تمزّق العمل الإسلامي 2/2
5 رجب 1424

<font color="#0000FF" size="4">4ـ مراجعة المسيرة والوقفة الإيمانية </font><BR> إنها واجب كل مسلم وكل حركة إِسلامية ، أن تراجع المسيرة في وقفة إِيمانية، والمراجعة والتقويم يجب أن يكون دورياً على صورة منهجيّة تخضع لخطوات محدّدة .<BR>ولكننا اليوم نحتاج إلى مراجعة شاملة ووقفة إِيمانيّة واعية ، فمن ظنّ أنه ليس بحاجة إلى هذه الوقفة الإيمانية فقد وقع في الخطأ الأول، فالأخطاء كثيرة_ كما ذكرنا في أول الكلمة_ وما يمنع هذه الوقفة إلا الغرور والكبر والإعجاب بالذات والعصبيات الجاهلية .<BR> إن ما أصاب المسلمين في القرنين الأخيرين مآسٍ مذهلة وفواجع وهوان وإذلال، وهم حملة رسالة ربانيّة رسالة الإسلام؛ ليبلّغوها إِلى الناس كافّة كما أُنزلت على محمد _صلى الله عليه وسلم_ .<BR> ألا يستحقّ هذا الدين العظيم وهذه الفواجع والمآسي وقفة إيمانيّة ، وقفة مصارحة تطوى فيها المجاملات وتكشف الحقائق ، وتحدَّد فيها الأخطاء والعلل والأمراض ، ويتعاون الجميع على معالجة الأمراض ؟!<BR> الخلل ممتد في واقع المسلمين، وهو السبب الرئيس في هزائمنا . إن ما أصابنا هو بقدر الله وقضائه وحكمته ، وقضاؤه حق وقدره غالب وحكمته بالغة ، والله لا يظلم أحداً ولا يظلم شيئاً، لقد ظلمنا أنفسنا !<BR> "إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكنّ الناس أنفسهم يظلمون" [ يونس : 44]<BR> وربما يقول بعضهم: إن الأخطاء بسيطة ، والخلافات سنة الله ، ثم يطوون ذلك بالمجاملات والمسكنات لتخفيف الآلام والأوجاع ، والخلل يبقى والأمراض تبقى ، ولا يجدي التخدير في العلاج .<BR> إِن الخطر المحدق بنا عظيم ، والهجمة على المسلمين واسعة ممتدة ، وإن بقاء الخلل والعلل يعرّضنا لأخطار أشد وهزائم أبعد وهوان أقسى .<BR> إِن مـن أول واجباتنا في الوقفة الإِيمانيّة تحديد أخطائنا في دراسات منهجيّة، وحين تقوم مثل هذه الدراسات سنجد أن الخلل واسع والأخطاء كبيرة، ولا ينفع فيها أن يهاجم فريقٌ فريقاً آخر ، وينقده ويتهمه، ثمّ ينبري الفريق الآخر ليكيل الصاع صاعين ، فيمضي الزمن والخلافات تتسع والتمزّق يزداد .<BR>ولا يمكن أن يتمّ التغيير في أنفسنا إلا إذا تولّدت القناعة الذاتيّة بضرورة التغيير ، حين تنكشف الأخطاء ، ونتبيّن هول الأخطار ، ونستشعر صدق الخشية من الله وعقابه وعذابه . <BR>ومن لم يشعر بذلك ، ولم يدرك أخطاءه ، ولم يتبيّن حقيقة الخطر ، ولم تهزّه الخشية من الله ، فلن يشعر بضرورة التغيير، والأمر كله بيد الله ، يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء .