الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
إنه لا يخفى ما تمر به بلدان المسلمين من تغيرات خطيرة وسريعة وذلك ضمن مخطط إفسادي كبير على العقيدة، والشريعة، والأخلاق، والمرأة، والاقتصاد ظهرت بعض أثاره اليوم على حياة الناس في بيوتهم، ومدارسهم، ومجتمعاتهم، وأموالهم، وأخلاقهم وبعضها في الطريق إلى التنفيذ.
ومشاركة مع إخواني الدعاة الذين أقلقهم هذا الخطر وراحوا يبحثون عن كل ما من شأنه مدافعة هذا الخطر وصده عن المسلمين أكتب هذه الخواطر السريعة التي كانت محل تفكير وحوار والتي أحسبها تسهم في إيجاد مشروع تحصيني وقائي لأسرنا ومجتمعاتنا أمام هذا الخطر الداهم أسأل الله _عز وجل_ أن يلهمنا صحة الفهم وحسن القصد: فأقول وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.
يقول الله _تبارك وتعالى_: "وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ " (سورة البقرة: 251)، ويقول _عز وجل_: "فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ" (سورة هود: 116)، ويقول _سبحانه_: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (سورة آل عمران: 104).
ويقول الرسول _صلى الله عليه وسلم_: " لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليعمنكم الله بعقاب".
و إنفاذاً لهذه التوجيهات الإلهية والنبوية يجب على أهل الغيرة والإصلاح أن ينفروا لمدافعة هذه المخططات الإفسادية وصدها عن المسلمين قدر المستطاع، وأرى أن تتم هذه المدافعة عبر جبهتين رئيستين.
الجبهة الأولى: جبهة الاحتساب:
والإنكار المباشر لمظاهر الفساد منذ بدايتها أو السماع بالتخطيط لها وذلك بمناصحة الأشخاص المنظرين أو المنفذين لها، والإنكار عليهم شفاها، ومكاتبة، ومخاطبة أهل الحل والعقد في البلد وإظهار الامتعاض، والإنكار وهذا أمر يجب أن ينفر له طائفة معينه وهم أهل العلم من المشائخ والقضاة وطلبة العلم والوجهاء. وذلك يتطلب تعاونا وتشاوراَ بين أهل العلم في كل مدينة وأن يكون هناك مجالس وتوزيع للأدوار والجهود. كما يتطلب جهات مساندة تهيئ لهم المعلومات والوثائق وحصر ما يجد من منكرات ومعلومات وترتيبها وتنظيمها، وأحسب أن هذه الجبهة قائمة الآن ولا تزال في مراحلها الأولى ولكنها _بحمد الله تعالى_ في تطور وتوسع.
الجبهة الثانية: جبهة التحصين والوقاية للمجتمع من الفساد:
وأحسب أنه لازال هناك تقصير شديد في هذه الجبهة مع أن الثمار المرجوة منها كثيرة جداً واستجابة الناس لها كبيرة والحمد لله ولا يعني هذا التقليل من جهود القائمين في الجبهة الأولى - حاشا لله- فهم تاج الرؤوس وأعمالهم لن تضيع عند الله _عز وجل_ إن شاء الله تعالى، وحسبهم أن يفوزوا بالإعذار عند الله _عز وجل_ وإبراء الذمة إذا حوسبت الذمم،مع ما تثمره جهودهم من مرا غمة أهل الفساد والتخفيف أو التأخير لبعض المنكرات، وإنما المقصود أن لا تنسى جبهة التحصين والوقاية التي قد تكون أكثر ثمرة وآثارا.
وبخاصة أن المتحركين من المصلحين في الجبهة الثانية يمتلكون وسائل كثيرة ومجالات متعددة في مخاطبة الناس وتحذيرهم وتحصينهم لا يملكها غيرهم. ولو وظفت التوظيف الصحيح وتضافر الغيورون والمصلحون في تنفيذها وتوزعت الأدوار فيها لكان لها نتائج باهرة تحبط على المفسدين أهدافهم وترد كيدهم في نحورهم.
وفي هذه الورقة بعض المقترحات في تفعيل دور هذه الجبهة وكيفية الاستفادة من الوسائل الكبيرة المتاحة في مخاطبة المجتمع وتوجيه الناس.
ومن نافلة القول أن نشبه سيل الفساد المسلط على مجتمعات المسلمين وتنوع الناس في مقاومته بسيل جارف ينتهي إلى تغريق أراضي وعمران ودور. وأصحابها يعلمون أنه سيخرب دورهم ومزارعهم وأموالهم فانقسموا إلى فرقتين.
