السؤال
هل يجوز إجبار الفتاة على الزواج من شاب صاحب خلق ودين؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إن من شروط صحة النكاح رضا الزوجين فلا يصح إن أكره أحدهما بغير حق، وقد استثنى العلماء من ذلك البالغ المعتوه فيزوجه أبوه أو وصيه في النكاح. وكذلك المجنونة، والصغيرة دون البلوغ. هذا ولا يزوج باقي الأولياء صغيرة دون تسع بحال بكراً كانت أو ثيباً، ولا كبيرة عاقلة بكراً كانت أو ثيباً ولا بنت تسع سنين إلا بإذن. أما الثيب فلا يجوز للأب ولا لغيره تزويجها إلا بإذنها في قول عامة أهل العلم، أما البكر البالغة فقد اختلف العلماء _رحمهم الله_ هل للأب إجبارها أو ليس له ذلك على قولين: أحدهما: له إجبارها وهو رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب مالك والشافعي مستدلين بما رواه ابن عباس مرفوعاً: الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها صماتها، رواه أبو داود وهو حديث صحيح. قالوا: فإثباته الحق للأيم على الخصوص. والقول الثاني: ليس له إجبارها لما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعاً: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت. قلت وهذا هو القول الراجح بل الصحيح وهو أنه ليس للأب إجبارها، وغيره من الأولياء من باب أولى فقد جاء في حاشية ابن قاسم على الروض المربع جـ6 ص 256 ما نصه (قال الشيخ _ يعني ابن تيمية رحمه الله _ فالصحيح: أن البكر البالغة لا يجبرها أحد لما في الصحيحين: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن) وهو قول أبي عبيد وأصحاب الرأي. قال ابن القيم: قالت الشافعية له أن يجبر ابنته البالغة المفتية، العالمة بدين الله بمن هي أكره الناس له حتى لو عينت كفواً، وتركوا محض القياس والمصلحة وتعلقوا بخبر مسلم (والبكر تستأذن) وهو حجة عليهم وتركوا ما في الصحيحين: (لا تنكح الأيم حتى تستأذن) فنهى أن تنكح بدون استئذانها وأمر بذلك وأخبر أنه شرعه وحكمه، فاتفق على ذلك أمره ونهْيُه وهو محض القياس والميزان، وقال: وهو قول جمهور السلف ومذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه وهو القول الذي ندين الله به. انتهى.