<BR>لا بد أن نقتنع بأن ما أصابنـا من هزائم وفواجع وهوان هو بما كسبت أيدينا، وأن الواقع لا يتغير إلا إذا غيّرنا ما بأنفسنا ، فذلك أمر الله وحكمته :<BR> "... إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ..." [ الرعد : 11]<BR>إنّ هذا التغيير يقتضي ، مع القناعة بضرورته مجاهدة النفس، فهي أول الجهاد ، والنفس أول الميادين ، فمن انتصر في هذا الميدان يمكنه أن يخوض ميداناً آخر :<BR>فعن فضالة بن عبيد _رضي الله عنه_ عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قال : " المجاهد من جاهد نفسه في الله " [ رواه الترمذي وابن حبان ] (1)<BR>إِذا لم نجاهد كُلّنا أنفسنا ، ولم نغيّر ما بها ، ولم نغسل قلوبنا ، فكيف يمكن أن يُغيَّرَ واقعنا ، وأن يُبَدَّل حالنا ، والأمراض هي الأمراض والعلل هي العلل !<BR>وإذا غيّرنا ما بأنفسنا ، فإن أول ما يتغيّر تبعاً لذلك نهج التفكير، وإن بعض المسلمين اليوم تحت شعار الإسلام يفكرون تفكيراً علمانيّاً مادِّياً معزولاً عن إشراقة الإيمان والخشية من الله والإقبال على الدار الآخرة . للإيمان والتوحيد نهجه المتميز للتفكير ، وللعلمانيّة والماديّة نهج آخر للتفكير مختلف عن النهج الإيماني : (2)<BR><BR><DIV align=center> <TABLE width=450 align=center border=0 cellPadding=0 cellSpacing=0> <TBODY><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">نهجان قد ميَّز الرحمـن بينهما</SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">نهجُ الضلال ونهجُ الحقِّ والرشد</SPAN> </TD> </TR><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">لا يجمع الله نهج المؤمنين على</SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">نهج الفساد ولا صدقاً على فنـد</SPAN> </TD> </TR></TBODY> </TABLE> </DIV><BR>والنهج الإِيماني للتفكير يحتاج إِلى تربية وبناء ، وتدريب وإعداد ، يحافَظُ فيه أولاً على سلامة الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ثم يُغذَّى ذلك بالغذاء المنهجي الحق، فالمحافظة على سلامة الفطرة هي الحق الأول للإنسان ، الحق الذي أغفلته لجان حقوق الإنسان ، ومحافلها وساحاتها .<BR> حَسْبُناً من الأمراض هذا التمزّق الذي نعيشه، تمزّقنا أقطاراً ودياراً ، وشيعاً وأحزاباً ، ومصالح وأهواء، حسبنا هذا الخلل ـ خلل التمزّق والفرقة ـ ، فإنه يضعفنا ويوهن من قوانا ، ويفتح منافذ وأبواباً للأعداء والمنافقين ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أُخرى ، فإِنه يُسبِّب غضَبَ الله علينا ، خاصة بعد أن لم تُفلح النذر والمواعظ في إيقاظنا .<BR> كيف لا نكون قد أغضبنا الله في تفرُّقنا وصراعنا ونحن نرتكب بذلك مخالفة كبيرة لأمر الله ، إننا نعصيه في تفرّقنا وصراعنا وعدم التقائنا على صراطه المستقيم ، والله _سبحانه وتعالى_ يقول :<BR>"ولا تكونوا كالذين تفرَّقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم" [ آل عمران : 150 ]<BR> كيف لا نكون قد أغضبنا الله _سبحانه وتعالى_ وهو القائل في كتابه العزيز :<BR>"وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتّبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" [ الأنعام : 153 ]<BR> لقد جعل الله برحمته صراطه مستقيماً حتى لا يَضلَّ عنه أحد ، وجعله واحداً حتى لا يُخْتَلَفَ عليه ، ثمّ بيّنه وفصّله تفصيلاً حتى لا يبقى لأحد عذر في عدم اتباعه .