الأولى: فرقة رأت أن لا خلاص من خطر هذا السيل إلا أن يهب الجميع في قطعه من منبعه وأصله فتعذر ذلك غاية التعذر، وأبت طبيعة السيل وقوته عليهم ذلك فكلما سدوه من موضع نبع من موضع آخر وأنشغل أهل القرية بشأن هذا الوادي عن الزراعات والعمارات وغرس الأشجار وتحصين البيوت، ويمكن أن يكون في عمل هذه الفرقة تخفيف لشدة السيل أو سد لبعض منابعه لكن لا يمنعه عن بيوت الناس وممتلكاتهم.
الثانية: رأت أن صرف الجهود كلها في عمل الفرقة الأولى قد أضاع عليهم كثير من المصالح ولم يستطيعوا منع السيل فاتجهوا إلى بيوتهم في تقويم أساسها وقواعدها ورفع أسوارها عن مجرى السيل كما اتجهوا إلى صرف سيل الوادي عن مجراه المنتهي إلى البيوت والعمران وذلك بتحذير الناس من شره القادم وبتوجيه الناس إلى أن يحصنوا بيوتهم من هذا السيل ويتضافر الجمع على صرفه عن بيوتهم وعمرانهم إلى الرمال المحيطة بهم أو السبخات أو الحفر التي يجد السيل فيها مصرفا له يضيع فيه ويتفرق.
والمقصود من إيراد هذا المثال التأكيد على أهمية العمل في جبهة التحصين والوقاية للناس والمجتمعات من سبل الفساد الموجهة إليهم وأن يعطى حقه من الاهتمام مع بذل الجهد من أهل العلم في الجبهة الأولى وذلك بالاحتساب على المفسدين ولو للتخفيف أو التأخير وأهم من ذلك إبراء الذمة والإعذار إلى الله _عز وجل_، والمقصود توزيع الأدوار وأن لا ينشغل الدعاة بجبهة عن جبهة.
وأسوق فيما يلي ما يحضرني من الوسائل القوية التي يملكها المصلحون من الدعاة وطلبة العلم ولا يملكها غيرهم من المفسدين. وكيف يمكن تفعيلها وتنشيطها وتوظيفها.
الوسيلة الأولى: المنابر الدعوية:
ويقصد بها تلك المنابر التي يخاطب فيها فئام من الناس على مختلف شرائحهم ويحصل من خلالها تحذير الناس ووعظهم وبيان خطر المنكرات على الفرد والبيت والمجتمع وبيان ذلك بالفتاوى الشرعية المستندة إلى الأدلة الشرعية.
ويدخل تحت مسمى المنابر الإعلامية ما يلي:
أ- خطبة الجمعة:
حيث أثرها العظيم على الناس ومما تتميز به دقة الإنصات من السامعين وتركيزهم على ما يقال فيها وهذه المنابر نعمة من نعم الله _عز وجل_ على المسلمين ووسيلة عظيمة الفائدة يمتلكها الدعاة إلى الله _عز وجل_ ولا يملكها المفسدون. وأقترح لتفعيل دور الخطبة واستثمارها في إصلاح الناس وتبغيض الفساد والمنكرات لهم النقاط التالية:
أولاً: إيجاد رابطة مستمرة بين الخطباء في كل حي تجتمع في كل أسبوع، وذلك للتنسيق وتبادل الخبرات وتبادل الخطب وتحديد المواضيع المهمة للخطبة وترتيب الأولويات في ذلك. كما يقترح رابطة أوسع للخطباء على مستوى المدينة وذلك في كل شهر مرة وذلك لتوسيع دائرة التشاور وتنسيق الجهود.
ثانياً: يتفرغ أناس لجمع الخطب الجيدة القديم منها والجديد والتي يحتاج إليها المجتمع وطبعها وجعلها في متناول الخطباء ليرجعوا إليها في كتابة الخطبة.
ثالثاً: يتفرغ أناس لجمع الفتاوى القديمة والجديدة للعلماء والتي يبين فيها أهل العلم الحكم في المنكرات القديمة والجديدة التي تعشعش بين المسلمين أو هي في بدايتها وذلك لرفضها من الناس ومقاطعتها وتزويد الخطباء بها لقراءتها على الناس.
رابعاً: التعاون مع القائمين على إذاعة القرآن بالاقتراح عليهم تسجيل بعض الخطب المهمة التي يتفق عليها سلفاً لتذاع على الناس وتكرر عليهم.
خامساً: طبع الخطب الجيدة والمهمة في رسائل صغيرة وتوزيعها مجاناً أو بيعها بسعر رمزي.
