الدينار الجديد.. هل يفلس المقاومة العراقية؟
5 ذو الحجه 1424

يبدو الوعي العام العربي منذ احتلال العراق في أسوأ حالاته، البعض يعارض ذلك معتبراً أن الإعلام الفضائي - الشبكي يقوم بدور بارز في تدعيمه منذ سنوات، لكن موانع الوعي قويت كذلك، خاصة تلك التي تنبع من الذات وتمنع المرء من رؤية الفوارق بين الحق والباطل، وظاهرة الهوس بالدينار العراقي تكشف مستوى الوعي العربي وتؤكد حقيقة هامة : أن العرب يجمعون في وقت واحد كافة السلبيات والإيجابيات لكن المشكلة في نسبة كل منها، وبدلاً من اعتبار القاعدة العامة التي تُعد بالأكثرية للحكم على شعب ما، فإن من شاء ينتقي ما شاء من تصرفات الشعوب ليخرج علينا زاعماً: لم تراعوا لم تراعوا فالناس بخير ..<BR>ولنا في ظاهرة الهوس الديناري تلك ثلاث إشارات؛ أولها: مدى الوهم الذي تحترف فئات من الأمة الوقوع فيه، ويعلم الله من هو العبقري الذي نفث هذه الفكرة في هشيم الوعي العربي، ليصبح الدينار العراقي بين يوم وليلة عمل الأثرياء وحلم الفقراء ما يذكرنا بأزمة سوق المناخ في الكويت قبل سنوات، حيث تداول الناس الوهم في البورصة ليفيقوا بعدها على صدمات لا تزال آثارها باقية إلى الآن، ولم نسمع أن دولة من دول العالم حدث لعملتها هذه القفزات الجنونية في أوقات زمنية متقاربة، نعم ربما نسمع عن قفزات انهيارية لكن ليس تزايدية بهذه المعدلات العربية، ولذلك فإن هذه الطفرة لم تحدث إلا في الأسواق المالية الخلفية في أجزاء من عالمنا العربي ..<BR>الإشارة الثانية : "لا قيمة لعملة لا غطاء لها" هذه القاعدة من بدهيات الاقتصاد، والدينار العراقي لا غطاء له إلا ورقة التوت الأمريكية، ولولا الرغبة في محو صورة صدام لما تغيرت العملة، والاقتصاد العراقي تحت الاحتلال الأميركي يمكن تلخيصه بكلمتين " مطبعة بنكنوت " فلا يوجد غطاء من ذهب أو عملة أجنبية، فعلى أي شئ يراهن من يدخرون دينار الأميركان بمئات المليارات ؟ و ماذا يحدث لهذه العملة الهشة لو قرر الأمريكيون مثلاً الانسحاب من العراق بتأثير المقاومة أو الضغوط داخل الولايات المتحدة ؟ أو لو قامت حرب أهلية بين الطوائف المتنازعة ؟ أو لو تحقق الانقسام إلى ثلاث دول لتصدر كل دولة عملتها الخاصة الجديدة ؟<BR>الإشارة الثالثة : هذا الهوس بالدينار الأميريكي من لوازمه الأساسية خذلان المقاومة وحرمانها من مجرد التأييد المعنوي، فالذي يغامر بمدخراته في هذه العملة لا شك سيتمنى لو تستقر الحال في العراق لمن أصدرها، ما يعني أن عمليات المقاومة ستصبح لدى هؤلاء محاولات تخريبية لرؤوس أموالهم، وبدلا من تعاطفه مع المقاومة سيتحول إلى مؤيد للاحتلال حتى النخاع، وسيرفع يديه داعيا ربه أن يحفظ عليه ماله..<BR>ملحوظة : بمجرد الانتهاء من كتابة المقال تسلمت رسالة على الجوال من صديق في مصر يسأل عن آخر سعر لمليون دينار العراقي..!<br>