عندما نتحدث عن أهل السنة والظلم الواقع عليهم في العراق وفي مناطق أخرى من العالم العربي أو الإسلامي عندما نتحدث عن ذلك ينبري لنا فريقان من الناس: فريق لا يريد الحديث عن الإسلام أصلاً، أهل السنة أم غير أهل السنة، فالحديث عنده عن المصالح الأمريكية والمصالح الإقليمية والاعتراف بالواقع المظلم، وأفضلهم من يتكلم من زاوية العروبة وما يضادها من الشعوبية الصفوية.
والفريق الثاني من البسطاء المخدوعين، أو قل من الذين لم يرسخوا في فقه السياسة أو فقه الدين، ويريدون أن يظهروا بمظهر النأي عن (المذهبية) بزعمهم، وأنه يجب ألا ننجر إلى هذه المصطلحات...
وإلى الفريق الثاني نقول: نعم أهل السنة هم الأكثرية وليسوا طائفة من الطوائف، وهم يحملون دائماً هَمَّ الإسلام وهَمّ الأوطان، وهُم أوسع صدراً وأكثر عدلاً وإنصافاً، ولكن أليس من الإنصاف أيضاً ومن السياسة الشرعية أن يقارع الحديد بالحديد، وأن تقابل الشدة بالشدة، حتى إذا تبينت السبل ووضحت الأمور واستبان للناس الحق، رجعنا إلى الوسطية.
لقد لعبت شياطين الإنس والجن بعقول بعض الطوائف فعتت وتمردت وأظهرت الحقد والشعوبية، ووصل الأمر إلى الذبح على الهوية وأصبح المسلم لا يستطيع أن يصرح باسمه (خاصة إذا كان اسمه عمر)، فهل حرام علينا أن ندعو أهل السنة إلى الدفاع عن أنفسهم وإلى التكتل لمجابهة هذه الأخطار، وهل حرام علينا أن نتكلم باسم السنة صراحة وجهراً، أم هذا حلال على غيرنا؟!
أليس من الظلم أنه كلما تكلم مسلم يستنكر ما يُفعل بأهل السنة في العراق وإيران وغيرهما قالوا: أنت طائفي، وهم كما قال المثل: (رمتني بدائها وانسلت) وفعلهم هذا أليس شبيهاً بالتهمة التي تلصق بكل من ينتقد الصهيونية أو تصرف يهودي ما، وفي أي مكان في العالم بأنه (لا سامي).
لقد فسّر بعض العلماء تشدد بعض الصالحين في الزهد والبعد عن الدنيا بأنه مقابل لإغراق الناس في محبة الدنيا وزخارفها، ولعل هذا مما يؤدي إلى الرجوع إلى الوسطية، ويفسرون كلام المسيح _ عليه السلام _ بالبعد عن الدنيا بأنه لإصلاح قسوة قلوب بني إسرائيل وحبهم للدنيا.
فليسمح لنا أصحاب (التهذيب) والتنطع في (الاعتدال) أن نرفع شعار (أهل السنة).