سادساَ: الحرص من محلات التسجيلات على تسجيل الخطب المهمة ونشرها بين الناس وأن يصاحب ذلك تغطية من الدعاية الجيدة والتسويق القوي.
سابعاَ: يفعل دور أئمة المساجد وحلقات التحفيظ في توزيع أشرطة الخطباء الجيدة على بيوت الحي.
ب- الدروس والمحاضرات والجولات الوعظية:
وهذه من الوسائل المهمة التي لو رتبت مواضيعها وأماكنها وأوقاتها لظهر لها وقع عظيم في تحصين الناس ووقايتهم من الفساد، وهي _والحمد لله_ كثيرة ومنتشرة، ولكن تحتاج إلى تفعيل وتنشيط وتنظيم لكي يكون أثرها أكبر مما هي عليه الآن، ومن الوسائل المقترحة لتفعيلها ما يلي:
أولاً: اختيار المواضع المهمة للمحاضرات والدروس أو توظيف الدروس في مخاطبة الناس ووعظهم وتحذيرهم من المنكرات سواء كان ذلك عندما يأتي مناسبة في الدرس أو تخصيص آخر الوقت في الدروس للحديث عن المنكرات والتحذير منها أو تعد أسئلة مهمة تطرح على الشيخ ليجيب عليها في نهاية الدرس ويركز على مظاهر الفساد والموقف منها.
ثانياً: تحريك بعض طلبة العلم المؤثرين بما عندهم من العلم والديانة والبلاغة في أن يشاركوا وينفروا وأن يعيدوا النظر في سلبيتهم بحجة الورع البارد.
ثالثاً: التنسيق مع إذاعات القرآن والقنوات الإسلامية بنقل الدروس والمحاضرات المهمة في إذاعة القرآن.
رابعاً: مساعدة المحاضر في جمع المادة العلمية والفتاوى المهمة التي يستخدمها في إقناع الناس برفض الفساد وتحريمه ومقاطعته.
خامساً: قيام محلات التسجيل بتسجيل مثل هذه الدروس والمحاضرات المهمة والدعاية له وتسويقها بين الناس.
سادساً: نشر هذه المحاضرات في بيوت الحي عن طريق مساجد الحي وحلقات التحفيظ ودعمهم مادياً.
سابعاً: يحسن أن يكون هناك رابط أسبوعي أو شهري بين طلبة العلم الذين يقومون بالدروس والمحاضرات للتنسيق بينهم والتشاور في المواضيع المطروحة.
ج- الاستفادة من إذاعات القرآن والقنوات الإسلامية:
وميزة هذه الوسائل الإعلامية أنها تخاطب الفئات الكبيرة من الناس لذا صارت من أهم الوسائل التي ينبغي أن يعتني بها الدعاة إلى الله _عز وجل_ واستثمارها في توجيه الناس وتحصينهم وتحذيرهم من الفساد الموجه لهم , ورد شبهات المفسدين ومن أوجه الاستفادة من هذه المنابر ما يلي:
1- ما يكون فيها من برامج الإفتاء , ويحسن أن توظف هذه البرامج في تحذير الناس من صور الفساد المسلطة عليهم وبيان الحكم الشرعي فيها والتركيز على هذا النوع من الفتاوى.
2- تقديم الدروس العلمية المبسطة التي توعي الناس بدينهم (في التفسير والعقيدة والفقه والآداب) وترفع عنهم اللبس والتضليل.
3- إجراء المقابلات والندوات والحوارات في القضايا التي تحذر المسلمين مما يراد بهم من الفساد والشر والرد على الشبهات وفضح أهلها.
4- ولتفعيل دور هذه المنابر يحث أهل القدرات الإعلامية من الدعاة للدخول فيها والتعاون مع القائمين عليها في تهيئة البرامج وتقديم المواد التي تحقق الأهداف.
5- نقل الخطب والدروس والدورات الشرعية التي تعقد في المساجد.
الوسيلة الثانية - إحياء اللقاءات الأسرية ودوريات الأحياء:
حيث ثبت بالتجربة عظيم فائدتها في تأليف القلوب والتعاون على الخير والتحذير من الفساد والمنكرات. ولو أن أهل الاستقامة في كل أسرة وكل حي -وهم كثير والحمد لله – كونوا هذه الروابط واللقاءات واستثمروها في وقاية الأسر والجيران نساءً ورجالاً من شر الفساد والمنكرات لكان لها الأثر العظيم. ومن الأعمال الخيرة التي تقوم به هذه الروابط واللقاءات ما يلي:
1- توزيع الأشرطة والكتيبات التي تنشر الفضيلة وتحارب الرذيلة.
