قضية لوكربي وقضية هؤلاء.!!
20 رجب 1424

قبل ما يزيد عن عام تناقلت وكالات الأنباء خبراً مفاده أن الصواريخ الذكية! للقوات الأمريكية، قامت بقصف حفل عرس في قرية بولاية أروزغان جنوبي أفغانستان، فقد ظن الأذكياء أن الأعيرة النارية التي يطلقها المحتفلون إعلاناً للعرس وابتهاجاً به ظنوها مضادات طائرات! وهذا كان مبرراً كافياً لتحويل عرس إلى مأتم. </br>وبعد موجة احتجاجات وتظاهرات أمام مبنى الأمم المتحدة، وبعد عرض الحادث عبر أجهزة الإعلام المختلفة، لم يستطع أحد أن يحجب مظاهر العدل الأمريكي والذي تبَدّى عبر وسائل الإعلام في وعودٍ بفتح تحقيقات، لم يكن موضوعها –بالطبع- هل ماحدث تم بفعل الأمريكان أم بفعل أجسام غريبة جاءت من الفضاء! ولكن كان مدار التحقيق عن الأسباب التي تبرر هذا الصنيع، وعن حجم الخسائر التي ترتبت عليه، ثم انتهت هذه التحقيقات بعد حوالي خمسة أيام بتبريرات سمجة، وإحصاءات كتلك التي تصدرها وزارة الدفاع في بيان عدد القتلى بالنيران (غير الصديقة). </br></br>فلم يملك فريق تقصى الحقائق الدولي إزاء هذه السماجة إلاّ أن يُصدر تقريره الأولى ذاكراً أن ثمَّة ادعاءات أميركية غير صحيحة بشأن عدد القتلى من المدنيين الذين سقطوا في الهجوم الأميركي، غير أن التقرير لم ينشر لضغوط أمريكية كما أشارت الإندبندت حينها. </br> والشاهد من إيراد هذا الحادث أنه تنامت الأنباء بتعويضات دفعت من قبل الأمريكان لضحايا الحادث تقدر بمليوني دولار، وقد جاء ما يشير إلي ذلك على لسان الناطق الرسمي باسم كرازاي، وعندها قام الأمريكان بنفي هذه الترهات، ثم ذكرت الأنباء أن الحكومة الأفغانية قامت بدفع مائتي دولار تعويضاً لأهالي الضحايا عن كل قتيل و وخمسة وسبعون دولاراً عن كل جريح! </br> </br> ولم نسمع بعد هذا الحادث عن تعويضات للمدنيين أو أهليهم، ولم نسمع حتى بمشروع استصدار قرار من مجلس الأمن للمطالبة بالتعويض والتهديد بفرض عقوبات! وقد انتهت الحملة الأمريكية على أفغانستان مخلفة وراءها آلاف القتلى (المدنيين) الذين أصبحوا اليوم في طي النسيان، وضرب كثير من المسلمين عنهم الذكر صفحاً للأمريكان.<BR>غير أن الإدارة الأمريكية لم يخجلها هذا الصفح والتسامح العربي الإسلامي، فقرروا زيادة عدد الضحايا بحجة تخليص الأمة من طاغية، وحتى لايذهب ذهن القارئ بعيداً فأنا أعني صداماً وليس سيئ الذكر شاروناً، خاصة وأنهم قد أعلنوا أهدافاً تناسب شن حرب على الأخير، فقد قتلت حكومته الألوف، كما أنه يمتلك أسلحة دمار شامل، وقد سبق له احتلال دولة صديقة بل ما زال محتلاً لها، ولكن مع ذلك أرادوا صداماً، وقالوا لأنه قتل آلاف العراقيين من أكراد ومعارضين خلال سنوات حكم مديدة تقارب خمسة وعشرين عاماً، فلابد من (تحرير) شعب العراق. </br> ولكن كان صنيع الإدارة الأمريكية لتحقيق هدفها في تخليص الأمة: </br> كفعل ذاك الدب .. مع خله المحب </br> والقصة معروفة.. </br> فلتنفيذ هذا الهدف (النبيل!) والذي لم تتحمله رغم نبله أداتهم الطيعة "الأمم المتحدة"، استعمل الأذكياء مرة أخرى صخورهم أو صواريخهم الذكية فقتلوا خلال أشهر الشعب الذي يريدون تحريره من بقي ممن لم يقتلهم الطاغية في سنوات عمره المديدة، فلئن قتلت إدارة صدام بضعة ألوف خلال خمسة وعشرين عاماً، فإن إدارة (بوش) قتلت أضعافهم في أيام معدودة، حتى أن بعض الدراسات ومنها تلك التي نشرتها صحيفة "فيليج فويس" الأمريكية مؤخراً في عدد يوم الأحد الموافق 31/8/2003 استناداً إلى دراسة ميدانية قام بها مئات الأفراد من "حزب الحرية العراقي" الجديد أوصلوا عدد القتلى العراقيين (المدنيين) منذ بداية الضربة الوقائية الأمريكية! حوالي 37 ألفا و137 قتيلاً.