضع عديدة من القرآن الكريم؛ لبيان شناعته وفداحة إثمه، وتبرير هذا الكذب والتدليس بأنه للتهرب من الوقوع في الربا، ينطبق عليه القول بأنه عذر أقبح من ذنب.
فالواجب على المسلمين أن يتقوا الله _تعالى_ في أنفسهم وفي غيرهم، ولا يكونوا سبباً في الصد عن سبيل الله، وإعطاء الكفار الذريعة للتسلط عليهم، بحجة أنهم لا أخلاق لهم ولا ضمير، نحن الذين علمنا العالم فيما مضى معنى الأخلاق والوفاء بالعهد والصدق في الحديث، فكيف نأتي الآن وننقض أصل مجدنا وعزنا؟
لقد كان الصحابة _رضي الله عنهم_ يضطهدون في مكة، وكان المشركون يحاربون الإسلام وأهله، ومع ذلك لما أراد النبي _صلى الله عليه وسلم_ الهجرة رد الأمانات إلى أصحابها من المشركين، ولم يقل: هؤلاء مشركون يحاربون الله ورسوله فلا عهد ولهم ولا ذمة، ولم يعدها غنيمة يستولي عليها؛ لأن هذا من السرقة والخيانة التي يتنزه عنها المسلم، فضلاً عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، ولما سأل قيصر أبا سفيان، حين كان مشركاً، عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ هل يغدر؟ قال: لا، فقال قيصر: كذلك الرسل لا تغدر!! لم ينتصر المسلمون على أعدائهم بكثرة العدد، وإنما بالإسلام والخُلُقُ والفضيلة، فمهما أردنا النصر بغير ذلك أذلنا الله.
فالواجب على الأخ السائل أن يجتنب الكبائر كلها، وأعظمها الصد عن سبيل الله، فإن كان مضطراً للاقتراض ولم يجد مصدراً مشروعاً للمال، وبلغت به الضرورة حداً تحل له الميتة، جاز له الاقتراض بربا؛ لقوله _تعالى_:" فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"(البقرة: من الآية173)، والله الهادي إلى سواء السبيل.