حين سقطت حكومة طالبان عقب الاعتداء الأمريكي عليها، وأفلتت منها أزمة الأمور في أفغانستان بسقوط آخر معاقلها في قندهار، خرج كتابنا وصحفيونا يصفقون بعنف للانتصار الأمريكي، ويحتفون بغلبة ( التحضر ) و ( العقلانية ) و( المدنية ) على ( التخلف ) و ( الظلامية ) و ( القروسطية )، وأخذوا يبشرون بمستقبل ( زاهر ) ومعيشة ( مختلفة ) للأفغان، وخرجت عشرات المقالات بكل ما وسعته قواميس التشفي والسخرية في انتهازية مقيتة وفي نظرة عجلى لا ترى أبعد من الواقع الحاضر .<BR><BR>وكان كثير من أولئك الكتاب والمحلليين و ( المهللين ) يرون أن سقوط طالبان كان حتمياً لامناص منه، وأن من يقف في وجه القوة العظمى لابد له أن يخسر على أية حال .<BR><BR>ومع أن تلك الأصوات المنكرة تجاوزت وتعدت كل الاعتبارات الدينية من مثل علائق الإخاء ووجوب النصرة والموالاة بين المسلمين مهما كان الاختلاف بينهم في مقابل معسكر الكفر، ولو كانت النصرة بالكلمة الطيبة و الخبر الصادق ، ورغم غياب أبسط مبادئ الإسلام في التعامل مع الحدث في حديث أولئك وتحليلاتهم إلا أنه غابت عنهم أيضاً مبادئ سياسية بسيطة وتحليل يفرضه المنطق في أن الغلبة في النهاية لم ولن تكون لأمريكا ومن معها، فتجربة البلد التاريخية وواقع المقاومة في كل بلاد العالم يسجل بوضوح أنه مهما طال عمر الاستعمار، ومهما مكن للمستعمر أو لأذنابه فإن أهل البلد ومواطنوه المخلصون هم الباقون، وستكون لهم الغلبة في نهاية المطاف . <BR>لم تكذب تنبؤات أولئك فحسب ، ولم يتحقق شيء من الوعود الأمريكية للأفغان رغم مرور أكثر من عام على إطلاقها فحسب، بل عادت حركة طالبان وأخذت تجمع صفوفها وتبسط سيطرتها على مقاطعات ومدن بشكل متسارع في أخبار تتناقلها وسائل الإعلام هذه الأيام . <BR>أقول: بودي حقيقة أن أرى أولئك الكتاب و ( المحللين )، وأرى تقاسيم وجوههم وهم يقرؤون أخبار انتصارات طالبان المتوالية، والإعلان في على مناطق في أفغانستان في اتساع وتمدد أخاف ( كارازي ) وشيعته وجعلهم يستصرخون بأوليائهم الأمريكان .<BR><BR>كم يفرح ذلك الخبر نفوس المؤمنين، ويشفى شيئاً مما أصابها جراء تلك الحملة الظالمة، وكم يثير من مشاعر الحنق والبغضاء والهلع في نفوس أولئك الذين جعلوا من ألسنتهم وأقلامهم مطية لعسكر الكفر ، يمهدون له الطريق بالمقالات المسمومة، ويفرشون له الدرب بالتخذيل ونشر الهزيمة النفسية . <BR><BR><br>