(1) لبنان في بؤرة الحدث
صيف ساخن آخر في لبنان، ويعود السؤال من المستفيد من تفجيرات الشمال ثم بقية المناطق، ومن الذي يحرك هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإذا كانوا منتمين للإسلام فكيف يساعدون النظام في سورية أو كيف يتلاعب بهم هذا النظام ويخربون بيوتهم بأيديهم، كيف يسخرهم لخدمة أغراضه وهو إزاحة الحكومة اللبنانية وبالتالي الهروب من المحكمة الدولية.
إن المستفيد من إضعاف الدولة في لبنان هو النظام السوري وحزب (حسن نصر الله)، يقول (نائب الرئيس السوري) فاروق الشرع: "إن فتح الإسلام لا تظهر إلا في بلد ضعيف منقسم على نفسه) وإذا كان ضعيفاً بنظر فاروق الشرع فيجب أن تفجر فيه الفتن حتى تذهب هيبة الدولة وحتى لا تتشكل المحكمة الدولية بعد كل ما حدث في الصيف الماضي والأحداث مستمرة حتى الآن بعد كل هذا يقول أحدهم: أليست المحكمة في صالح أمريكا، والحقيقة أن المحكمة إذا شكلت بعدل وإنصاف فهي لصالح القصاص من المجرمين وفي صالح المظلومين، أليس العدل قيمة مطلقة، و أليس في ديننا كره الظلم أنى كان وأنى يكون.
إن ما يحز في النفس أن يكون بعض أهل السنة وقوداً لمشروع صفوي، ويكررون غفلتهم وضيعتهم، فالدولة العبيدية قامت على أكتاف الجهلة من قبائل تسكن الشمال الأفريقي، وقد لاحظ هذه المأساة العالم الرباني ابن تيمية حين قال: إن الباطنية لا تقوم لهم دولة إلا بمساعدة أهل السنة، وهكذا اليهود يحتاجون دائماً إلى (حبل من الناس). (2) أمريكا وإيران
جاء في سورة الحشر تعقيباً على ما حل ببني النضير نتيجة سوء أعمالهم قوله تعالى: "فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ" (الحشر: من الآية2) وكأن الذي يعد هم أولوا الأبصار فقط. فيا ليت أهل السنة يعتبرون بما جرى في فلسطين حين تسلل اليهود إليها شيئاً فشيئاً، ثم كان ما كان. ولم يستطيعوا على هذا إلا بعد التآمر على السلطان عبد الحميد الذي رفض مشروعهم في فلسطين. كانت مؤامرة في غاية الإحكام وكان العرب في غاية السذاجة عندما قالوا إن هؤلاء اليهود عصابات سنرميهم في البحر، واليوم يتسلل الصفويون شيئاً فشيئاً إلى بلاد الشام بعد أن ساعدوا أمريكا على احتلال العراق.
هل هذا مبالغة أم أن الحقائق على الأرض تؤيد ما نقول فالحوزات والحسينيات في سورية موجودة بالأسماء والصور وتشيع بعض العائلات أو الأفراد في بعض المناطق أصبح معروفاً. إنها رياح سموم تجتاح المنطقة، رياح عاتية قادمة من الشرق، هل الغفلة سمة عند العرب؟ أم لبعدهم عن دهاليز ومكر السياسية وخفايا الباطنية لا ينتبهون للخطر قبل وقوعه. بعض الناس يرون أن إيران لها دور محدود وستلجمها أمريكا عن محاولات التمدد غرباً، ويؤكدون أن أمريكا ستضرب إيران، ولكن تمر الأيام والشهور ولم يقع هذا والغالب أنه لن يقع، لأسباب كثيرة منها: حرج موقف أمريكا في العراق، والمعارضة الداخلية من الديمقراطيين، وأوروبا لا تريد الحرب، يقول مؤلفا كتاب (أمريكا المختطفة): "إن طموحات إيران النووية لا تشكل أي تهديد وجودي بالنسبة لأمريكا وإذا كانت واشنطن قد استطاعت أن تتعايش مع روسيا نووية وصين نووية فإنها تستطيع أن تتعايش أيضاً مع إيران نووية"(1).
والغالب أن هذا الحشد العسكري الأمريكي في الخليج إنما هو للضغط على إيران لإبرام صفقات سرية وعلنية وفي مقابلة مع (تسخيري) قال: إن بوش أعقل من أن يضرب إيران، وفي مقابلة مع حميد آصفي قال: (أتوقع عدم حدوث حرب، الرئيس الأمريكي لم يؤكد الصدام العسكري مع إيران، ووجود القطع الحربية في الخليج هو استعراض قوة)، ويتابع آصفي بعبارات دبلوماسية تخفي الكثير عما وراءها (اليوم لا بد من الاستماع إلى آراء الآخرين وتقاسم المسؤوليات) ونضع خطاً تحت عبارة (وتقاسم المسؤوليات)، وعن سؤاله عن مصر قال: "مصر إحدى كبريات الدول الإسلامية، وهي تنتمي إلى الحضارة الإسلامية"(2). ولا أدري لماذا خص مصر بهذا الوصف (تنتمي إلى الحضارة الإسلامية) هل يقصد الدولة الفاطمية؟ ربما.
هناك مصالح مشتركة بين أمريكا وإيران، فالقوات الأمريكية في العراق تقوم بمهمات لتأمين موازين القوى الموالية لإيران. وقد بدأت المفاوضات المباشرة بين إيران وأمريكا حول العراق. هناك مخططات وخرائط مستقبلية وهناك تهجير وشراء أراضي بأسعار مرتفعة في لبنان وغيرها من قبل عملاء إيران، فهل يعي أبناء المنطقة ودول المنطقة خطورة ما يجري.
_______________
(1) جون مير شايمر: أمريكا المختطفة واللوبي الإسرائيلي/ 148 ط العبيكان.
(2) السياسة 25/4/2007.