<BR>هذا خلل كبير في واقع المسلمين لا يمكن علاجه بالمسكنات والمجاملات، ولا بدَّ من علاجه؛ لأن بقاءه يعني بقاء الهزائم والفواجع ، والمذلة والهوان ، وبقاء الخطر علينا جميعاً .<BR>ولا يمكن علاجه بلقاءات إِداريّة تحمل ضعفنا وخللنا وأمراضنا . يجب أن نلتقي صفّاً واحداً كما يحبّه الله ويرضاه ، وعسى أن يُرْفَع البلاء عنا، ولكن كيف يكون ذلك؟<BR>لا يمكن أن يتم علاج إلا إذا تمّ تغيير حقيقي في أمرين أساسيين، هما :<BR> أولاً : تغيير ما بأنفسنا كما أمر الله .<BR> ثانياً : تغيير طريقة تفكيرنا إلى النهج الإيماني للتفكير،<BR>وإِذا تم هذا التغيير ، فإن أموراً أخرى ستتغيّر بصورة تلقائية، ستتغيَّر وسائلنا ، وأساليبنا ، ومناهجنا ، وعلاقاتنا فيما بيننا ومع الآخرين، سيكون هناك تغيير واسع يوجهه الإِيمان والتوحيد ، والكتاب والسنّة بعد أن أُلْجِمَت الأهواء !<BR><font color="#0000FF" size="4">5ـ على طريق التغيير والعلاج </font> <BR><BR> لو أردنـا أن نعدِّد عيوبنا وأخطاءنا نحن المسلمين ، خطأً خطأً ، وخللاً خللاً ، لكانت القائمة طويلة ، تجعلنا نحار من أين نبدأ العلاج وأيّ درب نسلك ! ولكننا نستطيع أن نجمع مظاهر الخلل كلها في واقعنا الإسلامي في أربع وحدات كبرى ، ترتبط بها سائر أنواع الخلل ، كل خلل يرتبط بواحدة أو أكثر من هذه الوحدات الأربع ، وبها يبتدئ العـلاج ، ومنها يمكن أن تنطلق خُطّة العلاج ونهجه ، وتحديد الخطوات والمراحل .<BR> ونعرض هذه الوحدات الكبرى كما يلي :<BR> أولاً : الخلل في التصور لقضية الإيمان والتوحيد والبذل لها .<BR> ثانياً : هجر منهاج الله ـ قرآناً وسنة ولغة عربية ـ .<BR> ثالثاً : جهل الواقع وعدم فهمه من خلال منهاج الله .<BR> رابعاً : الخلل الناتج عن الوحدات الثلاث الأولى لينكشف في الممارسة الإيمانية .<BR>وإِن أخطر قضيّة بين هذه القضايا الأربع على أهميتها كلها وتماسكها ، هي قضيّة الإيمان والتوحيد، والخلل فيها هو الخلل المهم ، الخلل الذي يولّد خللاً بعد خلل، ولا نقصد بالخلل في قضيّة الإيمان والتوحيد خللَ التفكير فحسب ، ولكنه خلل في الممارسة والتطبيق ، في اللفظة والكلمة ، في النيّة في أعماق النفس ، في الموقف ، في السعي والعمل . إنه خلل ينكشف في ضعف وتخاذل ، وانحراف مسيء ، واضطراب الرؤية والتحليل ، واضطراب الخطا، واضطراب الفهم لبعض القضايا .<BR>وهي تمثّل الحقيقة الكبرى في الكون والحياة ، والقضيّة الأخطر في حياة كل إِنسان ، والهدف الربانيّ الأول في الدعوة والبلاغ .<BR>فلابد أن تكون أول قضية نعالجها في نفوسنا ، وفي نفوس من ندعوهم ، حتى يتحقّق الولاء الأول لله ، والعهد الأول مع الله ، والحب الأكبر لله ورسوله ، وحتى تحقق سائر خصائص الإيمان والتوحيد كما يفصلها منهاج الله . وهي مسؤولية تمتدّ في جميع المراحل والخطوات ، لا تتوقف وإنما تمضي معالجة ونصحاً وتذكيراً مع سائر القضايا .