صدام... وأمثالك ... لن نحزن عليكم
24 شوال 1424

من حكم مكين وقصر مشيد وظل وريف وآلاف الخدم والعسكر يسهرون على راحته<BR>إلى حفرة عميقة وحيداً هارباً خائفاً .. مشهد ملؤه المهانة والمذلة، ربما لم يكن أحد يجرؤ حتى أن يتخيل حدوثه في جنبات صدره خوفاُ أن تعلم عنه أجهزة صدام القمعية. <BR> صدام .. لست بالضرورة أوجه حديثي إليك فأنت جزء من كل ، وواحد من كثير، ابتلي بهم العالم الإسلامي . ماحدث لك ياصدام ليس نقطة ناشزة في منحنى التاريخ يصعب فهمها ..إنها سنة الله التي خلت في عباده .. طالت فرعون بقوته ، وقارون بماله وستطول غيرك .<BR><BR>اسمك ... شب عليه الصغير ومات من دونه الكبير ما إن يودع الشعب صورتك في المساء مع آخر نشرة أخبار حتى يصبحوا على تماثيلك في كل زاوية من زوايا طرقاتهم .... صورتك فوق رؤوسهم وعلى أبواب مصالحهم . جعلت من نفسك حاضراً في كل لحظة من لحظات حياتهم ولو كنت تستطيع لحضرت لهم حتى في منامهم .<BR><BR> لم تكن رئيساً للعراق بل مالكاً له .. بسهوله وجباله ...بثرواته وشعبه ..لا يرد لك أمر ولا ينسب إليك وزر، إن أنفقت على العراق كانت نفقتك كرم وعطاء، وإن أخذت (نهبت ) كان أخذك حقاً ووفاء . باسمك المسجد والشارع والجامعة والمستشفى وكل شيء يمكن أن يرمز للتقدم والنجاح ، إنها المعادلة القذرة التي يسعى كل مستبد ظالم لإقناع شعبه بها بأن يجعل من وجوده وبقائه وجوداً للوطن وازدهاره ومن زواله وغيابه خراباً للبلد وضياعه ، فكان مصطلح القائد الضرورة تألياً على الله وتمادياً في الغي والعظمة. كثيرون كانوا يودون بقائك ليس حباً فيك ولكن خوفاً من المجهول الذي يعقب زوالك. <BR><BR>آلتك الإعلامية الضخمة لم تكن إلا لتكريس كارزميتك، وتمجيد منجزاتك، ووصفك بكل مديح جاء على لسان العرب ، صحيح إن كثيراً من مظاهر التبجيل لك لم تكن تفرضها على شعبك، بل كان يمارسها أفراد حاشيتك أو قل زبانيتك ، هذه الحاشية التي اشتكيت من خيانتها لك في اللحظات الأخيرة، وعجباً لشكواك وأنت أعلم الناس بها ، كم من صادق مخلص أبعدت، وكم من منافق قربت . بمال العراق الذي اشتريت به الولاء هو المال الذي اشترى به المحتلون ولاء نفس الرجال . <BR> <BR>كنت حذراً لا يمكن أن تغامر بحياتك أو مستقبلك، ولكنك كنت مقامراً بالعراق كله، على استعداد لتحميله تبعات جنون عظمتك المكبوت في داخلك . <BR>ثم في النهاية أوماقبلها أدركت قيمة الدين في هوية الأمة، فكانت بعض مظاهر التدين، وهكذا كل ظالم لن يجد إلا الإسلام ملجأً يمنحه الشرعية التي فقد . أدركت ولكن بعد فوات الأوان أن ولاء الشعب والعلماء للحاكم العادل هو الولاء الصادق الحقيقي، وأن المرتزقة المتزلفين هم أول من يتخلى عنك .<BR><BR>صدام .... لماذا ظهرت فينا ؟ ما الذي جعلك تجثو على صدورنا ثلاثين سنة ؟ ألأنك قوي ظالم لا يجرؤ على معارضتك أحد ؟ ذلك جزء من الحقيقة، أما الجزء الآخر فهو نحن الشعوب . <BR><br>