أزمة "الجورب" السوداني في الفهم الأمريكي!!
23 شعبان 1424

وفي 1 يونيو قضت محكمة في نيالا ( ( بالسودان )بجلد فتاة قاصرة 30 جلدة، وقالت محكمة المحافظة -كانت تسمّى سابقاً محكمة النظام العام-: إن عزيزة صالح آدم (15 عاماً) لم تكن ترتدي جورباً يغطي قدميها، وتم تنفيذ الحكم بالجلد في نفس يوم صدور الحكم، قالت عزيزة _التي كان أفراد من شرطة أمن المجتمع قاموا باعتقالها أثناء عملها في بيع الشاي على الطريق_ أمام المحكمة: إنها لم تكن ترتدي جورباً بسبب أنها لم تملك ثمنه". </br>قرأت هذه الفقرة أثناء تجولي في الشبكة العنكبوتية ضمن تقرير: "دورية حقوق الإنسان السوداني عدد رقم 15- يونيو ‏2003م‏ بعنوان: محاكمة نظام قاتل‏"!... </br> </br>ولا أكتمكم فقد شعرت بالارتياح، وقلت في نفسي: هذه بشرى خير، وليت كل دعي كان على هذا القدر من الجرأة والبله! وإن شئت فقل: السذاجة الممزوجة بشيء من الصفاقة! </br>فقد كنت أظن أن مثل كاتب هذا التقرير نظراالتحاقه بهيئة عالمية محكمة التنسيق والتنظيم، كنت أحسبه يستفيد من تخطيط وتدبير من فوقه ومن سبقوه، وضل عني قول الشاعر:</br><DIV align=center> <TABLE width=450 align=center border=0 cellPadding=0 cellSpacing=0> <TBODY><TR> <TD width=45% valign=bottom align=left> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">ولو لبس الحمار ثياب خز</SPAN> </TD><SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA"><td width=10%> </td></span> <TD width=45%> <SPAN dir=rtl lang=AR-SA style="FONT-FAMILY: 'Times New Roman'; FONT-SIZE:18; mso-ansi-font-size:18; mso-fareast-font-family: 'Times New Roman'; mso-ansi-language: EN-US; mso-fareast-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-SA">لقال الناس يالك من حمار!</SPAN> </TD> </TR></TBODY> </TABLE> </DIV></br> </br>عَنّ لي تساؤل على ضوء هذه الخلفية حول من كتب التقرير: هل هو سوداني فعلاً؟ فليس هناك سوداني مبصر، إلاّ وقد علم بالكاسيات العاريات المائلات المميلات، في المطارات الدولية مثلاً ، خاصة وأن السودان بلد فيه ديانات أخرى، ربما رأت بعضها أن العفة والتستر تخلفاً ورجعية، وآخرون لايعرفون لرجعيتهم معنى العفة، وقد رأينا بعض هؤلاء في الأدغال عبر أفلام وثائقية يسيرون كيوم ولدوا! ومن يطالع الفضائية السودانية وما قدر يبدو فيها من تبرج للنساء يعلم يقيناً كذب الحادثة المزعومة أعلاه . <BR>ولو دعونا محققاً أوربياً أو أمريكياً للنظر في هذه القضية فلن يحتاج لمعرفة الحقيقة أكثر من هبوطه على مطار الخرطوم، هذا إن كان في شك من أن بعض راكبات الطائرة قد يغادرنها بالمظلات قبل الهبوط! </br>كانت تلك أمور تختلج في الصدر عند قراءة التقرير، غير أنه -والحق ينبغي أن يقال- لا يمكن القول بأن الفقرة الماضية تخلو من فوائد، فقد استفدت من كاتبها فائدة مهمة، تتعلق بتحليل سياسي وعسكري مهم يوضح سر ضرب مصنع الشفاء بذلك الصاروخ الأمريكي الذكي، والذي لا ينافي ذكاؤه كونه لايرى الفضائيات، ولم تسبق له زيارة السودان طالما أن التقارير والجواسيس، قالت: إنه مصنع كيماوي! </br>قد يقول قائل: نعم الصاروخ الذكي لايرى، ولكن الغبي الذي أطلقه والمعتوه الذي أرسله يرقب ويرصد ويسمع ويرى! </br>ولكن هذا في نظر البعض تحليل سطحي غير دقيق، فلو جاءك أحدهم مقتحماً دارك وأخرج رشاشاً، وقال لك: اخرج وإلاّ صنعت منك مصفاة برشاشي هذا، أعتقد أنه من السذاجة حينها أن تجلس لتعقد حلقات تحقيق موضوعها، هل في الرشاش ذخيرة أم لا؟ والعقل يقضي بأن تعمل رجليك وأن تستنفر طاقاتهما القصوى لتنجو بنفسك، وهكذا الضربات الدفاعية الوقائية الاستباقية الأمريكية أو على الأقل هكذا يصورونها لشعبهم.<BR>وأذكر كلمة للرئيس بوش أثناء غزو العراق أمام تجمع بمركز بعض قواتهم، يقرر فيه نحواً من هذا، ويصور الخطر العراقي وما يمكن أن يقود إليه لو ترك، وفي الوقت الذي ظهر فيه منظر الجنود من خلفه وهم يصفقون إعجاباً، تصورت منظر ملايين الأمريكين خلف شاشات التلفزة وهم يضعون أيديهم على قلوبهم أو أفواههم خوفاً من الرعب القادم من الشرق الأوسط، والذي يحدثهم عنه مخرجه.<BR><BR>لقد كان آباؤنا يحدثوننا بقصة على سبيل الدعابة، فقد كانوا يعدونها فكاهة أو كما نقول (نكتة)، كانوا يحكون فيقولون: إن جماعة من الناس يتراكضون والفزع يملأ وجوههم، وقد وقف أحد الغرباء حائراً، لايعرف ما الخطب ولا أحد يريد أن يقف فيكلمه ليعرفه، فلم يجد بداً من أن يوقف أحدهم بالقوة دون أن يلتفت لدموعه أو يستمع إلى توسلاته التي تطالب بإطلاقه ليواصل الفرار، بل قال له سائلاً -وذاك في تلك الحال-: ما بالكم؟ لماذا تتراكضون؟<BR>فقال له الرجل: يا هذا دعني، لقد قالوا بأن كل من له ثلاثة عيون فسيفقئون له أحدها!<BR>قال الغريب: إذن لماذا أنتم خائفون؟ وهل يوجد أحد بثلاثة عيون!!<BR>فقال له صاحبنا: إنهم يفقئون ومن ثم يعدون.<BR>أول ما سمعت هذه الطرفة من أبي -حفظه الله- فلم أتمالك نفسي وجرت الدموع من الضحك ، ثم تمضي السنوات وتصبح الطرفة منطقاً تقنع به الإدارة الأمريكية شعباً!<BR><BR>وأخيراً.. ليس من الغريب أن يمط بعض الغربيين شفتيه، ثم يقول: للأسف أنتم العرب لا تفهموننا.<BR>وأظن أن هذا صحيح نحن لا نفهم الأمريكان، بل كثيرون لا يحاولون حتى تفهم حججهم، ولكن لعل السبب يمكن وراء كون المليار يسمع ويرى الواقع بعينه، وأما الأمريكان فلا يزالون يعتمدون على أمثال التقرير الذي أشرنا إليه، بالإضافة إلى الأخبار والإعلام المكتوب على ديباجته Made in USA.<BR><BR><BR><BR><br>