<BR>لذلك لا بد من نهج يتدرّب عليه الداعية في مدرسة الإسلام ، نهج يضمّ الخصائص السابقة كلها ، ويمهّد الطريق للداعية ويعينه في مهمته؛ لتظلّ هي القضيّة الأُولى والأخطر في حياته ، ولتبنى أخوة الإيمان بناءً صادقاً مع التعهّد والتدريب .<BR>والقضيّة التي تليها وترتبط بها ولا تنفصل عنها هي قضية هجر منهاج الله بين المسلمين ، أو التعامل معه بطريقة غير منهجيّة ، أو تلاوته دون تدبّر .<BR>والإيمان والتوحيد يدعو إلى تدبّر منهاج الله ، ومنهاج الله يدعو إلى صفاء الإيمان والتوحيد ويظل التأثير بينهما متبادلاً لا يتوقف ، ويظلان يعملان معاً في مسيرة المعالجة والتربية والبناء ، والإعداد والتدريب .<BR>منهاج الله ـ قرآناً وسنّةً ولغة عربيّة ـ يكاد يكون غائباً عن الملايين من المنتسِبين إلى الإسلام، فاللغة العربية يجهلها أبناؤها ، ويتنكّر لها بعض أبنائها، وقد ترى اللغة السائدة بين بعض المسلمين المقيمين في الغرب لغة البلد التي يقيمون فيها حتى في بيوتهم، وفي العالم الإسلامي أقطار كثيرة تخلت عن اللغة العربيّة ، وفي العالم العربي تجد من يتكلم الفرنسية أو الإنكليزية في تعامله اليومي . ونجد بعض الأطباء في المستشفيات يتحدّثون الإنكليزية أو الفرنسية أو غيرهما في تعاملهم فيما بينهم، ولقد سيطرت العامية على قطاع كبير .<BR>نسبة الجاهلين بالكتاب والسنّة بين المتعلمين نسبة عالية، ومن يتلون كتاب الله، فكثير منهم لا يتلونه تلاوة منهجيّة ، ولا يتدبّرونه تدبّراً منهجيّاً ، ولا يقرنون ذلك بدراسة السنّة دراسة منهجيّة ، ولا بدراسة اللغة العربيّة دراسة منهجيّة، مع أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ جعل طلب العلم ، أوله وأساسه منهاج الله ، فرضاً على كل مسلم :<BR>فعن أنس وآخرين عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ " طلب العلم فريضة على كل مسلم " [ أخرجه الطبراني وغيره ] (3)<BR>وربما جهلت الملايين من المسلمين هذه القاعدة الرئيسة ، وهذا الحديث الصحيح المتواتر ، وجهلوا بذلك خطورته وأهميته في بناء التربية ومناهجها، لقد كان هذا الحديث الشريف قاعدة أساسية في مدرسة النبوة، وغاب عن بال كثير من المسلمين أن طلب العلم لا يكون إلا منهجيّاً وجهداً منهجيّاً منظّماً في أي علم من العلوم ، ومنهاج الله أساس العلوم كلها، وهو أولى العلوم أن تكون دراسته منهجيّة ، وقد جعله الله برحمته ميسَّراً للذكر"ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر" [ القمر : 17،..]<BR>أعداد كبيرة من المسلمين الذين نالوا الشهادات العالية لا يعرفون حقيقة هذه القاعدة ولا منهجيّتها ولا مداومتها ، ولا ارتباط تعلُّم القرآن بتعلم السنة واللغة العربيّة ، وتركوا ذلك لطلبة كليات الشريعة !