2- توزيع الفتاوى التي تبين حرمة ما جد في حياة المسلمين من منكرات البيوت.
3- إقامة المسابقات الهادفة التي تنبه السامعين إلى أمور شرعيه قد يجهلونها أو يغفلون عنها.
4- استضافة بعض طلبة العلم المؤثرين ليتحدث عن بعض المنكرات وضرورة إنكارها وتحصين البيوت وتربية الأولاد والنشأة على حب الفضيلة وبغض الفساد والرذيلة.
5- العناية بشؤون المرأة وتوعيتها بأحكام الإسلام وتحذيرها من منكرات اللباس والزينة وما يراد لها من إخراجها واختلاطها بالرجال. ويمكن أن تنشأ روابط نسائيه في الأسرة تتولى المستقيمات في كل أسرة تحقيق هذه الأهداف بما سبق من الوسائل.
6- مراقبة الحي وما فيه من المنكرات والتعاون مع الهيئات لإزالتها.
الوسيلة الثالثة - أئمة المساجد:
لا يخفى دور إمام المسجد في نشاط المسجد ونشاط الحي الذي فيه المسجد وهذا ملموس من بعض ألأمه الناشطين. فلو أن إمام كل مسجد قام بدوره في جماعة الحي لكان في ذلك خير عظيم وسد منيع ومن أهم الأنشطة التي يقوم بها إمام المسجد ما يلي:
1- القراءة على جماعة المسجد في الكتب والفتاوى التي تحذر من الفساد والمنكرات في البيوت أو الأسواق وغيرها.
2- التعاون مع دورية الحي في دعم أنشطة المسجد وحلقات التحفيظ ومتابعة المنكرات في الحي.
3- استضافة طلاب العلم ليلقوا كلمات ومحاضرات وفتاوى تدعو الناس إلى الخير وتحصنهم من الفساد وتحذرهم منه.
4- متابعة المحاضرات والدروس في المساجد الأخرى وتبليغ جماعة المسجد بها مشافهة أو عن طريق الملصقات الإعلانية.
5- التعاون مع حلقات التحفيظ في توزيع الكتيبات والأشرطة على منازل أهل الحي.
6- تفقد الأشخاص الذين لا يصلون مع الجماعة ومناصحتهم بالتعاون مع دورية الحي.
7- إقناع طلاب العلم من جماعة المسجد على فتح دروس في المسجد سواء كانت لعوام المسلمين أو للطلاب الدارسين.
8- ولتفعيل دور الأمام في المسجد يحسن تكوين رابطة لأئمة المسجد في الأحياء المتقاربة والتشاور معهم وتبادل الخبرات في أنشطة المساجد.
9- الاستفادة من المشرفين على حلقات التحفيظ في تقديم الفتاوى واقتراح الرسائل المهمة التي تقرأ على جماعة المسجد.
الوسيلة الرابعة- حلقات التحفيظ ومكتبات المساجد:
لا يخفى دور هذه الحلقات المباركة في حفظ أبناء الحي بحفظهم لكتاب الله _عز وجل_ وتربيتهم وتحصينهم من الفساد. ومع ذلك يمكن أن يستفاد من هذه الحلقات ليظهر أثرها في أهل الحي وذلك بالوسائل التالية:
1- توزيع الأشرطة والكتيبات على بيوت الحي.
2- إعطاء طلاب التحفيظ بعض الأشرطة والفتاوى والكتب لأخذها إلى أهليهم مما من شأنه تحذير البيوت من المنكرات والفساد.
3- الاهتمام بأولياء أمور طلاب التحفيظ والاجتماع بهم في دوريه شهريه للعناية بأبنائهم والتناصح معهم في إصلاح البيوت وتطهيرها من الفساد.
الوسيلة الخامسة- مواقع شبكة المعلومات:
وقد ظهر أثر هذه المواقع في الآونة الأخيرة لما ظهرت المواقع الإسلامية للمشائخ والمؤسسات الإسلامية والمواقع التي تهتم بالمرأة والحسبة. لذا يجب الاهتمام بها وتفعيلها وتقديم المادة المناسبة التي فيها تحذير المسلمين مما يراد بهم من الفساد وتخصص بعض أهل العلم في تتبع شبهات المفسدين وشهواتهم والرد عليها.
