الإدارة الأميركية تتجمد .. فهل من مشمر ؟
28 ذو القعدة 1424

[email protected]<BR><BR><BR>منذ بدء العام الميلادي الحالي بدأت الإدارة الأميركية تدخل مرحلة البيات الانتخابي، والذي يمتد إلى نهاية العام ، وأهم ملامح هذا البيات السياسي عدم القدرة أوعدم الرغبة في المجازفة باتخاذ قرارات غير محسوبة تضر بالحملة الانتخابية ، و تبدأ أيضاً حملات الهجوم المكثفة في اكتساب قدرة أكبر في تعرية الإدارة الأميركية التي تفقد عادة في هذه المدة قدراً كبيراً من هيبتها وسطوتها ، وتحدث إعادة فرز في القوى الداخلية الأميركية لتتراكم بأجمعها خلف المرشحين ..<BR><BR>وحسب مدلولات التجمد في السياسة الأميركية ربما يكون رحمة من الله _عز وجل_ أن جعل الأميركيين يقنعون بأربعة سنوات فقط كمدة حكم رئاسية ، وهي مدة قصيرة جداً لا تمكن المرشح من بلورة رؤية واضحة أو إحداث تغيير جذري ما لم تصحبه عوامل أخرى ، ولذلك يبدو الرئيس الأميركي دوماً في مخيلة الجميع، وكأنه دمية يحركها آخرون بمهارة فائقة حتى ينتهي دوره ..<BR><BR>و مع الولع الأميركي غير العادي بالتخطيط المستقبلي ، فإن أي رئيس جديد يصبح همه الأول عندما يستريح للمرة الأولى في المكتب البيضاوي التخطيط للحملة الرئاسية القادمة ، ويتحول هذا الهدف إلى معيار هيستيري لتقويم أداء الرئيس وإدارته ، ومع ابتعاد العقل السياسي الأميركي الفردي والجمعي عن الرشد بدرجة كبيرة ، فإن نتيجة استخدام هذا المعيار التقويمي تأتي غالباً ضد الصالح الأميركي العام ، إذ فرق كبير بين سعي الإدارة لإرضاء الشعب الأميركي حقيقة ، وبين أن تسعى لجعله يعتقد أنه راض عنها ، ولا وجه للمقارنة بين الحالتين ..<BR><BR>وبناء على ما سبق يمكن القول: إن مدة الرئاسة الثانية تكون مدة هادئة شعارها تحقيق المجد الشخصي و مكافأة المؤيدين والممولين، وتصبح الحسابات الانتخابية هامشية ، وتكون قدرة الإدارة على اتخاذ قرارت جذرية ومُجازِفة أكبر من المدة الأولى ، وهذا وضع ذو حدين في الحقيقة ، فقد يحمل هذا التوجه في طياته سمت الخمول، وقد يحمل سمت المغامرات غير المحسوبة ، لكن يبقى القول: إن الرئيس ذو المدة الواحدة قد يكون أقل ضرراً منه في حال ترأسه لمرة ثانية - والله أعلم - ..<BR><BR>والهدف من هذا العرض أن نشير إلى المدلولات الاستراتيجية التي يمكن أن تفيد السياسة العربية بوضعها الحالي، وليس حسبما نطمح إليه ، وهذه الإشارة قد تتمخض فائدتها عن بيان مستوى التفريط السياسي العربي لا أكثر ، فأولاً : لا يوجد داع أبداً لمواصلة الاستجابة للضغوط الأميركية في شتى المجالات بنفس الوتيرة العادية ، فلا مجال هنا لممارسة ضغوط كبيرة ، وما كانت أميركا ستحصل عليه في عام ، لماذا لا يكون في عامين أو ثلاثة ؟ وهذا يكشف مدى التردي السياسي الذي وقع فيه العقيد القذافي بتنازلاته الاستراتيجية التي لم تصاحبها ضغوط تتناسب معها ولا حتى مغريات ، خاصةً مع الرفض الأميركي المهين لإعادة العلاقات .. ثانياً : يمكن للقوى السياسية العربية أن تعيد حشد ما تفرق من قواها تحسباً لمرحلة جديدة من الضغوط ، فلماذا لا يتم تدعيم الجامعة العربية مثلاً ، أو اتخاذ مواقف موحدة من الوضع العراقي ، أو تدعيم الموقف السوري .. ثالثاً : إعادة تنظيم الجبهة الداخلية بعيداً عن الضغوط الأميركية ..<BR><BR>ولا يتسع المجال لعرض المزيد ، ولكن الخطوة الهامة هنا : إدراك الفرصة التي يقدمها الظرف الأميركي الحالي ، والمؤسف أن المعطيات تشير إلى أن القصور الذاتي في الأداء السياسي العربي يظل مؤثراً وفق ما يسبق حتى يتجدد مرة أخرى فيما يلحق .. <BR><BR>- ينشر بالتزامن مع جريدة المحايد.<BR><BR><br>