<BR>أين هذه القاعدة من الأجيال المسلمة خلال قرن من الزمان أو أكثر ؟! وكيف نرجو لقاء قلوب الملايين منهم وهي فارغة من آيات الله وأحاديث رسول الله_ صلى الله عليه وسلم_ ، وما يتلقَّونه من العلم مختلف ومضطرب ؟! ومن أقبل على ذلك فإنما يقبل من خلال بقيّة وقته المستنفذ وبقيّة جهـده المنهوك على غير خطة مدروسة ولا نهج مقرر،أو يقول بعضهم: لسنا مكلفين بذلك ، فهذا خاص بالشيوخ والعلماء! وربما يجدون من يُفتي لهم بذلك ، ومن يتعمّد إِخفاء جوهر التكاليـف الربانيّة المفصّلة في الكتاب والسنة ، وربما قالوا: إن القرآن صعب لا يفهمه إلا العلماء ! وينسى أن يسأل نفسه لم لا يكون هو من العلماء ، وقد فرض الله هذا العلم على كل مسلم ، ويسّره حتى لا يبقى عذر إلا لمتفلّت صرفه الشيطان إِلى التفلّت .<BR><BR><BR>ولقد كان من رحمة الله بعباده أن يسّر الذكر ، وجعل لتدبّر كتابه مفتاحين : صدق الإيمان ، وإِتقان اللغة العربية ، ثمّ يأخذ كُلُّ مُسلم قدر وسعه الصادق الذي سيحاسبهُ الله عليه، ويتفاوت الوسع، وتتفاوت المواهب والقدرات ، ولكن الجميع يأخذون أخذاً منهجيّاً صحبة عمر وحياة ، أخذاً لا يتوقف .<BR>وتُطْرَحُ قضايا يتصارع الناس حولها ، ويعلو الضجيج والصّراخ ، ويشتد الخلاف والتمزّق ، وما كان المسلمون بحاجـة لإثارتها ، ولا هي مما تصلح واقعهم ، ولا ترشد جهودهم . <BR>ويأتي بعد ذلك وعي الواقع من خلال منهاج الله ، لا من خلال الأهواء والمصالح وضغوط من هنا ومن هناك،لابد من وعي الواقع من خلال منهاج الله وردّ الأمور كلها إِليه، فهذا هو أمر الله .<BR>ولذلك كان من واجب مدرسة الدعوة الإسلامية أن تُدرِّبَ المسلم على فهم الواقع من خلال منهاج الله وردّ الأمور صغيرها وكبيرها إليه، فمع التعهّد والبناء والتدريب يصبح المسلم واعياً للواقع وعياً سليماً ، وعياً يترك أثره الظاهر في مسيرته وحياته ، وعلاقاته،<BR>ومن هذه القضايا الثلاث : الإيمان والتوحيد ، وتدبّر منهاج الله ، ووعي الواقع من خلاله ، تصدق الممارسة الإيمانيّة في الواقع أو تضطرب على قدر صدق القضايا الثلاث أو اضطرابها .<BR>وأول خطوة أقترحها هي توحيد الأسس الثابتة للتربية؛ لتقوم على الكتاب والسنة واللغة العربية ومدرسة النبوّة الخاتمة ، ولتكون منهجية ملزمة تحت إشراف إِداري وتوجيه، ثم تتوالى الخطوات المنهجية على صراط مستقيم بيّنه الله _سبحانه وتعالى_ وفصَّله ليجمع المؤمنين المتقين .<BR>ونجمع هذه القضايا الأربع وما سبق من رأي ونظر فيما نسميه :<BR>" النظرية العامة للدعوة الإسلامية "<BR>ولينطلق النهج كله بعد ذلك في دراسات منهجيّة مفصّلة لكل جزء من هذا النهج ، ودراسات موجـزة أيضاً ، وتتحدّ من خلالها المناهج والنماذج والوسائل والأساليب .<BR>وعندما تتكاتف الجهود في ذلك، فإن الجنى سيكون أطيب، والعطاء أغزر والأجر من عند الله أعظم إذا صدقـت القلوب وخشعت بين يدي الله ، تابت وأنابت ، وطرحت عن نفسها الكبر والغرور<BR> " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون"<BR> [ النور : 31 ]<BR><BR><BR><BR>-------------------------------------------<BR>الهوامش:-<BR>(1) صحيح الجامع الصغير وزيادته ( رقم 6679 ) .<BR>(2) د. عدنان النحوي : النهج الإيماني للتفكير .<BR>(3) صحيح الجامع الصغير وزيادته : ( رقم : 3913 ) .<BR><BR><br>