السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أنني أعاني من مشكلة في حياتي، وهي أنني عندما أرسم برنامج ضبط للقرآن إلا أنني لا أواصل حتى النهاية مع العلم أنني راعيت فيه المقدرة الذاتية والمدة، وقناعتي في ثمرته قوية، ومع ذلك، لا أواصل, إن واصلت فالانقطاع كثير، أفيدوني مشكورين.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، وبعد: فكون الإنسان يعزم على تنفيذ برنامج معين، ثم ينقطع عن المواصلة، لسبب أو غيره، لا يستلزم الخطأ ولا العيب، بل هذه طبيعة البشر، ومن الأمور المعينة على الاستمرار: 1- الدعاء والاستعانة، فتحرص على دعاء الله تعالى أن يوفقك للضبط والإتقان، وتستعين بالله في كل صغيرة وكبيرة، وتردد في الصباح والمساء، كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"(1). 2- وضوح الهدف في تنفيذ البرنامج وتحقيق أمر محدّد، وترك الارتجالية والفوضى. 3- الصبر والمصابرة، فطريق العلم والحفظ، طريق شاق، تحفه المصاعب والمشاق. 4- الوسطية في تنفيذ آلية البرنامج، والابتعاد عن التكلف والتشدد والمثالية. 5- العناية بمنهج التلقي وحضور مجالس العلم والبدء بصغار العلم قبل كباره والقراءة على الشيوخ والتلقي من الأفواه، والتزام منهج علمي بإشراف قارئ متقن. 6- التجديد والابتكار في الأساليب، وممارسة ما يناسب واقعه وظروفه وسنِّه، بعد عرض نفسه على من هو أفضل منه، والاستفادة من خبارته. 7- الحرص على مزاولة العمل الذي يناسب الفرد، ويتفق مع طبيعته وإمكاناته ومواهبه وما يُسِّر له. 8- تنظيم الوقت بعامة، فوقت للسماع والضبط ووقت للحفظ ووقت للمراجعة، مع محاسبة النفس على عدم الانضباط. 9- اتخاذ القدرة الصالحة العاملة، إذ لها تأثير عجيب في استنهاض الهمم والأخذ بالعزيمة، وكثير من النفوس الضعيفة تؤثر فيها القدوة الفعالة أكثر من مائة موعظة. 10- دراية سير العلماء وخاصة الحفاظ ومعرفة ما واجهوه من مشكلات وعقبات، وكيف كانوا يتغلّبون على الصعاب. 11- التواصل مع أصحاب البرامج المماثلة بغية التشجيع والاستفادة. 12- الاهتمام بعمل اليوم والليلة من واجبات أو مسنونات، وإهمال الواجبات سبب لبعض العقوبات، ومنها الفتور، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء من هذا، فقد صحَّ عنه أنه قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة، عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان"(2). 13- الاهتمام بتطهير القلب من أمراضه كالحسد وسوء الظن والرياء. 14- الترفيه عن النفس بالمباحات، حيث يطرد السآمة والملل، ويقضي على الفتور والكسل. 15- الاهتمام بالصحة الجسدية والاستجمام مع الاعتدال في ذلك، ليجدد نشاطه، وليكون العود إلى العمل أقوى. أسأل الله للجميع التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. ______________ (1) النسائي في عمل اليوم والليلة رقم "570" ما يقول إذا أمسى، صحيح الترغيب للألباني ج1 ص 417 رقم "616". (2) البخاري رقم "1142" أبواب التهجد، ومسلم رقم "776" صلاة المسافرين وقصرها.