أنت هنا

(طاش) وركام الزندقة والحماقات
15 رمضان 1428

ـ فاق سفهاءُ (طاش) اليهودَ القائلين في بروتوكولاتهم: (وقد عنينا عنايةً عظيمة بالحط من كرامة رجال الدين من الأمميين " غير اليهود " في أعين الناس، وبذلك نجحنا في الإضرار برسالتهم التي كان يمكن أن تكون عقبة كؤوداً في طريقنا...) برتوكولات حكماء صهيون ص 187.
فهؤلاء الحمقى لم يسخروا بالعلماء فحسب بل استخفوا بالقضاة والدعاة و الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ومعلمي الخير، ومظاهر الفضيلة والتدين.

قال الشاعر الشعبي:


من دون صهيون بذّتنا صهاينا تكفر بالإسلام وتركب كماينها

ـ والاستهزاء بالعلماء والصالحين صفة من صفات الكافرين والمجرمين، وخصلة من خصال المنافقين، كما جاء في غير آية من كتاب الله تعالى.
قال عز وجل: "زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [البقرة212 ]
وقال سبحانه: "إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ" [المطففين30,29]
وقال تعالى في شأن المنافقين: "وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ" [البقرة14]
وهذا الخُلُق المشين صار وصفاً لازماً لأفراخ المنافقين في (طاش) ومنذ سنين عديدة مع سبق الإصرار والعناد!

ـ والاستهزاء بالعلماء الشرعيين لكونهم علماء، وكذا الاستهزاء بأهل الصلاح والحسبة من أجل استقامتهم على الدين، وقيامهم بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
فهذا كفر، إذ الاستهزاء متوجه إلى الدين والسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - : (إن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها، أو بعمل يعمل به... ومن هذا الباب الاستهزاء بالعلم وبأهله وعدم احترامهم لأجله) قرة عيون الموحدين ص 217
وقد قال تعالى: "قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ" [التوبة65،66]
وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء: (سبّ الدين والاستهزاء بشيء من القرآن والسنة، والاستهزاء بالمتمسك بها، نظراً لما تمسك به كإعفاء اللحية وتحجب المسلمة، هذا كفر إذا صدر من مكلف، وينبغي أن يبيّن له أن هذا كفر، فإن أصر بعد العلم فهو كافر) فتاوى اللجنة الدائمة 1/56.

وقد ذكر الله عز وجل أن الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين سبب في دخول نار جهنم وعدم الخروج منها.
فعندما ينادي أهل النار قائلين: "رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ" [المؤمنون107]
يقول الله جواباً عن طلبهم:"قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ" [المؤمنون 108-110]

يقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله -:
" قوله في هذه الآية: "إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي" الآيتين يدل فيه لفظ "إنّ" المكسورة المشددة على أن من الأسباب التي أدخلتهم النار هو استهزاؤهم وسخريتهم من هذا الفريق المؤمن.." أضواء البيان 5/827.

وحمقى (طاش) قد أدمنوا على ذلك التمسخر والاستخفاف ومنذ أعوام، إلا أنهم ضاعفوا جرعة الإدمان في السنتين الأخيرتين.
فنسأل الله تعالى أن يريح البلاد والعباد من كل منافق زنديق.

- أفتى مشايخ اللجنة الدائمة للإفتاء فتوى محررة ومطولة بشأن هذا البرنامج، كما حذر المشايخ والدعاة من هذا السفه، لكن دون جدوى، فالإعلام لم يلتفت إلى التحذيرات والفتاوى، وليس من مصلحة البلد - حكومة ورعية – أن تهمل هذه الفتوى الصادرة من أعلى جهة فتيا، إذ لم تقم لها وزارة الإعلام وزناً طوال السنين السابقة، ولا داعي للاعتذار بأن (طاش) يقدم من قناة خارجيةmbc، فالجهات المعنية - إن أرادت - قادرة على إيقاف هذا السفه والطيش.

ـ هذا الطيش المتكرر يقتصر على محيط أهل السنة في هذه البلاد المباركة من علمائها وقضاتها ودعاتها ورجال الحسبة ونحوهم، لكن شيعة القطيف وإسماعيلية نجران ونحوهم في منأى عن سخرية أولئك " السوقية ".
وموجب السخرية والاستخفاف بالأكثرية، والذعر والصمت مع الأقلية هو بإيجاز: من أمن العقوبة أساء الأدب!