<BR>والسؤال الذي يطرح نفسه إزاء هذه الحوادث في العراق ومن قبلها أفغانستان ومِن بعدها مَن بعدها، هو: ماذا قدمت الإدارة الأمريكية للضحايا أو أسرهم؟ وما هو حجم التعويضات؟<BR>قد يقول قائل: للأسف لا شيء يذكر.<BR>ولعاقل أن يرد فيقول: ليتهم انصرفوا ولم يقدموا.. أو يأخذوا شيئاً! وليتك سألت: ماذا أخذ الأمريكان من الضحايا وأسرهم غير الأرواح؟ أو ماذا أبقوا؟<BR>لقد كنت أسمع بعض الفضلاء وهو يصور حال هؤلاء مع المسلمين بترداده قول القائل:<BR>قتل امرء في غابة جريمة لا تغتفر .. وقتل شعب مسلم مسألة فيها نظر!<BR>ولعل هذا قد كان آنفاً أما الآن فقد انتهى الفصل والنظر ولكن لم تعلن النتائج والتوصيات، بل دخلت حيز العمل والتنفيذ مباشرة، فبينما ترى جراح الضحايا في أفغانستان ماتزال تنزف، وبينما يقتل أهل العراق شيوخاً ونساءً وأطفالاً، ويأتي التعويض بسلب ثرواتهم نفطاً وغازاً وأرضاً وماءً، بينما يحدث كل هذا على رؤوس الأشهاد، يأتي الأمريكان ليأخذوا تعويضات عن قتلى انفجار طائرة عام 88م من الحكومة الليبية السخية! مع أن القضية مذ كانت محل جدل، وتعويضاتها الضخمة موضع نظر.<BR><BR>إنني لا ألوم الحكومة الأمريكية في حرصها على رعاياها واهتمامها بقضاياها، بل اللوم يوجه لمن جنى ثم حمل جنايته غيره، أو على الأقل أخطأ في التعامل مع القضية فحمل خطأه شعبه! ولكن مشكلتنا مع الإدارة الأمريكية هي ازدراؤها للشعوب العربية والإسلامية، فبينما تطالب بعشرة ملايين دولار تعويضاً لكل أسرة هالك لوكربي، تتبجح بنفي دفع تعويضات في أفغانستان، ولاتتورع عن استعمار أرض قتلت مقاتلتَها وأصابت من بقي من المدنيين فيها بجراح لاتندمل.<BR>إن من المهمات التي انبرى الغرب لتنفيذها في أفغانستان بعد تدميرها وقتل الألوف فيها، هو تشكيل وفد من جمعيات حقوق الحيوان، لزيارة حديقة الحيوان الكبرى بـ (كابول) وذلك للاطمئنان على أوضاع الحيوانات هناك، ووضع خطة تكفل رعايتها وحمايتها وتأمين ما يلزمها من الطعام والدواء وحسن المسكن، بينما لم نسمع عن وفد زار أقفاص (جونتناموا) للاطلاع على حقيقة أوضاع المسلمين الذين جلبوا من أصقاع مختلفة بغرض حمايتهم أو تأمين ما يلزمهم!<BR>وما نطالب به الإدارة الأمريكية في أفغانستان أو العراق قبل المتاجرة بمساواة حقوق المرأة والرجل –وكلها تساوي صفراً عندهم- أن يجعلوا لهم حقوقاً أو يرجعوا ما سلبوه منها، أو على الأقل أن يساووا حقوق الشعوب المسلمة عندهم بتلك الحيوانات التي كانت ترتع في حديقة (كابول)!<BR>ختاماً لئن رفع أقوام قضايا تلك الشعوب المستضعفة المكلومة إلى دول ومجالس فلم يستفد رافعوها شيئاً، فإننا على يقين من أن دماء الألوف من المستضعفين والمظلومين التي رفعت لخالقها لن تذهب عنده هدراً، فقد اتفقت الأمم والشرائع على أن الظلم مرتعه وخيم، وأن نصر الله للمظلوم آت ولو بعد حين، ولهذا فإن قتل المدنيين وترويع الآمنين وجراحات المسلمين لن تذهب هدراً عند رب العالمين، ولكن هل نشهد جزاء أمريكا أو لا نشهده؟ أهو في الدنيا أم يؤجل ليوم الفصل؟ الله أعلم.<BR>ولكن ما نؤمن به هو قول الملك العدل _سبحانه وتعالى_: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"، "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)، وقول نبينا _صلى الله عليه وسلم_: "إن ربك ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته"، هذا ما يقرره أهل الإسلام ويقر به غيرهم من أهل الأديان.<BR><DIV align=center> <TABLE width=450 align=center border=0 cellPadding=0 cellSpacing=0> <TBODY><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">فإلى لقاءٍ تحت ظل عدالةٍ </SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">قدسية الأحكام والميزان</SPAN> </TD> </TR></TBODY> </TABLE> </DIV><BR><BR><BR><BR><BR><br>