الوسيلة السادسة- المعلمون في المدارس:
المعلم المسلم صاحب الرسالة لا ينظر إلى وظيفته بأنها مصدر للرزق فحسب وإنما هي من أهم المجالات التي يمكن تربية النشا فيها وتحصينهم من الفساد والمنكرات. كما يمكن التأثير من خلال التعليم على أسر الطلاب وبيوتهم بإيصال بعض الفتاوى والأشرطة عن طريق أبنائهم وكذلك يستفاد من مجالس الإباء في المناصحة مع أولياء الأمور في التخلص من المنكرات والفساد.
الوسيلة السابعة- الحسبة والاحتساب:
من خصائص هذه الأمة أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وكلما شاع الاحتساب وأنتشر قل الفساد وأندحر المفسدون سواء كان ذلك على يد مراكز الهيئات أو عن طريق المحتسبين لذا ينبغي للدعاة وطلاب العلم والمحاضرين أن يحثوا الناس على مختلف طبقاتهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلاَ فيما يخصه وحسب علمه وقدرته.
الوسيلة الثامنة- الكتاب والمؤلفون:
إن الإكثار من الكتب والرسائل والمطويات التي تحذر من الفساد وتكشف خطط المفسدين لتعتبر من أهم الوسائل التي توعي الأمة وتحذرهم من كيد المفسدين وتلبيسهم وتضليلهم وذلك بما يكون في هذه المؤلفات من بيان حكم الله _عز وجل_ في مظاهر الفساد الذي يروج له المفسدون , وكشف سيئاتهم التي يلبسون بها على الناس.
الوسيلة التاسعة- أماكن الانتظار العامة:
وذلك مثل الانتظار في عيادات الأطباء وصرف الدواء في الصيدليات الحكومية ومحلات الحلاقة ومكاتب العقار وما شابهها.
حيث من المفيد تزويد هذه الأماكن بمطويات ورسائل وفتاوى تناسب حاجة الناس وتحذيرهم وتحصينهم من سبل الفساد.
الوسيلة العاشرة- الدور النسائية لتحفيظ القرآن:
لم يعد خافياً أثر هذه الدور المباركة إن شاء الله في تحصين المرأة المسلمة من كيد أعدائها وتعليمها دينها وتحذيرها من مظاهر الفساد الموجه لها وللأسر المسلمة. والعناية بالمرأة المسلمة له أثر في نفسها كما أن له أثر كبير في إصلاح الأسر والبيوت حيث تنقل المرأة ما تسمع وترى وتقرأ في هذه الدور وما يوزع فيها من أشرطه وكتيبات وفتاوى إلى أسرتها وأولادها. لذا لزم الأمر العناية الشديدة بهذه الدور.
الوسيلة الحادية عشرة- رسائل الجوال:
لقد ظهر في الآونة الأخيرة أثر رسائل الجوال في نشر الخير والشر لذا ينبغي توظيفها من قبل المصلحين في نشر الفضيلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدلالة على الكتب والفتاوى والدروس المفيدة والتحذير من الفساد وتعرية أهله وتبيين المنكرات ودفع الناس لإنكارها.
تنبيهات مهمة:
الأول: لابد في الوسائل السابقة من عمل مرتب ومنظم ترتب فيه الأولويات وتوزع فيه الأدوار ويجند الآلاف المؤلفة من الصالحين في احيائه وتنفيذه بتوجيههم واستثمار طاقاتهم ولا يكتفي بالجهود الفردية.
الثاني: لا يقتصر في مخاطبة الناس ببيان الحكم الشرعي في المنكرات وتحذيرهم منها، بل ينبغي أن يتوجه الخطاب إلى القلوب وتقوية العبودية لله _عز وجل_ فيها والاستسلام لشرعه _سبحانه_ والإذعان والقبول له وتخويفهم من الله _عز وجل_ ومن عذابه وتقوية محبة الله _عز وجل_ وتعظيمه والخوف من يوم الحساب والوقوف بين يدي الله _تعالى_.
الثالث: العناية بالجانب التربوي في أوساط الدعاة وطلبة العلم وأهل الاستقامة من شباب الأمة وفتياتها والعناية بصحة الفهم والتصورات وحسن السلوك والأخلاق وان لا يكون العمل الاحتسابي والإعلامي سبباً في انشغلنا عن العمل التربوي.
الرابع: إعداد جيل إعلامي قوي يجمع بين العلم الشرعي والصمود على الثوابت الشرعية والبعد عن الضعف والانهزامية والاستجابة لأهواء الناس وبين الوعي الإعلامي والخبرة الإعلامية التي تخاطب الناس وتؤثر فيهم وتكسبهم.
أسال الله _عز وجل_ أن يبرم هذه الأمة أمر رشد يعز فيه وليه ويذل فيه عدوه ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر انه سميع الدعاء.
والحمد لله رب العالمين.