ـ الفجور في الخصومة وصف لازم لهذا السفه، فعندما تهكموا بالإرهاب والتفجير - سنة 1427هـ - أقحموا معه المراكز الصيفية والاحتساب على منكرات الإعلام!
وهذا خُلُق المنافقين قديما ًوحديثاً { إذا خاصم فجر }، ودعوى الإصلاح التي ينعق بها أولئك النوكى، إذ يسخرون ويلمزون بدعوى أنهم من المصلحين! هذه دعوى أسلافهم "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ" [البقرة12,11]

ـ وفي رمضان هذا العام (1428هـ) وفي ظل الانفلات المتكرر والإصرار المتعمد من هذا البرنامج التعيس، لا يزال التمسخر بالدين وأهله والحنق على مظاهر الخير والاستقامة هو الباعث المحرّك لهؤلاء المعتوهين.
ومن هذه الحلقات: الشغب على القنوات الإسلامية، فلما بدا هُزال هؤلاء المفلسين وانكشف عوارهم في قنوات المستنقعات، عندئذ تهكموا بالقنوات الإسلامية والتي عمّ نفعها، وظهر أثرها، واكتسحت قنوات الفجور والمجون، ورموها باللعب بمشاعر الناس أكل المال! " رمتني بدائها وانسلت " " وكل إناء بالذي فيه ينضح "
وفي ثنايا هذه الحلقة الباهتة سخرية فجة بالتائبين والعائدين إلى الله عز وجل، وطعن مكشوف في صدق توبتهم ورجوعهم إلى الله سبحانه.

إن الله تعالى، يفرح بتوبة العبد، أما أصحاب (الطيش) فهم في غمّ وحزن من ذلك، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين، والمذكور آنفاً يتفطّر قلبه غيظاً وغضباً لحال التائبين وما هم عليه من طهر ونقاء، قل موتوا بغيظكم.

ويتكرر التمسخر بالدين وأهله في حلقة أخرى، فيوصف المتدينون بالجهل والسذاجة والقذارة، ويعمل هذا البرنامج السخيف إلى التسوية بين جواز البرقية – في بادئ الأمر – وبين انفلات المرأة وإسقاط قوامة الرجل، فالبرقية جائزة فكذا انفلات المرأة وخروجها وهي تقود سيارتها إلى دار السينما!! فهذا قياس من أعمى الله بصائرهم وطمس على قلوبهم، فسووا بين المتفرقات وفرّقوا بين المتماثلات.
ويلوح في ثنايا هذه الحلقة الترغيب في (الدياثة) والتهكم بالغيرة على الأعراض والحرمات!

وثالثة الأثافي في حلقة عن قضاة هذه البلاد، إذ طالهم التمسخر والهزؤ، إذ الكاميرا تعرض مراراً مبنى المحكمة العامة بالرياض، ثم تعرض مشاهد متنوعة من أحوال القضاة وأحكامهم فالقضاة – حسب عقول أهل (الطيش) – لا يحسنون التعامل مع الخصوم، وأحكامهم مجرد تخرص، فهي تصدر جِزافاً دون علم واجتهاد، ومن تلك الأحكام التي لا تخلو من عجائب وغرائب، غسل السيارات وتنظيف دورات المياه!!

وفي مشهد آخر يبرز هذا البرنامج السمج حال شاب تارك للصلاة، ويجاهر بذلك الإصرار، ويستخف بشعائر الله تعالى.
هذه الحلقة تزيّن للمشاهد أن القضاة أرباب صَلَف في التعامل مع الخصوم، ولا يجيدون إقناع الآخرين، وهم أصحاب تخرص وأحكام قاسية في حق الضعفة وأصحاب القضايا اليسيرة، وأما " الملأ " أرباب الجرائم الكبيرة فهم في عافية من أحكام القضاء.

وبالجملة فإن حمى هذا الطيش تتقصد التهكم المتكلَّف والسخرية الممجوجة، فالقضاة والمحتسبون والمتديّنون هم محل التندر والسخرية من قبل " الرويبضة " طاش، الذين إن وجدوا خيراً دفنوه، أو لحظوا تقصيراً أذاعوه وبالغوا فيه، فليس لهم مشروع إصلاحي، وليسوا أرباب رسالة أو رؤية نبيلة، فلا هم لهم إلا إشباع نفوسهم الموبوءة، وإرضاء صدورهم الموغرة، فأكبر همهم ومبلغ علمهم هو الإدمان على التهكم والتهريج، والولع بالسخرية بالصالحين.

ومع هذا كله فهذا الحمق المتكرر والتمسخر المتتابع في (طاش) يبعث تفاؤلاً واستبشاراً، بأن انتشار التدين الصحيح، وكونه صار غالباً ومشاهداً، وظهور الأثرُ الفاعل للعلماء والقضاة والدعاة والمحتسبين.. كل ذلك أوجع من في قلوبهم مرض، فنعقوا بالاستخفاف والتمسخر وعلى قدر الألم يكون الصراخ.
وأصحاب الرسالات العظيمة يستحيل أن يخلو طريقهم من هؤلاء الناقمين، قال تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً" ]الفرقان31[

والواجب ألّا نعد هذا السفه عقبة كؤوداً في هذه الحياة الدنيا، إذ هي متسعة لنذالة الشانئين، وسخرية المجرمين، وإن أمكن الأخذ على أيدي سفهاء طاش فالحمد لله، وإلا "فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ" (الروم60)، فإن الله يمهل ولا يهمل، والعقوبة بالمرصاد، والله حسبنا ونعم الوكيل.