25 رجب 1426

السؤال

يلتحق ابني خلال العام الحالي بمدرسة جديدة، بسبب انتقاله إلى المرحلة المتوسطة، ألا يؤثر الجو الجديد في شخصية ودراسة ابني؟ وكيف أجعله يتقبل الدخول إلى المدرسة الجديدة بدون عوائق أو صعوبات، وكيف يمكن أن أجعله يتجنب العلاقات السيئة قبل أن تبدأ؟

أجاب عنها:
همام عبدالمعبود

الجواب

لكل مرحلة عمرية خصائصها المميزة، ومن ثم طريقة التعامل المناسبة لها، ومن الجميل حقاً أن تعرف الخصائص العمرية للمرحلة التي يمر بها ولدك، لتعرف –وفقاً لذلك- الطرائق المناسبة للتعامل معه، وولدك كما ذكرت يدخل مرحلة دراسية جديدة، ألا وهي المرحلة المتوسطة، وهي نقطة تحول فارقة في حياته، وهذا ما يفرض عليك أن توله اهتماماً أكبر وأن توثق علاقتك به، وأن تكون دائماً قريباً منه، وألا تأخذك مشاغل الحياة عنه بالكلية. فالجو الجديد الذي سيقبل عليه ولدك -ولا شك- سيكون له أثر كبير في شخصيته وفي دراسته، حيث سيجد مدرسة جديدة، غير التي قضى بها مرحلته الأولية، ومدرسين جدد، غير الذين اعتادهم، بل والأهم ذلك أنه سيجد زملاء دراسة جدد، وقد لا يكون بينهم زملاؤه الذين كانوا معه في المرحلة السابقة، ولهذا فإنه سيكون عليك القيام بدور كبير –ولو في بداية المرحلة- في مساعدته لكي يتجاوز الأمر وحتى لا يؤثر عليه هذا الانتقال تأثيراً سلبياً. أما عن سؤالك: كيف أجعله يتقبل الدخول إلى المدرسة الجديدة بدون عوائق أو صعوبات، فإنني أوصيك بالآتي: 1- اللجوء إلى الله: والتوجه إليه بالدعاء، أن يحبب المدرسة الجديدة إلى ولدك، نعم نريد أن نتعلم اللجوء إلى الله وطلب العون منه في كل أمر يعن لنا من أمور حياتنا، فهذا مما يوثق علاقتنا بخالقنا ويجعل كل خطواتنا في حياتنا عبادة وقربى لله _عز وجل_، والأصل أن المسلم كلما عرض له عارض أو جد له جديد أن يلجأ إلى الله وأن يرب نفسه وقلبه على ذلك، قال _تعالى_:"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، وقال أيضاً :" أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ". 2- التمهيد له: فالإنسان بطبيعته حبيب ما يعرف وعدو ما يجهل، فقم بتعريفه بالمرحلة المتوسطة، ومهد له لكي يتقبل المدرسة الجديدة، خذه في زيارة للمدرسة الجديدة في إجازة الصيف، وقم بتعريفه على مدرسيه الجدد، الذين سيدرسون له مع بدء العام الجديد، وقم بشراء زي جديد له –إن استطعت- فهذا مما يسعده ويجعله يستشعر فرحة الانتقال لمرحلة جديدة، واشتر له أدواته الدراسية، وحقيبة جديدة، واستلم له كتبه الدراسية قبل بدء الدراسة فهذا كله مما يضفي عليه شعوراً بالفرحة، ويمهد له لتقبل النقلة الجديدة في حياته. 3- المتابعة المستمرة: وهذا أمر من الأهمية بمكان، حيث لا يقتصر دور الأب على تهيئة الولد لدخول المدرسة، بل لابد من متابعته وتوجيهه على الدوام، على أن تكون المتابعة والتوجيه بطريقة غير مباشرة، فمثلا يمكنك أن تسأل عنه في المدرسة، لتطمئن على مستواه التعليمي، وتلتقي بمدرسيه، وتطلب منهم الاهتمام به، وحسن معاملته، وحبذا لو أوضحت لهم صفاته الشخصية وبينت لهم ما يحب وما يكره، وما يمتاز به من مهارات لينتبهوا إليها ويوظفوها بما يجعله محباً لمدرسته مقبلاً عليها. 4- التوجيه غير المباشر: وذلك بتقويم سلوكياته بطريقة تربوية، فمثلاً لو وجدته غير حريص على أداء الصلاة في أوقاتها في المسجد، يمكنك أن تحفزه لذلك بأن تصطحبه معك للمسجد، أو تجري مسابقة بينه وبين إخوته –إن كان له إخوة- وتعطي جائزة في نهاية الأسبوع لمن حافظ على أداء أكبر عدد من الفرائض في المسجد، أو لمن حفظ آيات من القرآن أكثر، أو.... وهكذا، مع بيانك فضل المحافظة على الصلاة في المسجد، وفضل قراءة القرآن، وفضل بر الوالدين وفضل الإحسان إلى الجار و... هكذا. أما عن سؤالك: كيف يمكن أن أجعله يتجنب العلاقات السيئة قبل أن تبدأ؟ فأقول لك وبالله التوفيق: 1- المساعدة في اختيار أصدقائه: وهو أمر على درجة من الأهمية، فإن الصديق الصالح يكون عاملاً مساعداً في صلاح صديقه، فعن أبي موسى الأشعري _رضي الله عنه_، عن النبي _صلى الله عليه وسلم_، أنه قال: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة". وما رواه أبو هريرة _رضي الله عنه_ عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل". واعلم _رحمك الله_ أن الأصدقاء ثلاثة كما يقول ابن القيم -رحمه الله-: أحدهم كالغذاء لا بد منه، والثاني كالدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت، والثالث كالداء لا يحتاج إليه قط 2- متابعته والسؤال عنه على الدوام: بأن تضعه تحت عينيك، فتجلس مع أصدقائه وزملائه وتناقشهم وتقربهم منك، وتعلمه أن يستأذن منك قبل الخروج من المنزل، وأن يوضح لك سبب خروجه، وتتفق معه على الوقت الذي سيمضيه خارج المنزل، وتسأله بعد عودته: ما الذي أخرك؟ –إن كان قد تأخر- وأن تشكره إن جاء في موعده. 3- ربطه بالله: وأقصد بذلك تحبيبه في المسجد، وتعويده على حضور حلقات العلم، ومناقشته فيما سمع بعد عودته، ويمكنك أن تتفق معه على أن يشرح لكم في البيت -لك ولأمه وإخوته- ما تعلمه في المسجد فهذا مما يحفزه ويجعله يحافظ على دروسه، ويوسع مداركه وينمي قدرته، ويمكنك أن تتفق مع أحد محفظي القرآن، فيتولاه بالتحفيظ والاستظهار، وأن تقدم له جائزة مناسبة كلما أتم جزءاً، وقد تكون الجائزة رحلة أسرية أو فسحة لمكان يحبه وهكذا يرتبط بالله فيتجنب العلاقات السيئة والأصدقاء السيئين. وختاماً رزقنا الله وإياك البصيرة النافذة، والصبر الجميل والخلق الحسن، وقواك على تربية ولدك ومساعدته على الطاعة، وحبب إلى ولدك مدرسته ومدرسيه، وجنبه وأبناء المسلمين أصدقاء السوء.. اللهم آمين.